[تارك ذكر الله عز وجل أعرَضَ عن كل سعادة وفوز]

AUD-20251230-WA0002

[تارك ذكر الله عز وجل أعرَضَ عن كل سعادة وفوز]

قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:

من لم يذكر الله سبحانه وتعالى غافل، من هو الغافل؟
الغافل لا يستيقظ قلبه، لشيء مر به، ويقول: هذا ما ينبغي أن أتكلم فيه، هذا كلام لا فائدة منه، فكل ما يخطر على القلب يقوله!

الغافل الذي يخوض في أعراض الناس والذي يتكلم فيهم، الغافل صاحب فضول في الكلام.

الذاكر عكس الغافل، فالغافل تنطلي عليه ، ويحوم ويعمل مقدمات المعاصي، وهو داخل في عموم قوله سبحانه وتعالى:
{ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } ، [البقرة : 168]

تبدأ خطوات الشيطان من الغفلة، كل ما يعنّ في النفس وما يخطر في البال ؛ يقع فيه!
فالإنسان لا يقع في الغيبة والنميمة ، والطعن في العلماء ، والطعن في الأبرياء ، إلا بسبب الغفلة.

غير الغافل إن وجد نميمة أو غيبة، كما قال الله عز وجل: “وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامًا” (سورة الفرقان، الآية 72)، تمر مرور الكرام، ما معنى مرور الكرام؟ يعني تُغلق الموضوع ، ولا تفتحه ، ولا توسّعه ، ولا تَبسطُه ، ولا تخوض فيه.

هذا كله بسبب ذكر الله، فلذكر الله بركات، ومن أعظم هذه البركات أن لا يكون الذاكر غافلاً ، لأن الغفلة واد واسع من أودية الباطل.

قال سبحانه وتعالى:
{ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف : 205]

أكثر من ذكر الله، وهذا الإكثار من ذكر الله عز وجل يسبب لك يقظةً وحياةً .

للعبد الضعيف جزء (في فضل ذكر الله بعد الفجر لطلوع الشمس):

جُلّ أعلام الأمة وعُبادُها والمقبولون فيها، من الأصحاب والتابعين فمن بعدهم إلى هذه الأيام، يحرصون على الجلوس لذكر الله تعالى من بعد الفجر إلى طلوع الشمس.

كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، يجلس بعد طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، ثم يقول:
“هذه غدوتي، غذائي، لولاه ما استطعت أن أعيش”.
أي الذي يُغذي قلبي ويصبِّـرني ويُقوِّيني على أعدائي وعلى ما ألاقي مما أُلاقي إنما هو ببركة أني لست من الغافلين”.

فالإنسان غير الغافل وهو ذاكر يحتسب كل شيء، قلبه تنبض فيه الحياة.

ولذا قال الله عز وجل:
{وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرًا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمًا} (سورة الأحزاب، الآية 35).

وفي المقابل قال الله عز وجل:
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمۡ أَنفُسَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (سورة الحشر، الآية 19).

الذي يترك ذكر الله يكون غافلاً، فإن كان غافلاً ما أقرب الفسق منه ، أو ما أقربه من الفسق، بل هو من حزب الشيطان كما قال الله عز وجل:
{ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ}
(سورة المجادلة، الآية 19).

فهذه الغفلة حسرة وخسارة، والغافل الذي يترك ذكر الله جل في عُلاه يلعب به الشيطان، كما قال الله عز وجل:
{وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنًا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ (37) حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ (38) وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ} (سورة الزخرف، الآيات 36-39).

تارك ذكر الله عز وجل أعرَضَ عن كل سعادة وفوز، فالسعادة والفوز إنما هو في عبوديته وفي ذكره.

تارك ذكر الله عز وجل صاحب شقاوة وخيبة ، وفاته من الأجور ما الله عليم، ولذا أمَرَ الله عز وجل نبيه ﷺ بعد أن أمرهم بالذكر قال:
{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف : 205]

إشارة إلى أن الغافل هو تارك الذكر، فأسأل الله جل في عُلاه أن يبعد عنا الشقاء ، وأن يبعد عن الغفلة ، وأن يرزقنا ذكره وشكره وحسن عبادته، هذا والله أعلم.

وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر:
الدرس الخامس من شرح آيات الأحكام – الدورة 23.
الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
2 ذو الحجة 1442 هـ
12 يوليو 2021 م✍️✍️

◀️ الرابط في الموقع الرسمي :

[تارك ذكر الله عز وجل أعرَضَ عن كل سعادة وفوز]