السؤال الأول أخ يسأل فيقول الرجاء من الشيخ أن يبين لنا حكم اتخاذ السترة…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/08/السؤال-الأول-أخٌ-يسأَلُ-فيقولُ-الرَّجاء-من-الشَّيخ-أن-يُبيِّنَ-لنا-حُكمُ-اتِّخاذِ-السُتْرَةِ-في-الصَّلاة-،-هل-هو-واجبٌ-أم-جائزٌ-؟.mp3الجواب : الأدَقُ أنْ يُقال هل هو واجِبٌ أم مَسْنُونٌ ، لأنَّهُ لا نِزاع بينَ العُلماءِ في أنَّ السُتْرَةَ مَشْروعَةٌ ، ولكنَّ الخِلافَ بينَهُم هل السُّتْرَة واجِبة؟
أم أنَّها مَسْنُونة؟
فَقَوْلانِ لِلعُلماءِ ، ومالَ أهلُ الحَديثِ قديمًا وحديثًا إلى وُجوبِ السُّتْرةِ ، ومالَ أهلُ الفِقهِ قديمًا وحديثاً   إلى أنَّ السُّتْرةَ مَسْنُونة ، وُكُلٌّ مِنَ الطَّرفَيْنِ اعتمَدَ على نُقولٍ صَحيحةٍ ، والتَّدقيقُ والتَّحقيقُ في المَنْقولِ وفي ألفاظِ النُّصُوصِ هو الذي يُوقِفُ على الراجِحِ -إن شاء الله تعالى- فالفُقهاءِ اعتمدوا على حديثِ عبدِ الله بن عباس في صحيح البُخاري ، وفيه أنَّ النَّبيَّ -صلَّى  الله عليه وسلَّم- صلَّى في مِنَى إلى غَيرِ جِدار ، فقالوا : صلاةُ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مِنَى كانَ لغيرِ سُتْرة ، فكان لغيرِ جِدار ، والنّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يُمكنُ أن يَترُكَ واجِبًا ، فإذًا السُّترَةُ مَسْنُونة ، والمُحدِّثونَ أيضًا استدَلُّوا بِحديثٍ أخرجَهُ الإِمامُ البُخاريُّ عن أبي سعيدٍ الخُدريّ -رضيَ الله تعالى عنه- قالَ : قالَ صلَّى الله عليه وسلَّم :”إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: {إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِم  .
 
المُحدِّثون يقولونَ لِلفُقهاء : أنتم تقولونَ أنَّ منْ مرَّ بين يَدَيِّ المُصلِّي فَليَدْفعْهُ   دفعُ  الصَّائل ، فلو لمْ يجد إلَّا بأن يدفَعَهُ فسقطَ فماتَ فلا شيءَ عليهِ ، فكيفَ تقولونَ هيَ سُنَّة، أنتم تقولونَ هذا ، فكيفَ تقولونَ أنَّها سُنَّة ؟ والنَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى المُصلِّي أنْ يُصلِّيَ إلَّا وأنْ يتخِذَ سُتْرة ، فقال :”إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ ” ، ثُمَّ أمرَ النَّبيُّ -صلَّى الله الله عليه وسلَّم- بِأمرٍ جديدٍ فقالَ : “وَلْيَدْنُ مِنْهَا” ،  فالدُّنوِّ من السُترةِ واجبٌ، ثُمَّ أمرَ بأمرٍ ثالثٍ وهو    بأنَّه إذا مَرَّ مار بين   يَديِّ الإنسان أي بينَه وبينَ سُتْرته قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- “ فَليقاتِله ” وفي رواية “فَليدْفَعه” ثُمَّ علَّل النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ذلكَ بِقوْلِه : “فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ” ، وقالوا هذهِ لا تُطْلَق في السُّنَن ، هذهِ لا تُطْلَق إلَّا في الأُمورِ المفْروضةِ .
 
قال المُحدِّثين للفُقهاءِ : بَقيَ معَنا دليل ، ودليلُنا حتَّى نستجيبَ لكم لا بُدَّ أنْ يُدفع ، لا بُدَّ أن تدفعوه ، قالوا : الأمرُ عندنا سهْل وهذهِ صَنعتُنا، فنحنُ أعلَمُ بالألفاظِ مِنكم ، فلمَّا تَتَبْعنا حديثَ عبد الله بن عباس الذي تَسْتَدلُّونَ بِه على سُنِّية السُّترة، وجدنا أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلَّى في مِنَى ( أيْ في أيَّام الحج ) إلى غيرِ جدار ، ووَجدْنا زِيادةً تُسعِفُنا في المطْلوبِ ، وندفعُ اعتراضَكُم دفعًا ظاهرًا ، وهذه الزِّيادة صحيحة ،  أخرجَها ابنُ خُزيْمة وابن حبَّان في صحيحيهما ، وهذه الزِّيادة فيها من حديثِ عبد الله بن عباس منَ الطُرُقِ نفسِها التِي رواها الرُّواة ، والحديث فيه “صلَّى النَّبيُّ صلى  الله عليه وسلم في مِنَى إلى غيِْر جدار”  ووضَعَ عَنَزةً بينَ يَديْه  ، فلا يلزَمُ من عدمِ صلاةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في مِنى إلى غيرِ جدار ، أن يكونَ صلَّى إلى غيرِ سُترة ، فكانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلَّم- قدْ وضعَ عَنَزةً ، وقد ثبتَ في الصَّحيح من حديثِ النَّبيِّ-صلى الله عليه وسلَّم- أنَّه كانَ يأخذُ معه عنَزَةً ، وكانت تُحمَلُ بيْنَ يَديهِ في مُصلَّياتِ العيدِ ، والنَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقولُ كما ثبَتَ في الصَّحيح  : ” يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ” رواه مسلم (٥١١)،  ، فخَصَّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ثلاثةُ أصناف الكلب والحمار والمرأة الحائض ، فكيفَ تكونُ السُّتْرَةُ مَسْنُونة ويقطعُ الصَّلاة ثلاث !!  فقالوا : قَطعُ الصَّلاة أي نُقصانُ ثَوابِها، قُلنا : لا !!، انفرَد الإمام أحمد من بيْنِ سائرِ إخوانِهِ الفُقهاء ، وانفرادُهُ صحيح ؛ من أنَّ المُرادَ مَن[ يَقطعُ الصَّلاة ثلاث] أي البُطلان لروايةٍ ثبتت وصحَّت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيها قوْله -صلى الله عليه وسلم- “ تُعاد الصَّلاة من ثلاث ” ، و في لفظ “ يَقطع ” ، وفي لفظ “ يُعاد ” فإذًا ما الفرق بيْن لفظ “يَقطع” ولفظة “يُعاد” ؟
 
قالوا : يَقطع : أي يَنْقُص أجرُها أو يُنْقِص أجرُها ، قالوا : لا !! النَّبي صلى الله عليه وسلمُّّ يقولُ تُعاد !!  تُعاد غير يقطع !  تُعاد الصَّلاة تدلُّ على أنَّ هذهِ الأصنافِ الثلاثةِ إنّما تدلُّ على البُطلانِ ، وحديث تُعاد الصَّلاة من ثلاث لَعَلِّي عزَوْتُه في هذا المجلسِ لعائشة والحديث حديث أبي ذر : عن النَّبيِِّ صلى الله عليه وسلم قال: “تُعادُ الصَّلاَةُ مِنْ مَمَرِّ الحِمَارِ، وَالمرْأةِ، وَالكَلْبِ الأسْوَدِ” . رواه ابن خزيمة في صحيحه [2/21].
والحديثُ في السلسلةِ الصّحيحةِ لشيخِنا الإمام الألبانيّ -رحمه الله – وأظنُّ أنَّ بعضَ الأخوة سألني هل هوَ من حديثِ عائشة !؟  فبحثَ في مُسندٍ لعائشة فلم يجدهُ قديمًا والحديثَ في السلسلة الصحيحة برقم ( 3323 ) ، تُعاد الصلاة من ثلاث ، ولذا ثبتَ عند ابن أبي شيبة من قولِ ابن مسعود (وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلّم ) وقولُهُ لهُ حُكم الرَّفع للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال : (مُرور الصَّبي بين يديّ المصلِّي يُنقِصُ نِصف أجرها) ، فإذا كان مُرورُ الصَّبي ومرورُ الرجلِ من بينِ يديِّ الرَّجل يُنقِص الأجر ،! فأصبحَ هذا يُقوِّي قوْل ( أنَّه يقطع الصلاة ثلاث)  و المرادُ بها البُطلان ، والله تعالى أعلم .
 
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
 
9 ذو القعدة 1437  هجري
2016 / 8 / 12   افرنجي
 
↩ رابط الفتوى :
 
◀ خدمة الدُّرَر الحِسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان .✍✍?