http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/08/AUD-20170821-
WA0040.mp3
*عشر ذي الحجة:*
*فضائلها والأعمال المستحبة فيها.*
الحمد لله الذي جعلنا ندرك بدايات ذي الحجة، ونحن في نهايات ذي القعدة.
وذو الحجة أيام معلومات يدخل علينا، ونسأل الله جل في علاه أن يعيننا وإياكم على الطاعات التي يحبها ويرضاها، وأن يرزقنا فيها الإخلاص والاتباع.
ثبت في صحيح الإمام البخاري من حديث ابن عباس – رضي الله تعالى عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: وَلا الْجِهَادُ، قَالَ: وَلا الْجِهَادُ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ).
صحيح البخاري (969).
إلا: أي إلا جهاد رجل.
وفي رواية الترمذي وأبي داود: أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ).
[ صحيح / صحيح سنن الترمذي، (757).
المال المراد به: فرسه، فالنقل كان شحيحاً.
هذا الذي يفضل من يعمل الصالحات في العشر الأوائل من ذي الحجة، ذلك أن الأعمال الصالحة في العشر الأوائل من ذي الحجة متنوعة.
هذه الأيام على قلتها وردت في كتاب الله – عز وجل – فهي الأيام المعلومات.
قال تعالى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [سورة الحج: 28].
فهذه الأيام المعلومات هي: العشر الأوائل من ذي الحجة.
والمعدودات: هي أيام التشريق.
هذه الأيام يجتمع فيها الأضاحي والحج، وهذه الأيام هي آخر أشهر الحج، فالحج أشهر معلومات، آخر الأشهر المعلومات هي العشر الأوائل من ذي الحجة.
فيبدأ بشوال ثم ذو القعدة ثم العشر الأوائل من ذي الحجة.
وهذه الأيام يسن إكثار الذكر فيها، فقد ثبتت زيادة على هذا الحديث عند أحمد في المسند: ( فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير).
– التهليل:
أن تكثر من قول لا إله إلا الله.
– التحميد:
أن تكثر من قول الحمد لله.
– التكبير:
أن تكثر من قول الله أكبر.
ولذا علق البخاري بصيغة الجزم عن ابن عمر وأبي هريرة – رضي الله عنهما – أنهما كانا يمشيان في الأسواق ويكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما.
فيسنّ لأهل القدوات والمعروفين من الناس بالفضل والصلاح والتقوى، إن كانوا في السوق أن يرفعوا أصواتهم بالتكبير ويُذكِّرون الغافلين.
وكان ميمون بن مهران يقول: ( أدركتُ الناسَ وإنَّهم ليُكبِّرون في العَشر، حتى كنتُ أُشبِّهه بالأمواجِ مِن كثرتِها، ويقول: إنَّ الناسَ قد نقَصُوا في تركِهم التكبير)).
رواه المروزي كما في (( فتح الباري )) لأبن رجب (112/6).
من ارتفاعه وكثرته.
فتعظيم هذه العشر من ذي الحجة من تعظيم شعائر الله.
فكان أبو عثمان النهدي (عبد الرحمن بن ملّ ) – رحمه الله تعالى – يقول: ( كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من محرم).
لطائف المعارف ابن رجب ص (35).
فهذه الثلاث ثلاث عشرات يُعظَّمن.
وفاضل أهل العلم بين العمل الصالح في العشر الأوائل من ذي الحجة، والعمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان، ورجحوا أن العمل الصالح في ليالي رمضان أفضل من العمل الصالح في ليالي العشر من ذي الحجة، وأن العمل الصالح في نهار العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في نهار العشر الأواخر من رمضان.
يعني: عملنا في العشر الأوائل من ذي الحجة في النهار أحسن وأفضل وأحب إلى الله من عملنا في نهار العشر الأواخر من رمضان، ذلك أن العشر الأواخر من رمضان فُضّلت بليلة القدر، والعشر الأوائل من ذي الحجة فضلت بيوم عرفة، وفضلت بيوم النحر.
وقد ثبت عن عبد الله بن قُرْط، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال: ” إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر ” . قال عيسى : قال ثور : وهو اليوم الثاني . قال : وقُرّب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ بدَنات خمسٌ أو ستٌ ، فطفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إليه بأيتهنَّ يبدأ ، فلما وجبت جنوبها قال ـ فتكلم بكلمة خفية لم أفهمها ـ فقلت : ما قال ؟ قال ” من شاء اقتطع “.
سنن أبي داود ” المجلد الواحد ” / تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني / ( 5 ) ـ أول كتاب : المناسك / ( 19 ) ـباب : { في } الهدي إذا عَطِبَ قبل أن يبلغ / حديث رقم : 1765 / ص : 305 / حديث صحيح .
يوم النحر: اليوم العاشر.
يوم القر: يوم الاستقرار بمنى، وهي أيام التشريق.
فهذه الأعمال في العشر محببة إلى الله – عز وجل – وتكثر فيها الأضاحي، ويسن إكثار التكبير، والذكر.
والذكر ذكران:
– ذكر مطلق.
– ذكر مقيد.
– فالذكر المطلق:
يبدأ بأول يوم من أيام ذي الحجة، وينتهي إلى آخر أيام التشريق.
– الذكر المقيد الذي يكون دبر الصلوات:
يبدأ من فجر يوم عرفة، وينتهي بعصر اليوم الثالث من أيام التشريق، أو الرابع من أيام العيد.
فيسن للإنسان الإكثار من التكبير في هذه الأيام، والإكثار من ذكر الله عز وجل.
وأحب الأعمال إلى الله تعالى في هذه الأيام هو واجب الوقت، وواجب الوقت هو: الحج، والحجاج والعمار كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم – في الصحيح وفد الله.
الحديث:
عن جابر بن عبدالله: قال: قال رسول الله: الحجّاجُ والعمّارُ وفْدُ اللهِ؛ دعاهُم فأجابوهُ، وسألوهُ فأعطاهُم.
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الترغيب ١١٠٧ • حسن لغيره • أخرجه البزار كما في «كشف الاستار» (١١٥٣ ).
الدول لها مؤتمرات وعلى هذه المؤتمرات تأتي الوفود، الناس الذين يفدون إلى الله من هم؟
الجواب:
الحجاج والعمّار؛ فالحجاج والعمار وفد الله تعالى؛ دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم.
ولذا الحاج والمعتمر دعاؤه مستجاب، وهم وفد الله عز وجل.
من لا يستطيع الحج أفضل الأعمال عند الله – عز وجل – الواجبات؛ والفرائض المنسيات: يتفقد كل منا الفريضة التي نسيها، والواجب الذي قصر فيه، والمكروه والحرام الذي يفعله فيقلع عنه.
فقاطع الرحم أفضل عبادة في حقه أن يصل الرحم، وهاجر القرآن أفضل عبادة في حقه أن يقرأ القرآن، وتارك العلم أفضل عبادة في حقه أن يطلب العلم، و من هجر إخوانه وأساء إليهم واخطأ في حقهم فأحب عبادة عند الله – عز وجل – أن يطلب المسامحة.
كم من إنسان ظلم نفسه، وكم من إنسان ظلم زوجه، وكم من إنسان ظلم ولده، وما أدى حق الله تعالى فيه؛ ما ربّاه، ما ذكّره، ماعلمه، ما أمره؛ ما أمر ابنته باللباس الشرعي.
فأحب الأعمال إلى الله عز وجل في هذه الأيام الواجبات المنسيات، ثم الأكثار من الطاعات، أن يكثر الإنسان من الذكر، أن يبتعد عن الغفلة، وإذا كان من أهل الأضحية ويستطيع أن يضحي فيضحي ويتعلم أحكام الأضحية.
نسأل الله جل في علاه أن يمن علينا وعليكم بالعمل الصالح، ويتقبل منا وأن يجعلنا ممن ينتبه إلى هذه الأيام؛ أيام الله، فيحييها، ويعظمها التعظيم الشرعي الذي يحبه الله عز وجل ويرضاه.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
26 ذو القعدة 1438 هجري
2017 – 8 – 18 إفرنجي
↩ الرابط:
http://meshhoor.com/fatawa/1329/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍️✍️
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor