? *تأصيل علمي بديع حول الاحتفال بعيد الأم.*
⬅ تكثر هذه الأيام، وجاءتني بعض الأوراق عن *الأحتفال ب ( عيد الأم).* ولا نستغرب أي سؤال …
⬅ لا نشُك قيد أنملة أن شرعنا وافٍ، كافٍ، *ومن رام الهداية بغيره فقد ضل،* وأن شرعنا كُله محاسن، *ومن محاسنه: أنه يُعطي كُل ذي حقٍ حقه*.
ومن أصحاب الحقوق التي لا يُمكن للعبد أن يفي بها *( الوالدان )*، فلهما من الحقوق ما لا يمكن للعبد أن يفي لوالديه بهما .
⬅ أما *حق الوالد:* فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *لا يُجزِئُ ولدٌ والدًا إلّا أن يجدَه مملوكًا فيشتريَه فيعتقَهُ.*
الألباني (١٤٢٠ هـ)، صحيح الترمذي ١٩٠٦ • صحيح • شرح رواية أخرى
⬅ من غير الممكن أن يكون الولد حر، والوالد يكون عبد، فإذا كان يجزىء الولد والده في صورة مستحيلة، أن يجد الولد والده عبداً مملوكاً فيشتريه، فيعتقه.
⬅ والأشد حقاً في حق الإنسان ( *الأم*)، والقصة التي يحكيها الناس لها أصل شرعي صحيح ثابت، وثبتت عن عبدالله ابن عمر ، أن رجلاً جاء لابن عمر ، وقد حملَ *والدته* على ظهره وهو يطوف بها ، فقال له:
*يا أبا عبد الرحمن هل وفيت أمي حقها ؟*
يعني: *حملي إياها سبعة أشواط*.
هو حملها سبعة أشواط، وهي تحملك سبع سنوات، وهو حملها خلال وقت محصور، معدود .
فقال له ابن عمر: *ما وفيتها طلقة من الطلقات التي طلقت بك من شدة الألم عند الولادة*.
*فأنّى للعبد أن يعطيَ (أباه) و (أمه) حقهما .*
⬅ لذا دائماً العبد يشعر أمام الوالدين بالتقصير .
⬅ وحقوق *الوالدين* على المسلم ليست في الحياة فقط، وإنما حقوقهما عليه بعد الوفاة .
✅ *وليتفقد الواحد منا نفسه، فإن لم يجد لسانه لَهِجاً بالاستغفار لوالديه والدعاء لهما فليعلم تقصيره*، فالبر يكون بعد الوفاة، وليس في الحياة فقط.
⬅ والله عز وجل يأمر بخفض الجناح، قال تعالى: *وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا*.
*فمهما ريّشت، وأصبحت ذا مال، ومكان اجتماعي، ومكان علمي، أو صاحب شهادة، فطرت وحلقت، ووصلت إلى عنان السماء، لكن أمام الوالدين اخفض الجناحين، وكُن ذليلاً رحيماً.*
*قتادة* ( تابعي جليل ، تلميذ أنس بن مالك ) كان لما يُخاطب أمه يُخاطبها وهو ذليل، فيقال له: ارفع صوتك، فيقول: الله أمر بجناح الذل من الرحمة، فيتكلم مع أمه وهو ذليل.
وكان *قتادة* لما تأكل أمه يُفتت لها الخُبز ، ولا يأكل ، فيقال له: لماذا لا تأكُل؟
فكان يقول: *أخشى أن أضع لقمة في فمي تشتهيها أمي .*
⬅ وربي يقول: *وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا*، ويقول : *وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شقيا*.
فالذي لا يبر أبويه *جبار وعاصي* في الدنيا، والذي لا يبر أمه *جبار وشقي*.
ولذا كثير من الناس يقولون عبارة أصلها هذه الآية، يقولون : *والله فلان الله موفقه، وموسع عليه في الدنيا، ومهيء له الحياة الطيبة، وسعة الرزق، والله وضع له القبول ببركة بره بوالديه، والأدق أن يقال: ببركة بره بوالدته.*
↩ فالذي لا يبر أمه *جبار.* *الجبار:* القاتل، حتى قالوا القاتل في قصة موسى عليه السلام: الذي قتل أكثر من نفس، *جبار.*
تخيل العاق لأمه وضعَ في منزلة القاتل.
? جاء شاب إلى ابن عمر رضي الله عنه، فقال له: إني قتلت نفساً فهل لي من توبة، والقصة مذكورة بإسناد صحيح في الأدب المفرد للبخاري.
تأمل معي بالله عليك.
تأمل معي يا صاحب الذنب.
قال له ابن عمر : *أحيّةٌ والدتك.*
قال: لا.*
فسئل ابن عمر لماذا قلت له: أحيّةٌ والدتك.
فقال: *برها يُكفر ذنب قتله.*
⬅ بر الأم يُكفر ذنب القتل، والقتل من أعظم الذنوب.
⬅ لذا من كانت هذه منزلتها *( الأم )* وهي صاحبة الحق، ويحتفل بحقها والله *بــ ( قالب كيك )* ساعة ، أو سويعة من أيام السنة، *ليس هذا حقها، هذا حق أصحاب من ينسون والديهم.*
⬅ أنظر إلى محاسن شرعنا *الوالد* كلما كبر كُلما عظم حقه وأستفدنا من تجاربه، وتبركنا بأمره وطاعته، وكذلك *الوالدة.*
⬅ *غيرنا* لما يكبر *والده* يضعه في *( دار العجزة )* ويأتي ببدل منه *( بكلبٍ )* يؤنسه، فرق كبير.
⬅ ومن نكد أهل هذا الزمان أن يكون الغرب هو القائد، وأن يكون هو من يُقتدى به، وينظر إليه بعين إجلال واحترام، والواحد منهم يعيش ويموت وهو يشكو من أبوه، لا يعرف أبوه.
? *كُل زمان أو مكان عُظّم لذاته فهو في شرعنا عيد،* إذا لم يُعظم لذاته، وإنما عُظم لعبادة تقع فيه فهذا ليس عيداً.
⬅ فالعيد لا يشمل الزمان، وإنما يتعدى للمكان، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: *لا تجعلوا قبري عيداً.*
↩ كيف يكون قبر النبي عليه السلام عيدا؟
إذا عظمنا المكان، وعاودنا هذا التعظيم مرة تلو الأخرى فهو عيد، فالعيد من العود، *فكل زمان أو مكان عُظم فهذا يسمى عيداً.*
⬅ فالزمان الذي اخترع وابتدع للإحتفال بعيد الأم تعظيمه لذاته فهذا عيد.
⬅ ولذا النبي صلى الله
عليه وسلم قال: إن الله أبدلكم بيومين خيراً من هذه الأيام ، الفطر والأضحى.
⬅ *فنحن لا نعرف لنا عيداً إلا ( الفطر ) و ( الأضحى ).*
⬅ *أما الأم ( الوالدة ) فلها حق في كل يوم ، والوالد كذلك، وهذا الحق فيه إجلال وتعظيم في حياتهما، وحفظ أهل الود لهما بعد وفاتهما، فمن برك لوالديك أن تحفظ أهل ودّهما، وأن تدعو دوماً لهما، وأن تتفقدهما بما أذن لك الشرع من العبادات والطاعات التي تنفعهما بعد موتهما.*
⬅ أما أن يُحتفل بالأم في يوم ويحضر لها قالب من قوالب الكيك فهذا احتفال بدعي ما أنزل الله تعالى به من سلطان.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٢١ / ٣ / ٢٠١٥ إفرنجي
↩ رابط الفتوى:
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
? للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor