السؤال السادس شيخنا أبا عبيدة نفع الله بك هل يوجد تعارض بين قوله تعالى ما…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/12/س6.mp3السؤال السادس: شيخنا أبا عبيدة نفع الله بك هل يوجد تعارض بين قوله تعالى ما على المحسنين من سبيل ) ؛ ومع رجل أخذ آخر معه في سيارتهِ لأجلِ أن يخدمهُ ويقومُ على حاجتهِ وفي الطريق قدّر الله عليهم حادثاً فمات الرجل وأصيب السائق المحسن إصابات عديدة خطيرة والظاهر أنه يدخل في القتل الخطأ كما هو حكم العُرف والقانون والشرع فهل يتعارض مع الآية ؟
 
الجواب : لا ، لا يتعارض مع الآية ، القتل الخطأ أولاً : الإثم مرفوعٌ عنه ، وهو في إحسانهِ لمن خدمهُ وحملهُ أجرهُ ثابت.
والديةُ ليست في مالهِ ، في القتل الخطأ الدية ليست في مال القاتل، وإنما الديةُ في مال العشيرة، يعني يشارككَ في الديةِ إلى الجدّ السادس.
ولمّا دخل الأعاجم الإسلام ، والأعاجم لا يوجد عندهم نظام القبيلة والعشيرة ، فعمرُ – رضي الله تعالى عنه – من إدارتهِ أنهُ جعلَ الديةَ في الديوان، فدوَّنَ دواوين للصنّاع، فجعل ديواناً لكل أهلِ صنعة، وجعل الدية فيهم.
فالدية جبر للميت ، فالميت قد يكون عنده قُصَّر، وقد يكونُ فقيراً فيأخذون الدية ، وهذه الدية تجعلهم يعيشون فترة من الزمن حتى يرتبوا أمورهم ترتيباً آخر.
فالدية ليست عقوبة، والدية لا تعارض قول الله – عز وجل – كما ذكر أخونا – : ( ما على المحسنين من سبيل )؛ والدية ليست عقوبة ، الدية هي : إعطاء المال لأولياء الميت، وهذا المال لا يُغَرّمه القاتل وهذا هو الفرق بين القتل الخطأ والقتل العمد.
القتل العمد في مال القاتل خاصة ، الأصل في القتل العمد القصاص، بمعنى أن من قتل يُقتل ، ولأولياء الدم أن يسامحوا وأن يُسقطوا القتل، ولهم المطالبة بالدية ، فإن سامحوا وطالبوا بالدية فالديةُ ليست من مال العشيرة ( مال العاقلة ) وإنّما الدية من مال القاتل خاصة.
ففرقٌ بين دية القتل ودية القتل العمد، ودية القتل الخطأ.
دية القتل العمد: تُدفعُ مرةً واحدة.
والقتل الخطأ: تُدفعُ منجّمةً يعني تُدفع على أقساط.
ديةُ القتل العمد مئةٌ من الإبل فيها أربعون حوامل.
ودية القتل الخطأ ليست كذلك ليست فيها الأربعون حوامل.
ففرقٌ بين دية القتل الخطأ وبين دية القتل العمد.
وأمّا الأجرُ فحاصل.
ثمّ من الأمور المهمة التي ينبغي ألا تفوت في جواب مثل هذا السؤال لا بد أن نتحقق من سبب القتل، فإن كان هذا المحسن هو الذي سبّب القتل دفع الدية، وأما إن كان غيرهُ فينظر، يعني هل إحسانكَ إليَّ يشفعُ لك إن أسأت ليَّ أن لا آخذ مقابل إساءتك، أنت ما أسأت ليَّ، لكن أخطأت في حقي من غير عمد أنت أخطأت في حقي من غير عمد ، هل خطؤكَ في حقي يشفع لك إحسانُك ألا تتحمل تبعات الخطأ؟
لا، ليس هذا من العدل ، الإحسان أنت مُحسنٌ فيه مجازَى عليه خيراً وما أسأتَ فيه فأنت مطالبٌ به، فإن كان غيرك الذي تسبب في القتل إذ أنت سائق وجاء غيرك ودخل على الخط فكان سبباً لحادث مات فيه من بجانبك فغيركَ هو الذي يدفع الدية ، فالشرعُ أتى بالحق وأتى بالعدل ووضع الأشياء في أماكنها.
 
السؤال: شيخنا كما تعلم أن حوادث الدعس الميت يكون قتل خطأ والتأمين يتولى الأمر؟
 
الشيخ : أخونا – جزاه الله خيرا – أرجعنا يعني بعد أن ربطنا أصول المسألة وجذورها بنصوص النظرية إلى واقع عملي موجود الآن – يقول أخونا : التأمين هو الذي يدفع الدية ؟
إذا وُجِدْ تأمين تكافلي بالشروط المرعية ؛ وعدم وجود المجاوزات الشرعية ونقلنا الدية من العاقلة إلى الديوان، مثل النقابات اليوم المدرّسين لهم نقابات والصناع لهم نقابات وتعاونوا فيما بينهم في دفع الدية فهذا أمرٌ حسن.
أنا أقول ليس عندنا شركات تأمين اليوم، عندنا مكاتب تأمين وهم يردون التأمين إلى شركات كبرى ، وأغلب زبائن شركات التأمين الذين يدفعون الأموال الطائلة يعني أحوالهم – نسأل الله العافية -.
الأمر واقع موجود نقول لك خذ من شركة التأمين ، ودائماً نحن نُعْلِم إخواننا المنهي عنه شرعاً بمثل هذه المسائل ليس كالمعلوم حسّاً، خذ من التأمين وادفع الدية وأنت ماذا دفعت وماذا سوف تدفع هذا كلهُ مما أخذت ، فإن فَضُلَ شيء في ذمتك فالأحبُ إليَّ أن توصي بأن يخرج من ذمتك لمصالح المسلمين العامة، وأما إن كنت قد دفعت مثل هذا المبلغ في حياتك كلها أنت وأهلُ بيتك فلا حرج عليك، يعني أنت الذي يؤخذ منك في التأمين لك أن تستردهُ، فجاءت مناسبة باستردادهِ فهذه المناسبة تأذنُ لك ، وإن كان هذا الإسترداد سيرجعُ إلى أصحابه ( شركات التأمين )  مع مُضي الزمن مع باقي العمر فإن زاد فأنت يعني توصي به – مثلاً أخذت من شركة التأمين ١٢ ألف دفعت أنا في حياتي في التأمين 7 ألاف وبقي 5 ألاف أوصي بخمسة ألاف تُنفق في مصالح المسلمين العامة.
 
ما حكم التأمين الشامل؟
 
طبعا التأمين – بارك الله فيكم – المخالفةُ فيه دليلها ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – أن النبي – ﷺ نهى عن الغَرَر.
والغَرَر ما كانت عاقبتهُ مجهولة، فالتأمين أنا قد أدفع القليل وآخذ الكثير، وقد أدفعُ الكثير ولا أخذُ شيئاً هذا يسمى عند أهل العلم غَرَر.
فكلُ شيءٍ عاقبتهُ مجهولة فهذا غَرَرٌ الشرعُ يمنعُ منهُ.
لذا في البيع لا بد من تحديد المبيع ولا بد من تحديد سعر المبيع ، إذا كان المبيع لا يستطيعُ مالكهُ أن يُسلمهُ فهذا غَرَر، كمن يبيع مثلاً طيراً في الهواء أو سمكاً في الماء فهذا غَرَر لا يقبل فقد يستطيع التسليم وقد لا يستطيعُ التسليم.
فالغَرَر ما كانت عاقبتهُ مجهولة والتأمين فيه غَرَر ، وأشد أنواع التأمين التي فيها غَرَر التأمين على الحياة، التأمين على الحياة أن تؤمن على حياتك لكن لا تعرف كم ستعيش، قد تدفع الكثير ولا تموت وقد تدفع مره ثم تموت، فقد تدفع القليل ثم تموت فيأخذُ اولياؤك وورثتك يأخذون مبلغاً كثيراً، الغَرَرُ في شرع الله عز وجل ممنوعٌ ، والله تعالى أعلم .
 
السؤال: حتى وإن كان التأمين من طرف آخر مثلا أنا أعمل في شركة وعملي خطر، والشركة هي أمّنت على حياتي ماذا يصبح هنا حكمها؟
 
الشيخ : الشرع أجلّ من أن يجعل صحة الناس سلعة تُباع ، الأصل في الدولة أن تؤمن للناس لوازم َ حياتهم بما فيها تطبيبهم ، وضربَ لنا أسلافنا – ولا سيما – في هذا الباب في المغرب العربي أمثلة عجيبة حتى أنهم كانوا يطببون بالطب النفسي يعني كان عندهم الورود والأنهار و مستشفيات تسمى بالمارستانات وهي مستشفيات كانت الدولة تصنع ذلك ويعيش الناس ذلك ، أنا إذا عملت في وظيفة وأمنتتي الدولة فهذا أمر حسن ، أنا إذا عملت وما أخذوا من مالي والشركة التي أعمل عندها يعني هي التي تُشرف على علاجي هذا أمرٌ حسن لا أرى فيه شيئاً.
 
السؤال: هل يجوز لمن قتل له مظلوماً أن يقتلوا القاتل ويأخذوا الدية ؟
 
الشيخ : لا، ليس له ذلك ، حقهُ الشرعي أن جَعَلَ الله له سلطاناً ، قالله تعالى: فلا يسرف في القتل ، قال أهل العلم : فلا يسرف في القتل يعني لا يجوز لمن قُتِلَ له قتيل أن ينفردَ وأن يُنفذَ ذلك بيده، الواجب أن يطلبهُ عن طريق القضاء ، ولو تُركت إقامة الحدود والقصاص للناس لحصلَ فوضى، فإذا أنت لم تعفو فحقك ، ومن حقك في القضاء أن تُنفذَ الحكم بيدك بعد حكم القضاء ، ولك أن توكل من ينفذهُ فيه، فإن طلبتَ الدية أسقطت القصاص، وقد اختلفَ أهلُ العلم لو أن بعضا أسقط وبعضا ما أسقط، فواحد قُتِل ولهُ أولاد، فولد قال نأخذ الدية ونُسقط القصاص والبقية قالوا لا ؛ نريد القصاص ، فجماهير أهل العلم يقولون: لو أن رجلاً أسقط فحينئذ ننتقل إلى الدية، وليس لنا أن نجمع بين الدية وبين القصاص، لكن الخلاف بين أهل العلم هل يُشترط أنه الكل يُسقط أم واحد يُسقط ؟
والله تعالى أعلم .والله تعالى أعلم
 
 مجلس فتاوى الجمعة.
 
20 ربيع الأول 1439 هجري
8 – 12 – 2017 إفرنجي
 
 رابط الفتوى:
 
 خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
 
 للاشتراك في قناة التلغرام:
 
http://t.me/meshhoor