كلمة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حول أحداث 《 تركيا 》 الأخيرة وما…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/07/س-1-1.mp3?? قد جاءت أسئلةٌ كثيرة في الفترةِ الماضية من داخلِ بلدنا الأردن المحروس وخارجها ، تسألُ عن موقفي الذي أراهُ في شرعِ الله – عزَّ وجلَّ – مِمَّا جرى في 《 تُركيا 》 من 《 الإنقلاب 》 ؛ وفي الحقيقةِ لا جديدَ عندنا!..
⬅ فهذا بابٌ محسوم ، قد حسمهُ الشرعُ ، فأوجبَ الله تعالى في كلِّ مسألةٍ أن نَرُدَّ الأمورَ إليه وإلى نبيه – صلى الله عليه وسلم – قال تعالى :
{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ..}
و “شيء” نكرة في سياقِ الشرط فتدل على العموم..
⬅ فمهما كانَ هذا الشيء؛
صغيراً أم كبيراً ، جليلاً أم دقيقاً ،
فالواجبُ رَدُّهُ إلى الكتابِ والسنة ، قال تعالى :
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ..}
?? والواجبُ في مثلِ هذهِ المسائلِ العدل ، وقد قالَ الله تعالى :
{وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } .
↩وقدْ حَسمَ الشرعُ موضوعَ الخروجِ على أولياءِ الأمورِ فحرَّمه ُ؛ و وردت حُرمته في أحاديثَ شهيرةٍ عديدة ، وهذا هو موقف أهلُ السُنَّة و الجماعة.
↩ وحكاهُ – قديماً وحديثاً – علماءُ أهل السُنَّة وأئمتهم بدءاً من الإمامِ أحمد ، والإمامان الرازيان أبو حاتم و أبو زرعة.
↩ فيما نقل الإجماع عنهم الإمام اللالكائي في كتابه [شرح أصول أهل السنة] ، وكذلك وذكر ذلك الإمام أحمد في كتابه [ أصول السنة ] .
⬅ والنبي – صلى الله عليه وسلم – حَسمَ هذا الأمر ، فلمَّا أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه “سيكون أُمراء أَثَرَة ”
أي : يُؤثرون أقاربهم ومعارفهم ويخصونهم دون سواهم ودون غيرهم من الناس ، فلما سُئل صلى الله عليه وسلم : ماذا نفعل؟
كان جوابهُ صلى الله عليه وسلم :
” سلوا الله الذي لكم وأدُّوا حق الله عليكم ”
⬅ وكذلك لمَّا ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – “الأثرة” قال : ” فاصبروا حتى تلقوني على الحوض” .
↩ وكذلك ثبت أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” فمن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فإن جاءه من ينازعه فاضربوا عُنقَ الآخَرْ ، أو قال : فاضربوا عُنقَ الآخِرْ” .
?? ولذا أهل العلم يقولون : ( وهذا مذهب أهل السنة والجماعة) :
((إمام غَشومٌ خيرٌ من فتنةٍ تدوم))
⬅ فالواجب علينا أن نُطيع أولياء الأمور ديانةً ؛ فلا نُطيعهم طمعاً فيما عندهم من مساكن أو مناصب أو مراتب ، ولا نُطيعهم من أجل سَوادِ عيونهم ، ولا من أجل تحقيق مآربهم ، ولا من أجل إثبات شخصياتهم ، وإنما الواجب طاعتهم من أجل أن تبقى هيبة للدولة ، وأن تبقى الكلمة مجتمعة ، ومن أجل أمن المجتمع ، ومن أجل تحقيق المصلحة العامة التي يُقدمها الشرع على المصلحة الخاصة .
?? فهذا حُكْم شرعيٌّ لا يتغير ولا يتبدل ، وإن اختلفت الأمصارُ والأعصار كما هو معلوم .
⏮ فموقف أهل السنة والجماعة مِمَّا جرى في تركيا – فيما أفهم – هو موقفهم من الربيع العربي ، فلا فرق بين الربيع العربي المزعوم وما جرى في تركيا .
↩ 《 فالإنقلاب 》 الذي جرى أمرٌ منكرٌ ولا يجوز ، ولا سِيَّما أنَّ العدلَ يقضي أنَّ هذه الدولة الفتية بدأت تُعطي حُريات للمُسلمين ، وبدأت تُظهر مُكنة ؛ نوع مُكنة ولو كانت يسيرة بالنسبة إلى إقامةِ شعائر الدين ، وبدأ تَحوْل ظاهر في تركيا بالنسبة إلى من قبلهم.
⏮ وأسأل الله – عزَّ وجل -َّ أن يُجمِّل ويحسِّن أوضاعَ المُسلمين وبلادهم في كُلِّ مكان.
?? الذي جرى في 《 تُركيا 》على الرغم من أننا نُنكر مواقف كثيرة ، وهي مواقف مُثبتة ، ولا نقول بالظن والتخمين ، مُثبتة كما يقولون بالصوت والصورة ، فقلت نُنكر كثيراً من المواقف ، ننكر التطبيع مع اليهود الذي سمعناه أخيراً ، ننكر الزواج المثلي ، أشياء كثيرة مُثبتة .
↩ لكن يبقى هذا الإنقلاب حُكمه حُكم الخروج على أولياء الأمور في الربيع العربي وغيره .
⏮ والعجب لا ينتهي من الحركيين!..
أنهم مُتناقضون ، موقفهم في الربيع العربي شيء، وموقفهم من الذي حصل في تُركيا شيء آخر ، وهذا أمرٌ متناقض ، والأصلُ في الأحكام أن تكون واحدة ، لا أن تتعدد ، و الأصلُ في الأحكام أن تنطلق من أصول ، وهذا أصل من أصول أهل السنة .
⬅ ولذا النبيُ – صلى الله عليه وسلم – ما مدح خروجاً وفرقةً وشقاً للصف ، وإنما الذي مدحه مِمَّا حصل من الحسين – رضي الله عنه – رجوعه لا خروجه ، مدح النبي ” الرجوع” -صلى الله عليه وسلم- ، فلا يمكن أن يكون هنالك خروج على حاكم إلا وأمر المجتمع وأمر المَفسدة العامة هي القاضية ، أمر لا يقبل الإنفكاك أبداً ، ومن هاهنا جاءت كلمة أهلُ السُنَّة وإجماعهم .
⬅ الإمام أحمد ؛ كم أُوذي من قبل المأمون في فتنة خلق القرآن؟
وهو أمر ينال العقيدة، وقد كان من حَوْله يُوَشِمَهُ بأن يخرج على الإمام فكان – رحمه الله تعالى – يقول :
” إذا سَلَّ الإمامُ سيفه فإنه لا يُوضع .
إذا سُل َّ سيف الإمام فإنه لا يُوضع.”
↩ فمن الحُمْقِ ومن الغباءِ والمعصيةِ أن نثور على الحكام وأن نُثَوِرَهُم علينا.
⏮ والواجب علينا السمع والطاعة في المعروف ، وأن لا نخالفَ أوامر الله عز وجل .
↩ أيضاً هُنالك عجبٌ من موقف آخر ، وهو تزكية الإنقلاب الذي جرى ! هذا أمرٌ عجيب ، بعض المنسوبين لأهل السُنَّة والجماعة ، يعني المنسوبين للدعوة السلفية ، باركوا الخروج ، وهذا أيضاً خروجٌ عن أصلٍ وقاعدة معلومة عند أهل السُنَّة ، وهذا يذكرك بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -:
وإنَّ الرَجُل ليتكلمُ بالكلمة لا يرى فيها بأساً ، أو قال : “إنَّ الرَجُل ليتكلمُ بالكلمة فتهوي به في النار سبعين خريفاً ” .
↩ فهذا ظلمٌ ، وهذا ظلم ، وهذه مخالفة ، وهذه مخالفة .
⏮ وبالمناسبة حصل خروج على حاكم لم يحَكم بشرع الله تعالى، وكان يميلُ للمُسلمين ميلاً جيدا ً، وكان عادلا ً، واستقبل المُسلمين لمَّا أُوذوا في مكة إيذاءًا شديداً وهو النجاشي ، فحصل خروج عليه والمُسلمون عنده .
↩ فقد أورد ابن هشام في سيرته – طبعاً مأخوذة من ابن اسحق – وأوردها أيضاً ابن عساكر بسنده ، وهي في كتاب [صحيح السيرة النبوية] لشيخنا الإمام الألباني ، لمَّا ذكر وصول المسلمين إلى الحبشة ، وأنا أُسمِعُكم موقف صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – من الخروج والإنقلاب الذي جرى على النجاشي والصحابة هُناك .
↩ يقولون الصحابة بعد كلام طويل : “فأقمنا مع خيرِ جارٍ في خيرِ دار ، يعني النجاشي في الحبشة ، فلم نَنشَبْ أن خَرج عليه رجَلٌ من الحبشة يُنازعهُ في المُلك..” ، خرج على النجاشي رجل من الحبشة نفسها ينازعه في المُلك ، فاسمع ماذا يقول الصحابي ، يقول : ” فواللهًِ ما عَلِمتَنا حَزِنَّا حُزْناً قط أشَدَّ منهُ فَرَقاً – خَوفاً – من أن يظهر ذلك المَلِك عليه.”
يعني حَزِنوا حُزناً شديداً أن يظهر هذا المَلِك الذي خرج على النجاشي ، قال : “فيأتي مَلِكٌ لا يعرفِ من حَقِنا ما كان يعرفه..”
والله هذا الذي نخافُه ، والذي رأيناه من هذه الأمور ما رأينا منه خيراً
⬅ قال : “فجعلنا ندعوا الله ونستنصرهُ للنجاشي ، صار هَمُهم الدعاء والإستنصار.
⬅ “فخرج إليه سائرة ” ، خَرَجَ إليه مع مجموعة كبيرة من الجُنود -مثل ما حصل في تُركيا- عدد كبير جداً وسَلُّوا السيف وساروا إليه ، قال : “فحار أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعضهم لبعض من يخرج فيحضر الوقيعة حتى ينظُرَ على من تكون؟ ”
يعني من منا يذهب يشاهد ما جرى؟
فقال الزُبَيْرُ بن العوام -يقول الراوي- وكان من أحْدَثِنا سناً “، شاب سريع الحركة ، تستهويه هذه الأمور .
“فقال الزُبَيْرُ وكان من أحدثنا سنا ً: أنا ، فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ، فجعل يَسبَح عليها في النِّيل حتى خرج من شقه الآخر ( يعني قطع النيل سِباحة) ، حتى يرى مكان الوقيعة .”
↩ (يعني هنالك عناية وإهتمام من قبل الصحابة) “من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس ، فحضر الوقيعة ، فهزم الله ذلك المَلِك وقتله” ، الذي عمل انقلاب على النجاشي ، وظهر النجاشي عليه ، وجاءنا الزبير ، فلما جاء الزبير قال : “فجاءَ يليح لنا بردائه.” ، حملَ الرداء يُلَوِّح به كعادة العرب ويقول : ” ألا فأبشروا ، فقد أظهر الله النجاشي” هكذا قال أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” فوالله ما عَلِمتَنا فَرِحنا بشيءٍ قط فرَحِنا بظهور النجاشي.”
?هذا حال الصحابة ، فأن يميل القلب إلى العادل ، وأن يميل القلب إلى من يُمَكِّن المُسلمين ولو مِكنةً يسيرةً قليلةً ونُحب ذلك ، هذا من دين الله عز وجل ، قال تعالى : { الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} .
⏮ لمَّا حصل مع أبي بكر الصديق ، وحصلت معه مُغالبة ومُراهنة على المال بينه وبين كفار قريش ، فكان أبو بكر والصحابة يميلون إلى غلبة الروم على الفرس لأنَّ الروم أهل كتاب ، فقط لأنَّ الروم أهل كتاب ،
هذا أصل أصيل في أشياء :
الأول:
أن يميل القلبُ إلى الشرع والدين وإن كان هذا الدين مُحرفا ً؛ وإن كان المُخالِفُ مُنكراَ لأصل الدين ، ( الفرس يعبدون النار) ، فأنتَ لما تُخيَّر بين أمرين ، وجود العواطف مع الدين ، ولو كان هذا الدين في يوم من الأيام الله يحبه ويرضاه، فهذا مُقدَم على ما يخالفهُ وما يناقضه .
الثاني:
وجود الأحكام التي تخص هذا الميل ، الأعمال القلبية في شرع الله عز وجل .
الثالث:
جواز بذل المال من الأثنين في مسائل الدين الظاهرة ، يجوز المغالبة والمراهنة من غير وجود طرف مُحلِّل أي طرف ثالث ؛ فمسائل الدين الظاهرة الكُلِّية الكبيرة العَقدية الواضحة إذا اثنان تغالبا إن كان في شرع الله كذا أنا أدفع كذا ، فهذا أمر لا حرج فيه .
↩ وعليه وعلى مثل هذه المسألة أورد الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه العظيم [ الفروسية ] وهو من بديع ما كتب الإمام ابن القيم – رحمه الله – أورد وأثبت بأدلة كثيرة جواز المُراهنة من الطرفين دون وجود طرف ثالث – طرف مُحلِّل – في المسائل الشرعية الظاهرة وفيما يعودُ على الأبدانِ بالإستعدادِ للجهاد، كما حصل مع النبي – صلى الله عليه وسلم – و ركانة لما صرعه وتراهنا في كل مرة عليها .
? فهذا رأيي ولا جديد فيه ، هذا الأمر لا جديد فيه ، إنما هو فرعٌ من أصل نراه وقام عليه إجماع كلمة أهل السُنَّة والجماعة .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
2016 – 7 – 22
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان .