السؤال: أخ يسأل فيقول: لقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قولها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط، وفي رواية أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشرة، أليس هذا أصح وأصرح من حديث هنيدة بنت خالد الذي ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم صام التسعة من ذي الحجة؟

السؤال:
أخ يسأل فيقول: لقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قولها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط، وفي رواية أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشرة، أليس هذا أصح وأصرح من حديث هنيدة بنت خالد الذي ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم صام التسعة من ذي الحجة؟

الجواب:
المفاضلة لا تكون هكذا.

ما هو حكم صيام أيام العشر من ذي الحجة؟

النبي يقول: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إَِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ.

هل الصيام مفردة من مفردات العمل الصالح أم ليست مفردة؟

فمن صام يقال له: صومك مشروع أم ممنوع؟

يقال: صومك مشروع.

ما يقال: أيهما أصح؟ وأيهما أصرح؟ وبناء على أيهما أصح نقول كذا وكذا.

لكن لو أردنا أن نحرر هل النبي صلى الله عليه وسلم صام هذه الأيام أم لم يصمها؟! هذه مسألة أخرى.

لو أردنا أن نحرر الآن.

السؤال ليس عن مشروعية الصيام، فالصيام مشروع لأنه فرد من مفردات العمل الصالح، لكن نحرر أيهما الأصح في الروايتين.

ظاهر الروايتين من حيث الإسناد صحيحة.

الآمدي في كتابه الإحكام في أصول الأحكام لما ذكر التعارض، أورد مئة ونيفا من الوجوه، وما زلت أذكر الوجه رقم ( 99 ) في الترجيح، قال: ما كان في الصحيحين أو أحدهما مرجح على ما ورد في غيرهما، يعني يسبق هذا على هذا الوجه، الذي أخونا السائل جزاه الله خيراً ، يسبقه ( 98 ) وجه عند الآمدي في كتابه الإحكام في أصول الأحكام.

هل يمكن الجمع بين الروايتين؟

نعيد حديث هنيدة بن خالد الذي عند أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم صام التسع من ذي الحجة.

أصحاب الشروح يقولون: صام التسع من ذي الحجة، قالوا المراد بالتسع: (( يوم عرفة))، يعني النبي صام اليوم التاسع، وهذا لا يخالف ما ورد عن عائشة رضي الله عنها من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر.

وننبه على خطأ يقع فيه بعض إخواننا الوعاظ بقولهم: سُنية صيام العشر من ذي الحجة، هذا خطأ، فصيام العاشر حرام، العاشر هناك اتفاق على حرمته، ما ينبغي أن يقال هذا الكلام، صيام الأيام العشر.

النبي عليه السلام صام التسع.
ما هي التسع؟
قال: محمد شمس الحق العظيم آبادي شارح كتاب عون المعبود على سنن أبي داود، التسع، يعني التاسع من ذي الحجة، وهو يوم (( عرفة )).

ما هو حكم صيام يوم عرفة؟

ثبت في صحيح مسلم، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي قال: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ.

وثبت عن صيام عاشوراء ( العاشر من محرم)، قول النبي: يكفر السنة الماضية ” وفي رواية ” صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله.

قيل لابن الجوزي: ما هو السر في أن صيام يوم عرفة يُكفر ذنوب سنة ماضية وسنة لاحقة، وصيام عاشوراء الذي نجى الله فيه موسى من فرعون يُكفر ذنوب سنة ماضية.
فقال ابن الجوزي:يوم عاشوراء يوم موسوي،ويوم عرفة يوم مُحمدي، ولما كان محمد أفضل من موسى، فكان صومه يُكفر ذنوب سنتين، وكان صوم اليوم الذي نجى الله فيه موسى من فرعون يُكفر ذنوب سنة.

وهذه مسائل توقيفية، لله فيها أسرار، هي عند الله، ولا يمكن للعقل أن يحيط بها، وبأسرارها، ولكن يمكن أن يتلمس شيئاً منها.

صحَ الخبر فالحمد لله.

فصيام التسع هذا حكم لغير الحاج.

هل الحاج له أن يصوم عرفة؟

لا يصوم عرفة، الصحابة وقع بينهم خلاف في مسائل وكان هنالك إمرأة كثّر الله أمثالها ، عاقلة، وما أحوج طلبة العلم إلى منهجها في رفع النزاع والخلاف، سمعت أن الصحابة وقع بينهم لجة في عرفة، وعرفة ما يستحق اللجة، عرفة يوم إخبات، يوم دعاء، يوم ذكر،هل النبي عليه السلام صائم أم مُفطر؟ بعض إخواننا من طلبة العلم على مسألة ما يقيم الدنيا ولا يقعدها، وما يحسن التصرف، فكانت امرأة عاقلة فطنة، فكان معها ماء بارد -وقليل من اللبن، فأرسلت للنبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الناقة يدعو؛ كوباً من الماء البارد قد شيب بلبن، فالنبي عليه السلام وهو على الناقة شرب، فقالت: انتهى النزاع والخلاف، وهذه اللجة ما نحتاجها بعد هذا.

اختلف أهل العلم هل الحاج إن صام يقع في مكروه أم في حرام؟

يعني حكم صيامه مكروه أم محرم للحاج ؟

هذا مما وقع فيه خلاف، ومما ثبت في مسند أحمد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب.

فقال بعض ائمة الهدى: قرن النبي صلى الله عليه وسلم في حق الحاج في يوم عرفة، مع يوم النحر، مع أيام

التشريق، قالوا: فيحرم صيام عرفة للحاج، أما غير الحاج، فيسن في حقه الصيام.

وهناك شيء يسمى ( التعريف ) : ومعناه أن ينقطع الإنسان في وقت انقطاع الحجيج يوم عرفة بالإبتهال والدعاء إلى الله عز وجل، يوم عرفة ممن لم يُدرك الحج، كان السلف، ومنهم ابن عباس ، كانوا يعملون ( التعريف) ، وثبت بأسانيد صحيحة عن ابن عباس أنه كان يُعرف في يوم عرفة، ولكنه كان يفسر سورة البقرة، فيجلس في هذا اليوم ويعلم الناس القرآن، وتوسع أهل الشام في ( التعريف )، وأول من توسع في التعريف ( مكحول ) ولذا جعل أهل العلم ( التعريف ) يوم عرفة بدعة.

والصواب أن ( التعريف) قسمان:

إذا كان التعريف لتعليم الناس و الصيام والدعاء، فهذا أمرٌ لا مانع منه.

وأما إذا كان على النحو الذي غالى فيه ( مكحول ) فهو أمر مذموم مرفوض وبدعة.

( مكحول ) من أين؟
من أفغانستان.
( مكحول ) كان هو وجماعة من علماء دمشق يوم عرفة وهم في دمشق، ينزعون الملابس المخيطة، ويلبسون لباس الإحرام، ويقفون كما يقف الحجيج، ويدعون حتى يؤذن المغرب، فيفطرون ويلبسون اللباس، هذا الذي سمي ب ( التعريف ).

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لما يذكر ( التعريف )، يقول: ( التعريف ) كلمة مُجملة منها المقبول، ومنها المردود، فإذا كان فعل الحجيج والخروج عن المخيط فهذا أمرٌ ممنوع، أما إذا كان مجرد الدعاء والصيام والابتهال إلى الله تعالى ، أو للتعليم كما فعل عبد الله بن عباس فلا حرج فيه، وهذا ( تعريف ) محمود.

الصيام لا حرج فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم حثّنا على الصيام، و لا سيما صيام يوم ( عرفة ) لغير الحاج.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من الصيام في شعبان، وعمم الفضل في العشر الأوائل من ذي الحجة.
وأفضل عمل تعمله في العشر الأوائل من ذي الحجة، ( الحج )، فهو واجب الوقت، فإن لم تتمكن من الحج، فأفضل عمل تعمله في هذه العشر هو ( الفرائض ) فكلٌ منكم يبحث عن فرضٍ قد ضيعه، وأفضل عمل فيهن على الإطلاق إنما هو ( الحج ).

⬅ مجلس صحيح مسلم.

2 ذو الحجة 1438 هجري 2017 – 8 – 24 إفرنجي

↩ رابط الفتوى:

السؤال: أخ يسأل فيقول: لقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قولها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط، وفي رواية أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشرة، أليس هذا أصح وأصرح من حديث هنيدة بنت خالد الذي ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم صام التسعة من ذي الحجة؟

⬅ خدمة الدرر الحسان.✍✍

⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:

http://t.me/meshhoor