السؤال الثامن أبا مالك يسأل عن سجود التلاوة ما ورد عن النبي صلى الله عليه…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/05/AUD-20170516-WA0039.mp3الجواب: بارك الله فيك، أما حكم سجود التلاوة فقد اختلف أهل العلم على قولين: الأول الوجوب فهو مذهب الامام أبي حنيفة واختيار شيخ الاسلام ابن تيمية وهو الذي أراه صوابا، وبحثنا المسالة يا أبا مالك وأنت من المحافظين على درس صحيح مسلم في شرحنا لصحيح مسلم، وذكرنا أن الانسان إن قرأ في التلاوة كما ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم فإن الشيطان يقول : يا ويلاه أمر فسجد وانا أمرت ولم أسجد ، وفي هذا إشارة ودلالة على أن الأصل في السجود الأمر ، وأما ماذا يقول الذي يسجد للتلاوة، فقد سئل الامام أحمد فقال: أما انا فأقول سبحان ربي الاعلى ، وكأنه ما صح عنده شيء من أذكار سجود التلاوة، وقد صحح الحفاظ أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين. هذا الذي يقال في سجود التلاوة.
وأما مذهب الجماهير فقد قالوا: أن سجود التلاوة سنة، واتفق أهل العلم أن المأموم إذا سجد الإمام سجد، وإذا لم يسجد لا يسجد، فلا يجوز حتى مع قول من قال بأن السجود واجب أن ينفرد المأموم بالسجود عن الإمام، لما ثبت في موطأ الامام مالك أن عمر – رضي الله تعالى عنه- قرأ آية على المنبر فسجد ثم قرأ آية ولم يسجد، فلما سجد سجد معه أصحابه، ولما ترك ترك الأصحاب ولم يسجدوا، فالامام إن سجد سجدنا، وإن لم يسجد لم نسجد.
وأما قراءة الإمام السجدة في صلاة الفجر، فيحسن للإمام أن يترك السجدة أو أن يترك القراءة لسورة السجدة أحيانا، وقد نبه على ذلك عبد العظيم المنذري صاحب الترغيب والترهيب قديما، فنقل ذلك عن جمع من أهل العلم قال: يعتقد العوام من أهل مصر وهذا ليس خاصا بهم وإنما هو عام ،يقول: يعتقدون أن صلاة الفجر يوم الجمعة في الركعة الأولى ثلاث سجدات، ومن لم يسجد السجدات الثلاثة فصلاته باطلة. فإذا واظب الإمام على قراءة السجدة أو على قراءة غير سورة السجدة ولكن على قراءة سورة فيها سجدة فاعتقد الناس ما نبه عليه المنذري رحمه الله تعالى من أن صلاة الفجر في الركعة الاولى ثلاث سجدات فالواجب عليه حينئذ أن يحيد عن السجدة ليُعلم الناس إن سجودنا سجود تلاوة وليس سجودنا سجود كسائر السجدتين .
وكذلك البسملة إذا الإمام داوم على ترك البسملة فأصبح المأمونون لا يقرؤونها فيحسن للإمام أن يجهر بها، ليعلم الناس إنها من الفاتحة وابن كثير قراءته فيها الجهر وهي قراءة متواتره ، فيحسن باخواننا الأئمة بين الحين والحين أن يجهروا بالبسملة في الفاتحة ، الآن لو طلبت من ولد صغير وقلت له اقرأ الفاتحة، بعض الصغار وهو لا يشعر يبدأ ” الحمد لله رب العالمين” طيب أين بسم الله الرحمن الرحيم، هو يسمع الإمام وهو يقرأ وقد تعود أن الإمام يقرأ الحمد لله رب العالمين، فلما تقول للصغير اقرأ الفاتحة يقول الحمد لله رب العالمين، أين بسم الله الرحمن الرحيم؟
ففي الحديث قال: “وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها”،
آية من الفاتحة، “ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم”
، فالبسملة على أرجح قولي العلماء أنها آية من الفاتحة ، فإذا صار الواحد منا يقال له : اقرأ الفاتحة يقول الحمد لله رب العالمين ، قول له لا يا إمام ، انتبه لأنك لا تبدأها بالبسملة، وعدم جهرك هو سنة ، ولكن اعتقدوا إن البسملة ليست آية ، فاجهر بها أحيانا، اقرأ على قراءة ابن كثير واجهر بها أحيانا. فإذا الناس اعتقدوا أن كل يوم جمعة يجب أن نسجد في صلاة الفجر يوم الجمعة الركعة الأولى ثلاث سجدات وليس سجدتين ، نقول اترك السجدة. من أجل ماذا؟
من أجل أن يفهم الناس أن الركعة الأولى في فجر يوم الجمعة سجدتين ، وليس ثلاث سجدات ، والسجدة الثالثة إنما هي سجدة تلاوة وليست سجدة صلاة. والله تعالى أعلم .
 
وعلى مثل هذا حملوا صنيع الإمام مالك لما ترك القبض، الإمام مالك ترك القبض ، كان يقبض وتركه مرة ، قالوا لماذا ترك الإمام مالك القبض ؟
قال: اعتقد الناس أنه ركن من الصلاة، فتركه.
 
إياك أن تظن أن مذهب الامام مالك السدل فليس هذا مذهب الإمام مالك. والإمام مالك في الموطأ عقد في الموطأ باب سماه ” باب قبض اليد في الصلاة” ، هذا الباب في موطأ الإمام مالك لكن لما رأى بعض الناس قد ظنوه ركنا ،ولذا الأصل في العبادة أن تأخذ منزلتها ، وأن لا نغلوا فيها، والأصل في الغالب من هديه صل الله عليه وسلم أن يبقى غالبا، والمغلوب يبقى مغلوبا والله تعالى أعلم.
 
مجلس فتاوى الجمعه.
16 شعبان 1438هـ
12-5-2017 إفرنجي
 
↩رابط الفتوى:
 
◀خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍✍
 
⬅للإشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor