السؤال السابع عشر: هل من كلمة للآباء والأمهات الذين تركوا أولادهم مع صحبة السوء؟

السؤال السابع عشر:
هل من كلمة للآباء والأمهات الذين تركوا أولادهم مع صحبة السوء؟

وهل من كلمة للقائمين في منزل المسؤولية في المدارس الخاصّة والعامّة، فالأمر جلل يا شيخ، فهناك بعض الطلبة في أعمار متفاوتة؛ في الصف الثامن والتاسع وغير ذلك يحملون الجوّالات وفيها ما فيها من سوء، وينشرون الفساد بين زملائهم، أرجو مخاطبة المعلمين والإداريين في المدارس ماذا يصنعون في هذه الظاهرة ؟

الجواب:

أولاً: الواجب على المدرس أن يعامل الطلبة كحبّه لمعاملة أولاده، والأولاد أمانة في أعناق الآباء وفي أعناق المدرَّسين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: *” كُلُّكُمْ راعٍ وَ كُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِه ِ”* .[البخاري ومسلم].

وتربية الشباب تحتاج إلى فن، ومن أهم الوسائل لتكون أباً مربياً أن تقدر هذا الشاب، وأن تتعامل معه على أنه بشر وليس بمشكلة.

ومن فقد هذا الأمر لا يستطيع ألبتةَ أن يربّي شابّاً.

ولذلك قال بعض السلف قديماً : “ولدك في السبعة الأولى ريحانةٌ تُشَمّ، وفي السبعة التي تليها خادم مطيع، وفي السبعة التي تليها إمّا صديقٌ وإما عدو”.
يعني من واحد إلى سبعة يكون ريحانة تلاعِبه، ومن سبعة إلى أربعة عشر خادم ترسله في حاجاتك، ومن أربعة عشر فما فوق إما صديق وإما عدو.

ولذا من العبارات الجميلة التي يردّدُها الناس في مجالسهم اليوم: “ابنك لما يَكبُر تخاويه”.

يعني بعد الأربعة عشر يصبح أخاً لك، وأخوك ما يمكن إلا أن تُلاطفه وإلا أن تسايره.

فولدك لمّا يبدأ يفهم ليس بمشكلة، لكن ولدك ينبغي أن تربيه وينبغي للمربي أن يعامل المتربي بحاجته هو وليس بحاجتك أنت.

أنت ما شاء الله كبُرت وفهمت وعلمت وأصبحت تدرك الأمور على وجه فيه معرفة لحقائق الأشياء، وأنت مرتاح وعندك زوجة وولدك ليس كذلك.

وكان الله عزوجل في عون الشباب، والله الذي لا إله إلا هو إني أدعو للشباب وأُسمي بعض الشباب من أحفادي، و بعض من أحب ممن أرى في المسجد من الصغار وأسأل الله عزوجل لهم الثبات.

الأمور صعبة وصعبة للغاية وليست بسهلة، والمربي ينبغي أن يرعى، ومن رعيتَ في التربية فزلَّ فاغفر له زلته ولا تُعيّره بها وخذ بيده لتوقظه ولتقيمه ولا يبقى منبطحاً على وجهه.

فالمربي ينبغي أن يضع خطة وأن يفهم بأنه يجب عليه أن يحفظ أسرته، وأن يحفظ من يربيهم، سواء أكان مدرساً أم مديراً أن يحفظهم من كل آفة ومن كل سوء ومن كل شر ومن كل ضر فهذا واجبٌ على المدرس.

الأمر الأهم في هذا الموضوع أن تعامل الولد على أنه بشر وليس بمشكلة، إذا عاملته على أنه مشكلة وأصبحت تعيره، وتتكلم معه بكلام ولا تقيم له وزناً.

فحينئذ يحمل لك السيجارة بطريقة ويقول لك يا أبت أنا موجود، أو يضع في يديه أساور ويقول لك أنا موجود أنا بشر.

فأنت قبل ما ولدك يسلك مسالك ليست سديدة أَشعِره بوجوده وأَشعِره أنه حاضر وأنك تحبه وأنه وأنه…. إلخ.

فإذا سلكت هذا الأمر بدأت بطريقة صحيحة في التربية؛ وهي أن تُشعر الشاب أنه موجود وحاضر، وهذا من المواضيع المهمّة جداً في مواضيع التربية.

فابنك لما يبدأ يفهم أَشعره أنه رجل، وأَشعِره أنه حاضر ولا تهمله ولا تعنفه ولا تشتمه.

كثير من الأباء اليوم- للأسف- يقول لك : أنا أربّي وابني لا يستجيب!.

حبيبنا أنت لما تربي ابنك كيف تربّيه؟ كيف يُربي الأباء الآن أبناءَهُم؟ بالبهدلة !

هل هذه تربية؟!! هذه ليست تربية.

يعني تبقى تشتم ولدك، وتبقى تعنّف ولدك، وتبقى تُسمِعه كلاماً سيئاً.

وللأسف آثار التربية – أنا أحب كل الحضور – ولكني والله عَتِبٌ وفي قلبي عَتبٌ على كثير من الحضور، وفي قلبي عَتَبٌ على أهل مسجدنا هذا، أنا لا أخصُّ أحداً فأنا أحب الجميع، ولكن في قلبي عتب.

والله نحن الذين نصلي في هذا المسجد لو أحضرنا أولادنا إلى المسجد، والله لكنا على أقل تقدير ضعفين، أو ثلاثة أضعاف من حيث العدد.

كثير من الناس يصلي كل صلوات اليوم في المسجد، ولكن أين أبناؤك؟ لا يأتون للمسجد! يأتي الأب لوحده، ولماذا تأتي وحدك؟
أنت لماذا تأتي من بيتك إلى المسجد وحدك أين أولادك؟ لماذا لا تأتي بهم إلى المسجد؟

إذا كنت تُعظِم وتُكبِر وترى صلاحاً وتوفيقاً من الله عزوجل لما ترى رجلاً يدخل المسجد
ووراءه ولدين أو ثلاثة أو أربعة يحضرون معه الجماعة.

أنت تقدره وأنت تحترمه وترى أن هذا الأب موفق، وهذا الأب قد أعانه الله جل في علاه على هذه التربية.

تربية الولد أن تأتي به إلى المسجد، ما تُبقي أولادك في الدار نائمين، وأن تأتي إلى المسجد وحدك فقط.

أنت قصرت في قول الله عزوجل:{قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا} [التحريم: ٦].

طيب أين التهذيب وأين التعليم وأين الأمر وأين النهي وأين التواصي بالحق وأين التواصي بالصبر؟!.

فهذا واجبٌ على كل مسلم، وأكثر ما يجب على من يتولَّ التربية وهم الآباء والمعلمون.

وأمّا الجوال فماذا تصنع في الجوال الذي في يد الولد؟

احجِبه عنه، الذي يسول له الشهوات فاحجِبه عنه.

واحد حامل جوال ومبتلى بالصور ومبتلى بالشهوات ومبتلى بالعورات ماذا يصنع؟

اترك هذا الجوال، واحمل جوالاً يؤدي لك الغرض.

الباب الذي يأتيك منه ريح أغلقه واسترِح، كما يقولون.

فمن ابتلي بهذا فالواجب عليه المنع، والأصل أن تمنعه وأن تغرس في نفسه أن هذا المنع هو لله عزوجل.

والله تعالى أعلم.

⬅ مجلس فتاوى الجمعة:

٧، شعبان، ١٤٤٠ هـ
١٢ – ٤ – ٢٠١٩ افرنجي

↩ رابط الفتوى:

السؤال السابع عشر: هل من كلمة للآباء والأمهات الذين تركوا أولادهم مع صحبة السوء؟

⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?

? للاشتراك:
• واتس آب: ‎+962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor