كون الحديث هل يحتج به أم لا، هذا مما وقع فيه خلاف شديد بين أهل العلم، فمنهم من منع، وعلى رأسهم ابن الضائع المتوفي سنة 680، وأبو حيان الأندلسي المتوفي سنة 745، والسيوطي المتوفي سنة 911، ومنهم جوز على الإطلاق وعلى رأسهم ابن مالك الأندلسي المتوفي سنة 672، والدماميني المتوفي سنة 897.
ومنهم من فصل، وعلى رأسهم الإمام الشاطبي في غير المطبوع من كتبه، وهو من وفيات سنة 790هـ، وقد نقل عنه ابن الراعي في كتابه الأجوبة المرضية التفصيل، وخلاصته: أن الحديث حجة، إذا قامت القرائن والأدلة على أن الراوي قد اعتنى باللفظ، فبعض الرواة لا يرون بالمعنى، وهنالك قرائن يعرفها أهل اللغة، من أن مثل هذا الحديث فيه من جزالة الألفاظ وشدة التركيب وبلاغته ما لا يصدر إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع قال فيه الإمام الشاطبي: هو أولى ما يحتج به النحويون واللغويون والبيانيون ويبنون عليه علومهم.
وللدكتور حسن موسى الشاعر كتاب مطبوع سماه “النحاة والحديث النبوي” فيه تفصيل هذه المسألة، فالخلاصة أن الحديث النبوي يحتج به في العربية ما لم يقم دليل وقرينة تبين لنا أن الراوي قد تصرف باللفظ، والله أعلم.