? كلمة وتوجيه من فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حول إضراب المعلمين.

? كلمة وتوجيه من فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حول إضراب المعلمين.

أولاً: المصلحة الخالصة والمفسدة الخالصة هذه الأيام نادرة، وهي كما يقولون قديماً: -أندر من الكبريت الأحمر-، ولا سيما المصلحة والمفسدة التي تخص المجتمع، التي لا تخص الأفراد، فقد تصفو لبعض الأفراد مصالح خالصة ومفاسد خالصة، والعاقل يلزم الأولى فعلاً، والثانية اجتناباً.

أما ما يخص المصالح العامة التي تكون في حق أغلب الناس، فالخالصة معدومة، وعُدمت من زمن قديم، والعلماء يحكمون بالمصالح الغالبة فعلاً، وكذلك بالمفاسد العامة تركاً.

الواجب على المسلم أن يُغلب المصلحة العامة، ويكون هذا الغالب بالمنظور الشرعي الصحيح، فالمفاسد الوهمية كثيرة، ولله سنة بأن المفاسد الوهمية يظهرُ زيفُها مع مُضي الزمن.

الناس حقيقة في ضغط، والإنسان يتذكر قول الله عز وجل في سورة الملك: *(( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ))*، وهذه سنة لله جل في علاه لا تتخلف، إذا الناس ضغطوا في موضوع الرزق، فردة فعل الناس، -والآيات عجيبة بألفاظها ومعانيها-، (بالمباني والمعاني)، قال: لجوا، ما اعترضوا، واللجج: اعتراض فيه صوت مرتفع، وحال من لجَّ، قال: عتو ونفور، عاتي ونافر.

ولو بحثت في كل معاجم اللغة تتكلم عما جرى مع المعلمين، وما سيجري في ظني في التاريخ القريب الذي نحن نعيش، سيكون الشعار هو اللجج والنفور، النفور من القوانين، والنفور ممن ينظم مصالح الناس العامة أو الغالبة، لأن من يزعم الآن ويقول أنا عندي مصالح خالصة للناس هذا كذاب، ولا يمكن أن يتحقق هذا ولا سيما مع الظروف التي تعيشها الأمة بعامة، وتعيشها بعض المجتمعات بخاصة، فالخير والمصلحة الخالصة ليست صحيحة.

الآن أنا أفهم من فحوى سؤال أخينا أن نبحث عن المصلحة الغالبة وليست المصلحة الخالصة.

فعلى من بيدهم القرار أن يفهموا الآية، وأن يعرفوا كيف ردة فعل الناس لما يضيق عليهم في أرزاقهم.

ولذا دائماً المسؤولين ومن بيدهم القرار إن أرادوا أن يسترضوا الناس فبالاستعطاف والعطاء حتى يميلوا الناس، هذا أسلوب معروف على مر التاريخ، أنه المعارض دائما يغدق عليه بشيء من مال، يغدق عليه بشيء من منصب، ولا يهمل الناس، ولا يتركون هملاً.

من المعلوم لدى الجميع أهمية المعلم، والمعلم إذا ما أكفي سينعكس هذا الأمر انعكاساً سلبياً على المجتمع، وهذا الانعكاس ليس خاصاً في هذه الفترة، وإنما سيتبع أجيال قادمة، وهذه الأجيال القادمة قد يمتد الأمر امتداد كبير، ولذا نحن عندما نتكلم عن المصلحة الغالبة، فالواجب -وقد قرأت في بعض البلدان كاليابان وغيرها أن راتب المعلم أكثر من راتب الوزير ، لأن هذا المعلم إن لم يكن مرتاحاً فسيهدم الأمة، وسيضرب بمعول من حديد في جذورها وأصولها، سيهدم مجتمعاً، سيهدم جيلاً، وهذا الجيل فقد التربية وفقد التعليم.

ونحن نتكلم عن موضوع المصالح الغالبة لا بد أن نراعي الأجيال، وأن نراعي موضوع من يدرس هؤلاء الأجيال.

لكن طريقة الأعتراض التي عندنا طريقة بأن تنعكس على المجتمع بما يسمى بالعصيان المدني، وبالانعكسات الخطيرة التي قد يتولد عنها، فهذا أمر مرفوض.

أنا مع المناصحة الحثيثة لكل من بيده قرار، ولكل من بيده كلمة، وتكون هذه المناصحة مدروسة، وتكون القرارات التي يُنصح فيها المسؤولون (واقعية)، بمعنى أن يكون بالمقدور تنفيذها من جهة، ومن جهة أخرى أن تكون رئيسة ولا تكون فرعية، وموضوع الرواتب أمر مهم ،ولكن الأهم من هذا موضوع المناهج، وموضوع الغيرة على الشرع، وموضوع الغيرة على الخُلق، والغيرة على الدين، وأن يكون هذا من المحاور التي ينبغي أن لا تقل عن موضوع الرواتب وما يُعطى للمعلم.

أصبحنا للأسف الكبير إذا رأينا مثل هذه الاحتجاجات نربطها بالقضايا المادية، ولا ينكر عاقل ما قلناه وأسلفناه في الآية، لكن الأهم من هذا القضايا الشرعية، والقضايا الخُلقية، وما شابه.

فنصيحتي للمعلمين أن يغلبوا المصالح العامة، وأن لا يعطلوا أمور قد لا قدر الله يكون من وراءها أن يتفلت الأمن، وتقع الفتن من وراءها، وتكون الفتن طاحنة، وتكون عامة.

لكن المناصحة لأولياء الأمور هذه من المسائل المهمة.

لا أرى موضوع النزول للشوارع العامة، وإغلاق الشوارع العامة، وشل الحركة، هذه طريقة لا أراها صحيحة، ولا أراها تحقق مصالح عامة، قد يجدون ،والأمر لا يحتاج مني أن أفصل، أولاً: لأني بعيد عن هذا الأمر، والأمر الآخر: المسألة تحتاج إلى تؤدة وتحتاج إلى مدارسة، وتحتاج أتخاذ اجراءات صحيحة، هذه الأجراءات الصحيحة تكون وفق منهجنا ووفق ديننا، وما ينبغي أن يكون فيها ضرر على الدولة ككيان، وتفلت الأمن، وثانيا على من لم يكن من أهل هذه المهنة، فيضرون الناس.

لهم طرق ولهم وسائل، وينبغي أن يتأنوا في ذلك، وينبغي أن تكون المناصحة مستمرة، وأن لا تنقطع هذه المناصحة.

هذه شنشنة وكلمة عامة، والمسألة تحتاج إلى مزيد كلام، وتحتاج إلى مشاورة أهل الأختصاص، ومن وجد أنه قد سُلب حقه، أو قد ظلم، فالواجب عليه أن يناصح من بيده هذه القرارات.

هذا والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.✍?✍?

رابط الكلمة :

? كلمة وتوجيه من فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حول إضراب المعلمين.