السؤال: شيخنا هل يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب وباء كورونا؟


السؤال:

شيخنا هل يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب وباء كورونا؟

الجواب:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

سُئلتُْ من أكثر من جهة من أكثر من بلد هل يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب هذا الوباء.

فالجواب: لو كانت الصلاة قائمة في المساجد جماعة واستطعنا أن نصلي الصلاة الأولى وكان هنالك مثلاً حظرُ و منع من الصلاة الثانية جاز ذلك، لأنه ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ جمع من غير خوف و من غير مطر و من غير سفر في روايات متعددة.

الحديث : عن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جمَعَ رسولُ اللهِ ﷺ بين الظُّهرِ والعَصرِ والمغربِ والعِشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مَطرٍ. فقيل لابن عَبَّاسٍ: ما أرادَ إلى ذلك؟ قال: أرادَ أنْ لا يُحرِجَ أُمَّتَه)) رواه مسلم (٧٠٥).

عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ ﷺ الظُّهرَ والعَصرَ جميعًا بالمدينةِ. في غيرِ خوفٍ ولا سفرٍ . قال أبو الزُّبيرِ: فسألتُ سعيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلِك؟ فقال: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ كما سألتَني. فقال: أرادَ أنْ لا يُحْرِجَ أحدًا من أُمَّتِه )) رواه مسلم (٧٠٥).

قال أهل العلم:
هذه أعذار نموذجية يجوز الجمعُ من أجلها، و كذا العُذر الذي يشبه أو العذر الذي هو أقوى من هذه الأعذار لأنه في الحديث نفسه سُئل عبدالله إبن عباس رضي الله عنهما عن سبب جمعه، قال أراد أن لا يُحْرِجَ أُمّته أو قال أراد أن لا تُحْرَجَ أمته .
فالخوف هذا الموجود و يمكننا أن نؤدي صلاة الجماعه أعني الصلاة الأولى دون الثانية يجوز الجمع من أجله، أما أن يجمع الإنسان بين الصلاتين وهو مُترفِّه وهو في كامل صحته ولا يوجد عُذر وهو في بيته فهذا ممنوع، وهذا الجمع ليس بمشروع، وهو من أداء الصلاة في غير وقتها.

و عليه:
فإن حالنا الذي نعيش اليوم لا يجوز الجمع فيه البَتَّة، لأننا نصلي في بيوتنا ونحن مُتَرفِّهون مُتمكِّنون من أداء الصلاة في وقتها، وقد قال الله عز وجل { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} النساء (103) .

كتاباً: أي مفروضاً.
مَّوْقُوتًا: أي موقتتاً بأوقاتها الشرعية التي صلى فيها النبي ﷺ كما ثبت في صحيح مسلم لما سُئِلَ عن أوقات الصلوات، صلى الصلاة الأولى في كل فريضة من الفرائض الخمس في أول وقتها ثم في اليوم الثاني صلى الصلوات الخمس في آخر وقتها، وقال النبي ﷺ مابين هذين الوقتين وقت.

الحديث : وَعَنْ أَبِي مُوسَى عَن النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: وَأَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ، وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَت الشَّمْسُ، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ لَمْ؟ وَكَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ وَقَبَت الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ: طَلَعَت الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، وَأَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ، فَانْصَرَفَ مِنْهَا وَالْقَائِلُ يَقُولُ: احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ سُقُوط الشَّفَقِ -وَفِي لَفْظٍ: فَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ- وَأَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

ولذا لا يجوز أن تُصلى الصلاة في غير مِيقاتها.

هذا و الله أعلم.
و صلى الله و سلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.