السؤال الثالث عشر أنا أريد أن أتوب من مظالم الناس هل إذا قلت…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/08/AUD-20160830-WA0007.mp3الجواب : لا ،
يَأتي واحِدٌ يَقُولُ لَكَ: يا شيخ سامحْني. حَسَناً أُسامِحُكَ، لِمَاذا؟
لا يَذكُرُ لَكَ السَبَب بماذا ! يعني بَعضُ النّاسِ – غَفَرَ اللهُ لَنَا وَلَهُم – يَتَكلَّمُ عَلَى الإنسانِ بِعِرضِهِ، ويشوِّهُ سُمعَتَهُ، ثُم يَظُنُّ أنه إذا قال سَامِحْني (وَأنّتَ مِسكينٌ غَافِلٌ لا تَعلَمُ شَيئاً) فإِذا أَردتَ أنْ تَتوبَ تَوبَةً نَصُوحَةً فَمَنْ سَوَّدتَ وَجهَهُ أمَامَ النّاس وتريد أن تَطلُبُ مُسامَحَتهُ !!فعليك أن تُبيِّنُ حَالَهُ الحَقيقي أمَامَ مَن شَوّهتَ سُمعَتَهُ ،وَمَن أَسَأتَ إِليَه أمامهم.
جاءَ رَجُلٌ إلىَ الإمَامُ أحمَد كما يَذكُرُ القَاضِيَ أبو يعلى: فَقالَ لَهُ سَامحني فَإنّي طَعنتُ فِيكَ، فَقالَ :سَامَحتُكَ، فَقالَ تَلَاميذُهُ: كَيفَ تُسامحُه ( يَعني كَيفَ تَقولُ هَذا وَقد أسَاءَ إليكَ)؟.
فَالواجِبُ أنْ تُحسِنَ ، مَن أسَاءَ الواجِبُ عَليهِ الإحسان ،تَكَلّمت بِسوءٍ وبِكَذبٍ، فإذا أردتَ أنْ تَتوبَ تَقولُ : يا شَيخ سَامِحني، وَالواجِبُ عَليكَ شَرعاً مَن ذَكرتَ لَهُ فُلاناً بِسوءٍ وَكَِذِبٍ أن تُصلح، الوَاجِبُ أنْ تُصلِح ، وأنْ تَقول أنا تَكَلمّتُ في عِرضِ فُلانٍ واستسمَحتُهُ وَهذا لَيسَ حَالُهُ وإنَّما هَذا مِن كيسي إلى آخره،
يقول السائل: سَامِحني إذا لَم يكن عِندي أيّ مَظلَمَة ،أو أخذتُ مِنكُم أكثَرَ مِمّا أستَحِقُ وَقت ما كان بيني وبينكم عمل .
قال الشيخ :إذا كُنتَ أنتَ فعلًا لا تَدري فأرجو أنْ تَكونَ هذِهِ الكَلِماتُ فِيها خَيرٌ وَبَركة ، أمّا إذا كُنتَ تَدري فَالواجِبُ عَليكَ أنْ تَقولَ لَهُ إنّ لَكَ عِندي مَبلَغ كَذا وكذا ، لَكَ في ذِمتَي مَبلَغ كَذا ، أمّا أنْ تُدلّسَ وأنْ تُعمّيَ وتَطلُبَ المُسامَحَةَ وَأنتَ ما بيّنت ؛ فَهَذِهِ لَيسَت مُسَامَحَةً .
قال السائل: إذا أضمَرَ صَاحِبُ العَمل أو مال وفي قَلبه غَير ما قال !
بِمَعنى ؛ قالَ : سَامَحتُكَ وهَوَ في قَلبِهِ لَم يُسامِحهُ هل تَحصُلُ بَراءةَُ الذِّمة؟
قال الشيخ :إذا أنتَ بيّنت وَمَا قصّرت، فَالوَاجِبُ عَليكَ ظَاهِره.
لَكِن مِنَ الأشياء التي ينبَغي أنْ تُذكَر (وهيَ مَذكورَةٌ) عِندَ العُلَماء في كُتُبِهِم ، يَحرُمُ شَرعَاً أنْ تُظهِرَ أنَّكَ صَالَحتَ خَصمَكَ ،وَأنتَ لَستَ على صُلحٍ حَقيقي مَعَهُ.
لا يَجوزُ لَكَ شَرعَاً أنْ تُظهِرَ مُسامَحَةً وَأنتَ في حَقيقَةِ أمرِكَ لَم تُسامِح ، هُناكَ بَعضُ النّاس يُظِهَر الصُلح وَهوَ في بَاطِنِهِ لا يريد الصلح ، لالصُلحُ هذا حَرامٌ شَرعَاً ، إمّا أن تُصالِح صُلحاً حَقيقياً، وإمّا أنْ تَقولَ : أنا مَا صَالَحتُ (فُلانٌ ظَلَمَني) أحتاجُ حقي، يَحرُمُ أنْ تَقولُ أنا بَرّأتُ فُلانا وَأنتَ في قَلبِكَ مَا بَرّأتَ فُلانا ؛ فَهذا كَمَا قُلنا الباطن خِلافُ الظاهِر ، وَالمُسلِمُ لا يَكذِب ،المُسلِمُ ظَاهِرُهُ وَباطِنه سَوَاء وواضِح وَصاحِبُ الحقِ،
” إنّ لِصَاحِبِ الحقِ مَقَالا “،
كَما قال النَبيُ (صَلى الله عَليهِ وَسَلّمِ ).
فأنتَ صَاحِب حَقٍ طَالِب بِحقِكَ. لا تُظهِرَ أنَّكَ قَدْ سَامَحتَ وَأنتَ مَاسَامحتَ، لا تُظهِرَ أنَّكَ قَد صَالَحتَ وَأنتَ مَا صَالحتُ.
لايَجوزُ أنْ نَجعَلَ الإنسَان في بِيئِةٍ وَنضغَطَ عَليهِ ضُغُوطَاتٍ مَعنَويَة ، وَنَجعَلـهُ بالإكراه يُصالِحُ فُلانا ، هذا العَملُ حَرام هذا العَملُ ليس شرعي، وهذا العَمَلُ يُمارَسُ كَثيراً لِلَٔاسَف، وَيُمارَسُ كَثيراً باسمِ الطَاعَة والعِبادَة ، فهَذا نِفَاق .
أنتَ تَجعَلُني بِظَرفٍ أنَني أنا رُغّماً عَني وَأنا لا أستَطيع أن أُصالِح فُلانا ، وَفُلانٌ يُسيءُ إليَّ ،وَيَتَكَلّمُ عَليَّ وَانتَهَكَ حُرُمَتي وَتَكَلّمَ بِبَاطِل وَما تَرَكَ شَيئاً إلا وَتَكَلمَ عَلي،ثُمَ تَجعَلُني في ظَرفٍ ضَعيف وَظَرفٍ تَضغَطِ عَلي، وَتجمَعُني مَع كادِر مِنَ الناس عَدَدَاً أو مَقامَاَ أو كثرَةً وَتَقولُ لِي صَالِح فُلانا لَيسَ هذا صُلُحاً شَرعاً ، وَليستُ هَذِهِ عَبادة ، هَذِهِ مُخادَعـة هِذِهِ خَديعةَ، هَذَا لَيسَ شَرعَاً لَيسَ الصُلحُ هَكَذا ،الصُلحُ أنْ تُبينَ أنْ تَضَعَ الأشياءَ في أمَاكِنِها ،وتُظهِر حَق المُحِق وَباطِل المُبطِل ثُم بَعدَ كُلِ هَذا تَقول سَامَحَ، تَقولُ سَامَحَ وَواضِحُ الأمِرُ أما (اللفلَفَةَ وَالشلفَقَةَ و الفهلوةَ والشَطَارَةَ) هَذا عَملَ أهلُ الدُّنيا ولَيسَ عَملُ أهلَ الدَّين، هَذا العَملُ عَملُ أهلَ الدُّنيا وَلَيسَ عَملُ أهل الدَّين، لَيسَ هَذا بالصُلح الشَرعيّ الذي يراد،
الصُلحُ (بابُ مِن أبواب أهل الفقهِ) لهُ أحكامٌ ،وَمِن أهم أحكامِهِ أن يَكون الظاهِرُ وَالباطِنُ سَوَاءً، وأنْ يظهَر المُحِقُ مِنَ المُبطِل، وَأن يظهَرَ الصَوابُ مِنَ الخَطأ، وَأنْ يظَهرَ الظالِمُ مِنَ المَظلومِ ، وَتَتبينَ حَقائِقُ الأُمُور ثُمَّ بَعدَ ذلِكَ تَحصلُ مُصافاة القُلوبِ وَيحدُثُ الصُلحُ، أمّا تَجعلُني بِظرفٍ صَعبٍ وَتضغَطُ عَليَّ وتُحضِرُ جَاهات وَتُحضِرُ أعداداً وَتضغَطُ عَليَّ حتى تَحصَل على ماتُريدُ وَيبقى تَشويهُ سُمعَتُيَ مَوجودَا، مَا هكذا تَحصُلُ البَراءةُ فهَذا صَنيعُ أهلَ الدُّنيا وليسُ صَنيع أهل الدَّين ،ليس هَذا صُنع أهل الدين ، فَالصلحُ لَهُ أحكام فِقهية وَبراءَةُ الذمَةِ لها أحكام فِقهيةُ الواجِبُ عَلينا أنْ يُوافِقُ هذا وَاقِعُنا ،أي أنْ تَظهَرَ حقائِقُ الأُمُورِ وَأنْ لا يَقع ظُلُمٌ .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
22 ذو القعدة 1437 هجري
2016 – 8 – 26 افرنجي