هنالك من الناس من يأخذ بتبرك الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم دليلا على…

أما التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم فهذا ثابت في حوادث كثيرة، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بكل ما انفصل عنه صلى الله عليه وسلم، وثبت في الصحيحين أنهم كانوا يتبركون بفضل وضوءه، وكانوا يتبركون بتفله، وصح عن الزبير رضي الله عنه أنه شرب دم الحجامة منه، وكانوا يتبركون بشعره، فأم سليم ثبت عنها أنها كانت تأخذ من عرقه وتضعه في قارورة فيها طيب وفيها شيء من شعره، ولما حلق الحجام شعره صلى الله عليه وسلم أخذت أم سليم خصلة منه، وأخذ أنس شيئاً منها، وأنس وزع على بعض طلبته شيئاً من شعره صلى الله عليه وسلم وأخذ ابن سيرين شعرة منه وأوصى أن تدفن معه، فالتبرك بذاته وما انفصل عنه في حياته مشروع ثابت عن أصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حوادث كثيرة.
 
لكن هذا التبرك خاص به صلى الله عليه وسلم فلم يؤثر أبداً أن صحابياً صغيراً تبرك بأبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي. ولم يؤثر عن التابعين أنهم تبركوا بالصحابة، والمسلم له بركة، وبركته على قدر أعماله الصالحة، لكن لا يتبرك بذات غير ذات النبي صلى الله عليه وسلم وقد بين هذا بما لا مزيد عليه الإمام الشاطبي في كتابه النافع “الاعتصام”
 
وهذه المسألة الآن نظرية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم غير موجود معنا بذاته ولا نعرف شيئاً بيقين انفصل عنه، فلا نستطيع أن نقول هذه الشعرة مثلاً من شعره، ولا يجوز قياس غير النبي صلى الله عليه وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا قياس مع الفارق الكبير، والتبرك الذي يفعلوه المريدون مع شيوخ الطرق اليوم فيتبركون بفضل وضوئهم ويتمسحون بهم، هذا تبرك بدعي ما أنزل الله به من سلطان.
 
وكتب سلمان إلى أبي الدرداء (هلم إلى الأرض المقدسة) فرد عليه بقوله: (إن الأرض لا تقدس أحداً، إنما يقدس الرجل عمله) فالعمل هو الذي يقدس ويبرك الإنسان أما ذات مقدسة مباركة يتبرك بها فهذه ليست إلا ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط وما عداه لا يتبرك به .