السؤال السادس: لدينا مستأجر يتأخر في الدفع، وإيجاره هو مصدر دخلنا، فهل يجوز أن نشترط في العقد شرطا جزائيا الذي هو دفع مبلغ 350 دينار بدل إيجار وهو 300 دينار في حال تأخره عن الدفع، وهل الزيادة التي يأخذها البنك كغرامة تأخير تدخل في نفس الباب؟
الجواب : أولا المسألة مكونة من أمرين:
الأمر الأول : هل تجوز الغرامة المالية أم لا؟
(الجماهير) يمنعون الغرامة المالية.
والذي أراه صوابًا جواز الغرامة المالية، قال بهذا (الحنابلة)، وأيّده وأكده بأدلة نقلية كثيرة عدد من المحررين المحققين من العلماء، وبسط المسألة شديدًا وكاد أن يحصر الأدلة النقلية على الجواز (ابن القيم) في كتابه (الطرق الحكمية) في أوائل كتابه.
ومن الأدلة النقلية التي تدل على الغرامة المالية ما ثبت في “سنن أبي داود ومسند أحمد والنسائي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول :(في كل إبل سائمة، في كل أربعين ابنة لبون، لا يفرق إبل عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن منعها، فإنا آخذوها، وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء) .
وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود ج 5 ص 296: “إسناده حسن-.
وثبت كما في مسند الإمام أحمد حديث رقم (390) : أن عمر رضي الله عنه حرّق حطبا لسعد رضي الله تعالى عنه.
وهذا الخبر في تاريخ الطبري (3/150).
وأن عمر حرّق متجرا لرويشد الثقفي لما وجده يصنع فيه خمرا
رواه عبد الرزاق في “المصنف” والسيوطي في “جامع الأحاديث” وغيرهما.
وهذه كلها من الغرامة المالية.
وثبت في غزوه تبوك -وهو أرفع ما يكون في جواز الغرامة المالية من السيرة العملية- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ مال ابن أبي حقيق؛ وهو رجل يهودي كان ماله كثيرا، فالنبي صلى الله عليه وسلم وكّل بعض الأصحاب فيه بتعذيبه لاستخراج ماله وأخذه ووضعه في بيت المال.
فالغرامة المالية من حيث أصل الجواز أرجو أن تكون جائزة، وجوازها اليوم أمر واقع، والخلاف فيه من حيث الأمر الواقع لا معنى له مع أن المخالفين هم من جماهير أهل العلم، ولا سيما مع وجود الأنظمة المالية هذه الأيام، فالغرامات المالية موجودة بكثرة؛ ففي البلديات في غرامة مالية، وفي الجوازات في غرامة مالية، وفي أشياء كثيرة اليوم فيها غرامة مالية، فإذا منعها العلماء قديما، وتذرعوا بأنها أخذ مال الغير، وأنها وسيلة لأكل المال بالباطل وما شابه، فهذا التذرع اليوم بالأنظمة الاقتصادية والقوانين المحاسبية والأنظمة الحاسوبية تمنع هذا التخوف.
اليوم الغرامة المالية موجودة، ولا يوجد أكل أموال الناس بالباطل بمعنى أن الذي يُغرِم لا يأخذها لنفسه، بل تؤخذ ثم تنفق على مصالح الناس، فالتخوف الموجود عند الجمهور، والتطبيقات العملية والإجراءات الاحترازية والنظم المحاسبية تخفف من وطأته، وهو لا يقوى أن يصادم النصوص النقلية الشرعية الصحيحة، هذه مسألة.
المسألة الثانية: وهي مهمة؛ أنه عندنا غرامة على تأخير على زمن، والربا هو الزيادة بسبب التأخر في الزمن .
هل يجوز إن أعطيت أحدا قرضا مثلا ألف دينار فإن تأخر أخذت منه مئتي دينار؟
يقول العلماء: هذا يُفضي للربا، والعلماء في المسائل التي تفضي للربا يحكمون غلق الباب سدا لذريعة فتح باب الربا .
فأنا ما يجوز لي إذا تأجر عندي واحد، ووجبت في ذمته مالا لي فإن كان لا يستطيع، فالمطلوب مني شرعا وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍۢ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍۢ، فنظرة مصدر جواب شرط مبتدأ بالفاء، والمصدر في جواب الشرط من ألفاظ العموم عند الأصوليين.
ما المعنى وإن كان ذو عسرة؟
إذا كان المدين لك معسورًا، فالواجب عليك في دين الله -عز وجل- أن تمهله، وهذا الإمهال أعطيت عليه أجرًا، ولذا لا تجوز الزيادة فيه؛ لما ثبت في صحيح مسلم (3014) عن أبي الْيَسَرِ -رضي الله عنه- عن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ).
إذا كان لك دين على واحد فأمهلته، فالله تعالى يظلك في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فكيف إن أسقطته، فإسقاط الدين إمهال وزيادة لك عليه الأجر المذكور وزيادة.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٢٨ ذو الحجة – ١٤٣٩ – هجري .
٧ – ٩ – ٢٠١٨ إفرنجي.
رابط الفتوى
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍?✍?
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor
⬅ للاشتراك في الواتس آب:
+962-77-675-7052