السؤال:
هل تفدي المرأة الحامل إذا أفطرت رمضان كله ثلاثين يوم أم بقدر مدة حيضها في الأيام العادية وتقضي هذه الأيام ولا تفدي عنها؟
الجواب :
المرأة غالبا إذا كانت حامل تضع فترضع، ونظرا لتجدد عذر الحمل والرضاعة، فالشرع إذا لم يجز لها الفدية، فالأمر يضيق عليها، وقد تجتمع عليها سنوات طوال، وقد يجتمع عليها أشهر طوال، وحينئذ أدخلها غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عموم قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُ فِدۡیَةࣱ طَعَامُ مِسۡكِینࣲ ﴾. [البقرة ١٨٣] .
الآية : ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُ ﴾ تحتاج منا إلى أن نفهمها.
يعني هو يطيقه ، فقدر أن يصوم ، لكن يصوم كما يقول الناس اليوم في تعبيرنا الدارج -يصوم بطلوع الروح-، فما أن يأتي المغرب إلا ويكون منتهي ، هذا الذي يراد بقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُ ﴾.
فالعلماء قالوا: ﴿ یُطِیقُونَهُ ﴾ أربعة أصناف:
1 – المريض مرض مزمن.
مثل أصحاب مرض السكر اليوم ، نسأل الله العافية للجميع ، إخوانا الدكاترة يحذروا أصحاب مرض السكري من أن يصوموا وإن ظهر لهم أنهم يستطيعون لأثره السلبي الشديد عليهم ، فهو يستطيع أن يصوم ، لكنه يأتي آخر النهار وإذا به منتهي، فهذا يدخل تحت قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُ ﴾ .
2 ـ الشيخ الهرم.
رجل أطال الله في عمره وأصبح ضعيفا، ووصل عمره سبعين ، ثمانين سنة ، فأصبح إذا أراد أن يصوم فيصوم وإذا أتى آخر النهار إذا هو منتهي وتكاد تتعطل حياته كلها ، ولعل قراءة القرآن لا يستطيع أن يقرأها بسبب ضعفه من الصيام .
أنس بن مالك رضي الله عنه دعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( اللهم أطل عمره ، وأكثر ماله) ، فطال عمر أنس ، فكان في أواخر حياته لا يصوم لكبر سنه ، الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر ، ما كان يصوم ، وهذا ليس عيبا ، هذا شيء الله كتبه عليه ، فكان أنس في اليوم الثلاثين من رمضان يأخذ معه ثلاثين فقير على القصر ويطعمهم ، وهذه هي الكفارة كما قال تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُ فِدۡیَةࣱ طَعَامُ مِسۡكِینࣲ ﴾.
3 – المرأة الحامل .
4 – المرأة المرضع .
فالمرأة إذا كانت مرضعا خلال الثلاثين يوم من رمضان ، أو حاملاً في شهر رمضان ، فلا تقدر مدة حيضها كما كانت تحيض وهي غير حامل ثم تقضي عنها، بل تطعم عن كل المدة التي افطرتها بسبب الحمل أو الرضاعة، نعم إذا استطاعت أن تقضي بدل الإطعام تقضي ، لكن إذا ما استطاعت وتجدد العذر ، المرأة وهي ترضع ما تحمل ، وقفت الرضاعة يرجع الحمل ، صار في حمل أصبح هناك عدم قدرة على الصيام ، حينئذ تأكل وتشرب حتى يبقى جنينها ، إما أن تحافظ على نفسها وإما أن تحافظ على جنينها ، ثم تضع ، فإذا وضعت تحتاج إلى رضاعة ، فإذا الشرع لم يأذن لها بالإطعام ففي يوم من الأيام لما تتوقف عن الحمل والرضاعة و تحسب ما عليها ويطلع عليها عشر أشهر ، أو إحدى عشر شهر ،أو أربعة عشر شهر مثلا ، فما تستطيع أن تقضي.
فلذا العلماء قالوا : ﴿ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُ فِدۡیَةࣱ طَعَامُ مِسۡكِینࣲ ﴾:
1- المريض مرض مزمن .
2 – الشيخ الهرم .
3 – المرأة الحامل .
4 – المرأة المرضع .
فهذه عن كل يوم تفطر تطعم عن كل يوم مسكين واحد ، وإطعام المسكين تبريء به الذمة ، وليس عليها شيء أخر ، وليس عليها قضاء ، تطعم ثلاثين مسكين.
وأختلف العلماء هل يكون إطعام مسكين واحد ثلاثين مرة أم تطعم ثلاثين مسكينا؟
الأحسن إطعام الثلاثين مسكينا .
كيف يكون إطعام الثلاثين مسكين ؟
الجواب:
أحسن عمل هو عمل أنس رضي الله عنه ، تعمل إفطار وتدعو عليه أحبابك وأصحابك أدعوهم ، لكن أدعو لك معهم الثلاثين فقير ، ليس عيبا ، بل ثبت في البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قوله :” شر الوليمة التي يدعى إليها الأغنياء دون الفقراء”.
والله الإنسان العاقل، والذي يحب الله ما ترى عنده وليمة إلا ويكون فيه عنده فقير أو اثنين أو ثلاث ، أبحث لك عن اثنين ، ثلاث ، صاحبهم حتى تقلب وليمتك من شر الوليمة إلى أحسن وليمة ، كل ما تعمل وليمة أحضر لك اثنين ، ثلاثة واطعمهم ، حتى ترفع عن وليمتك أن تكون شر الوليمة ، أو إن لم تستطيع أن تدعو ثلاثين مسكين بسبب عدم وجود متسع عندك في البيت ابحث لك عن عائلة فقيرة ، وأسأل كم عدد أفرادها ، العاقل يعرف، كم عدد الأفراد ؟ عشرة ، فيكونوا عن عشرة أيام ، فإذا انتقلنا إلى عائلة ثانية وعدد أفرادها أربعة مثلا هي أصبح أربعة عشر يوما ، فإذا انتقلنا إلى عائلة ثالثة عدد أفرادها ستة مثلا هي أصبح عشرين يوم ، وهكذا تبقى تجمع وترى كل عائلة كم فقير فيها ، الأمر سهل ، وممكن تكون هذه العائلة أختك ، أو أخوك ، أو ابن أختك ، أو ابن أخوك ، فكيف اطعمهم ؟ أما أن تدعوهم عندك على البيت وتطعمهم ، أو أنت تطبخ لهم وتذهب لهم بهذا الطبيخ لعندهم ، وتخبرهم وتتصل بهم ، وتقول لهم : ترى أنا اليوم عامل لكم طبخة لا تطبخوا اليوم نحن عاملين لكم إفطار ، وذهبت ووضعت لهم الإفطار وانصرفت ، عددهم عشرة عن عشرة أيام ، عددهم سبعة عن سبعة أيام ، بغض النظر صغار كبار ، لكن نتقي الله عز وجل ما استطعنا ونبحث عن أناس يتقون الله ، فلا نذهب ونطعم واحد مجرم مثلا ، أو واحد لا يصوم ، نأتي له بأكل فيعصي الله في هذا الأكل ، فإذا كان في نهار رمضان تطعم صائم ، ولا يلزم أن يكون الإطعام فقط في نهار رمضان ، يصح أن يكون بعد رمضان أيضا.
فهذا حكم هذه الأخت التي تسأل.
والله تعالى أعلم .
⬅️ مجلس فتاوى الجمعة
2016 – 6 – 10
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor