السؤال الثاني هل يقتضي الأمر والنهي التكرار


الجواب : الجواب دقيق ، وركزوا قليلا معي ، الأمر الذي أمره الله تعالى هل يلزم التكرار ، والنهي الذي نهى الله عنه هل يلزم التكرار ؟
الله مثلا حرم علينا السرقة والزنا هل من ترك الزنا مرة واحدة امتثل النهي فله أن يزني مرة ثانية ؟
الأمر هل هو أمر إيجاب أم أمر سلب ؟
الأمر هل هو أمر تنقله من العدم للوجود ،والنهي أمر عدم .
اتفق العلماء ولا يمكن أن يخالف في هذا أحد من العقلاء أن النهي يقتضي التكرار .
الله تعالى عندما يقول لا تسرقوا لا تزنوا ينبغي أن يبقى هذا الأمر في العدم ما ينبغي أن يكون للوجود .
أما الأمر المعدوم نجعله موجودا فهل هذا يقتضي التكرار، أم لا يقتضي التكرار ؟
الجواب دقيق ، وجواب العلماء يقولون : الأمر ليس له صلة بالعدم ، ولكن لما كان الأمر هو عدم وتريد أن توجده والإيجاد لا يكون إلا بالمرة الواحدة فأصبحت المرة الواحدة تقتضي الأمر باللازم ، الأمر أمر عدم تحوله إلى شيء موجود .
الصلاة مثلا ، الصلاة معدومة، حتى تمتثل أمر الصلاة تريد أن تحولها إلى شيء موجود فهذا يقتضي العدد باللازم ،ثم إن جاءت قرينة على التكرار قلنا بها وإن لم تأت قرينة فتكفينا مرة ،الصلاة ما هو سبب الصلاة ؟
دخول الوقت ، دخول الوقت أمر يتكرر أو لا يتكرر ؟
الجواب : يتكرر ، فلما علق الله تعالى وجوب الصلاة على دخول الوقت وكان دخول الوقت أمرا متكررا فأوجبنا الصلاة كلما دخل الوقت ،
الزكاة مثلا ، ما سبب الزكاة ؟
النصاب والحول ، تتكرر بالنصاب والحول .
مثلا الصوم « فمن شهد منكم الشهر فليصمه» يتكرر الصيام أو لا يتكرر ؟
يتكرر ، علق الله الصيام على رؤية الهلال ، يتكرر الصوم كلما رؤي الهلال.
الحج مثلا ، ما سبب الحج ؟
الجواب : وجود البيت ، هل يتكرر ؟ لا يتكرر الحج ، وجود البيت لايتكرر فالحج لا يجب إلا مرة بالعمر ، لأن سبب وجوب الحج وجود البيت .
لذا العلماء اختلفو قالوا لما آخر الزمان عندما البيت يهدم هل يبقى الحج موجودا أم يسقط .
وقع خلاف بينهم في هذا وهل من طاف في محل البيت أجزأه والبيت غير موجود وهو مهدوم .
هذه المسألة ألف فيها علي القاري رسالة سماها” الآيات البينات في بعض الآيات” ، فسئل عن المسألة فألف هذه الرسالة سئل لو أن الحج لما يهدم البيت .
فالخلاصة أن الأمر يتكرر إن علق الشرع وجوبه على أمر يتكرر أو أوجب الشرع تكراره .
فمثلا الشرع يقول في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم على الغلام في العقيقة قال عن الغلام شاتان متكافئتان في حديث الخزاعية في سنن أبي داود قال « على الغلام شاتان متكافأتان » متكافئتان أي متقاربتان وهذا يفيد أن الأصل في الشاتين تذبحا معا وما تفرقا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم على الغلام شاتان متكافئتان وعلى الجارية شاة .
رجل رزق توأما ماذا يفعل ؟
كل غلام مرتهن بعقيقته في الحديث الآخر .
إذا رزق الإنسان توأم ذكور، كم شاة عليه ؟
عليه أربعة .
إنسان رزق تؤام ذكر وأنثى كم عليه ؟
ثلاثة .
إنسان رزق تؤام ابنتين كم عليه ؟
اثنتين .
فأصبح التكرار من خلال القرينة، الأصل في الأمر أنه لا يدل على العدد ،ويدل على المرة الواحدة باللازم إلا إن وجدت قرينة تفيد التكرار.
والإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام لما ذكر وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة في العمر بحث هذه المسألة، فذكر ومضة لم أرها عند غيره من الأصوليين قال : واستخدام الشارع للأمر في جل أموره إنما يريد الشرع التكرار ، يعني العرف العام في الشريعة يفيد التكرار .
لما كان شيخنا الألباني رحمه الله يسأل عن أحاديث الخضاب
كان النبي عليه السلام يقول إخضبوا خالفوا اليهود والنصارى ، فكان الشيخ يقول الخضاب مرة واحدة يكفي يعني من خضب لحيته مرة واحدة فقد أدى الواجب ولا يلزم التكرار كل مرة الأصل في التكرار يفيد مرة ،إلا إن علق الشرع التكرار على شيء ،والأصل في استخدام الشارع للأمر أنه للتكرار ، والله أعلم .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
2016 – 3 – 25 إفرنجي
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان . ✍✍
⬅ للإشتراك في قناة التلغرام :
http://t.me/meshhoor