[ رسم بياني في موضوع اشتداد الفتن كلما مر الزمن ]
عبد الله بن مسعود يقول كلمات لطيفات جميلات في القاعدة والقاعدة -أي- أفادتنا في أن العلماء في عصر الحجاج خير منهم في عصر عمر بن عبد العزيز، وهذا هو المعيار كما قلنا.
فكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول:
“ليس عام إلا والذي بعده شر منه ، لا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام ولا أمير خير من أمير”.
انتبه!
لا أقول أمير خير من أمير ، ليست الإمارة ولا الحكام هم العلامة التي نعرف الخيرية والشر منها.
ولا أمير خير من أمير ، “لكن ذهاب علمائكم وخياركم، ثم يُحدِث أقوام يقيسون الأمور بآرائهم فيهدم الإسلام ويثلم”.
إذا المعيار أن الخيار والعلماء يزولون ويضعفون ، فإذا أردنا الخير لأنفسنا في الدين والدنيا ولأقوامنا ولحكامنا وحكوماتنا وشعوبنا، نبقى متثبتين بالعلم واقفين على ما دل عليه الكتاب والسنة، معظمين أمر الله، معظمين الوحي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى.
الناظر إلى جميع ما ورد في الباب يستطيع أن يصل إلى رسم بياني في موضوع اشتداد الفتن كلما مر الزمن ، هذا الرسم البياني،_ أعطني ورقة من الدفتر اللي عندك، أعطني ورقة_.
الآن أنا أرسم لكم رسمًا بيانيًا ، الرسم البياني يبدأ بـ: أبي بكر، عمر، عثمان، علي.
(الخلفاء الأربعة هم خير الخلق) ، وحكم الخلفاء الأربعة لن يتكرر، لا يتكرر في سنة الله في شرعه وفي سنة الله في قدره في كونه، لن يتكرر أبداً. قال الله عز وجل: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ….ماذا قال دِينِي أم “دِينُكُمْ”؟ هذه فيها سر تحتاج النظر للبلاغة، الذي يُسمى “دين الله” لكن الله قال:
{ .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة : 3]
لما نزلت الآية بكى عمر، فقيل له: لِمَ تبكي؟ قال: والله ما بعد التمام إلا النقصان.
هذه الآية دلّت بمنطوقها على إتمام الدين، ودلّت بإشارتها على أن النقصان سيلحق بالمسلمين.
فالآن كيف تمشي الفتن؟
أعلى ما يمكن أبو بكر وعمر وعثمان، هذا أعلى شيء ، ثم تنزل.
النزول ليس دائم ، نزول وصعود، نزول وصعود، نزول وصعود.
لكن الصعود لا يصل إلى عصر علي، لا يصل لعصر الخلفاء الأربعة.
ينزل ثم يصعد، ثم ينزل ثم يصعد، ثم ينزل ثم يصعد.
ليس النزول دائماً ، إذا انتبه معي الآن: أيهما قبل وأيهما بعد؟ المهدي أم الدجال؟
الدجال بعد المهدي.
ينزل أول شيء المهدي ثم الدجال ثم عيسى عليه السلام، ثم يأجوج ومأجوج ، وترتيب هذه الأسماء هذه الأربعة متفق عليه بين العلماء.
يبدأ المهدي ويمكث ثماني سنوات، ثم الدجال، ثم عيسى، ثم يتعاون عيسى عليه السلام مع المهدي في قتل الدجال والكلام طويل.
فإذاً الفتن تشتد مع مضي الزمن، وبين الحين والحين يَظهر أثر خير للمسلمين ونصرة للدين ، وأرجو الله تعالى أن يسخرنا لنصرة دينه ونشر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود بإسناد صحيح قال:
“إن الله يبعث على رأس كل مائة من يجدد لها أمر دينها”.
على رأس كل 100 سنة يوجد مُجدّد، وهذا المجدد ينهض بالدين ويجدد لهذه الأمة ما اندثَر منها ، وما نسيه الناس من أمر دينها.
فلما نقول:
الفتن تشتد مع مضي الزمن، ينبغي أن تفهم معنى هذا الاشتداد وكيف يكون هذا الاشتداد.
وتجديد الدين إشارة واضحة جداً للدين الذي يحبه الله، والدين الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.
دين الناس اليوم قسمان:
دين فكر ودين وحي.
الشائع بين الناس دين الفكر أم دين الوحي؟
الشائع بين الناس دين الفكر -وهذا ليس صحيحاً-.
الأصل أن يكون ديننا دين وحي وليس دين فِـكر.
دين الفكر مثل الصحفيين والخطباء والمثورين والحركيين والحزبيين هذا دينهم دين فكر.
الدين الذي يحبه الله تعالى دين وحي.
قال تعالى :
{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)} [الزخرف : 43-45]
فاستمسك بالذي أنزل عليك أي الوحي ، فالأصل في الدين دين الوحي.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الرابعة.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
◀️ رابط الفتوى: