نصيحتي له ولغيره أن لا يصاحب إلا مؤمناً ، فربنا عز وجل يخبرنا عن أهل النار أول ما يقذف بهم في النار فإن الواحد منهم يبحث عن صاحبه لأنه لا يصل إلى النار إلا من خلال الصاحب السيء فقال تعالى { وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين } وهم القرناء ، ولذا القرين لا ينفع صاحبه يوم القيامة إلا إن كان مؤمناً ، قال تعالى {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } فالأصحاب بعضهم لبعض عدو يوم القيامة إلا المتقين ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي } ويقول الإمام الأوزاعي : “صاحبك رقعتك فيك” فالصاحب يرقع والصاحب التقي يجر صاحبه إلى الخير، وقد قالت العرب : الصاحب ساحب ، وقال بعض الفلاسفة : قل من صاحبك أقل لك من أنت ، وقد قال الشاعر :
عن القرين لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
ويقول الخوارزمي :
لا تصحب الكسلان في حاجاته كم صالح بفاسد آخر يفسد
عدوى البليد إلى الجليد سريعة والجمر يوضع في الرماد فيخمد
وكان سفيان بن عينة – رحمه الله – يتمثل قول الشاعر :
لكل امرىء شكل يقر بعينه وقرة عين الفسد أن يصحب الفسد
فالعاقل في هذه الحياة يصحب إنساناً ينفعه يوم الدين ، فقد ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم أن إنساناً يؤمر به في النار ويكون له أخ في الدنيا فيذهب إلى الله عز وجل ويبقى يطلب من الله ويلح على الله في الدعاء والسؤال ويقول : يا رب ؛ إن فلاناً أخي ، كنا نصلي معاً، ونصوم معاً ، ونفطر معاً ، وأدخلتني الجنة وأدخلته النار، فيقول الله له : اذهب وخذ أخاك وأدخله الجنة ، فقد يدخل الإنسان الجنة بأخ يصاحبه في الدنيا ، فاحرص على أن لا تصاحب إلا من هو أعلى منك ديانة وعلماً ، فإن قصرت فلعل الله ينفعك به .