الدرس الخامس


شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري

تكملة حديث 7057 وشرح حديث 7058

الدرس الخامس

للشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله تعالى

قال الإمام البخاري رحمه الله

7057 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي قَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ أَنَسٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ مَشْرُوحًا فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، وَالسِّرُّ فِي جَوَابِهِ عَنْ طَلَبِ الْوِلَايَةِ بِقَوْلِهِ: سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً إِرَادَةُ نَفْيِ ظَنِّهِ أَنَّهُ آثَرَ الَّذِي وَلَّاهُ عَلَيْهِ; فَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ فِي زَمَانِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّهُ بِذَلِكَ لِذَاتِهِ بَلْ لِعُمُومِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ الِاسْتِئْثَارَ لِلْحَظِّ الدُّنْيَوِيِّ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَهُ، وَأَمَرَهُمْ عِنْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ بِالصَّبْرِ.

أيضاً هذا يوافق كلام البخاري أخرج البخاري بسنده عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي قَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ1: أي خصصت فلان بولاية، بشيء لم تفعله معي؟

فقال الأمر كما ذكرت ولكن لا ضرر عليك في ذلك، فإن وجد خير فالخير كما وصله سيصلك فالأثرة ليست عندي، لأن النبي لم يخص ذاك الرجل لمصلحة الرجل وإنما خص الرجل لمصلحة المسلمين عامة؟

كان يضع الرجل المناسب في المكان المناسب وأجاب بقوله إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةًالأثرة ليست عندي إن حصل خير وأثر ومال على استعماله فإن المال الذي سيصله سيصلك، فالأثرة التي يحتكرها من يستخدم هؤلاء سواء مستخدِمون أو مستخدَمون لا تكن في زمن النبي ولا تقع من قبله ، قال إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَوالسين اشارة للمستقبل القريب والتحقيق.

سيأتي أمراء يستأثرون فيعطون الناس ويخصونهم بعطاء دون غيرهم، فيقع الظلم أو يستخدمون بعض الناس لأغراض لهم، من مصلحة من قرابة دون تحكيم شرع الله عزَّ وجلّ.

قال: “فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِيلا تخرجوا عليهم فهذه الأثرة ليست كفراً بواحاً، فعند وجود الأثرة فَاصْبِرُواالواجب الصبر، إن أدركتم زماناً تمنعون من حقكم، ويطلب منكم أن تؤدوا حق أولياء أموركم فأدوا الذي عليكم، ولا تنتظروا الذي لكم، فإن صبرتم حتى تلقوني على هذا الحال فأنتم على نهجي فهذا الذي يحبه الله سبحانه وتعالى. وهناك قاعدة مهمة أن في الفتنة يعمل الإنسان بالفضل لا بالعدل وهذا أمر موجود بكثرة عند تقريرات العلماء.

فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَصْبِرُوا عَلَى الِاسْتِئْثَارِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُطِيعُوا وُلَاةَ [أُمُورِهِمْ وَإِنِ اسْتَأْثَرُوا عَلَيْهِمْ، وَأَنْ لَا يُنَازِعُوهُمُ الْأَمْرَ.

 

هناك نقل للعلامة بن باديس وهو سلفي جزائري، قال كلاما يوافق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في معركة. لما دحر الأعداء، بعد أن هرب أولياء الأمور وجمع الناس لقتال التتار من المساجد واستتب الأمن بعد دحر التتار، ذهب إلى أولياء الأمور وقال أنا رجل ملة ولست برجل دولة، قمت بالذي قمت به حماية لهذه الملة، يقول بن باديس: “إننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها على علم وبصيرة وتمسكا بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد، وبث الخير والثبات على وجه واحد، والسير في خط مستقيم، وما كنا لنجد هذا كله إلا فيما تفرغنا له من خدمة العلم والدين؛ وفي خدمتهما أعظم خدمة وأنفعها للإنسانية عامة، ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهرا ولضربنا فيه المثل بما عرف عنا من ثباتنا وتضحياتنا؛ ولقدنا الأمة كلها للمطالبة بحقوقنا؛ ولكان أسهل علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها؛ وأن نبلغ من نفوسها إلى أقصى غايات التأثير عليها، فإن مما نعلمه ولا يخفى على غيرنا أن القائد الذي يقول للأمة إنك مظلومة في حقوقك، وإني أريد ايصالك إليها يجد منها ما لايجد من يقول لها إنك ضالة عن أصول دينك وإنني أريد هدايتك، فذلك تلبية كلها وهذا يقاومه معظمها أو شطرها، وهذا كله نعلمه ولكننا اخترنا ما اخترنا لما ذكرناه وبيناه وإننا فيما اخترناه بإذن الله راضون وعليه متوكلون“.

 

النقل الثاني: لشيخ الإسلام في كتابه العظيم (منهاج السنة النبوية) الجزء الرابع صفحة خمسمئة وأربعون وخمس مئة وإثنان وأربعون، يقول:

وكثير ممن خرج على ولاة الأمور أو أكثرهم إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه لما رأى أنهم ما أعطوه وما خصوه خرج عليهم، ولم يصبر على الإستئثار، ثم إنه يكون لولي الأمر ذنوب أخرى فيبقى بغضه، لإستئثاره يعظم تلك السيئات، ويبقى المقاتل له ظانه أنه يقاتله لئلا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله؛ ومن أعظم ما حركه عليه طلب غرضه إما ولاية وإما مال، كما قال الله تعالى: “وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَ‌ضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴿٥٨﴾سورة التوبة؛

وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: “ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، يَقُولُ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ. وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا: إِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ: وَإِنْ مَنَعَهُ سَخِطَ. وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ كَاذِبًا: لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى“.

والرواية الثانية:

((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ثَلاثٌ لا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلاةِ يَمْنَعُهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ)) 2

 

الشاهد من الحديث رجل بايع إماما لدنيا إن أعطي منها رضي وإن لم يعط سخط، يقول تتمة كلام شيخ الإسلام فإن اتفق من هذه الجهة شبهةٌ وشهوةٌ، ومن هذة الجهة شهوةٌ وشبهةٌ قامت الفتنة، والشارع سبحانه أمر كل إنسان بما له المصلحة وللمسلمين؛ فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم. وأمر الرعية بالطاعة والنصح. وأمر بالصبر على استئثارهم. ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم في أمر مع ظلمهم، لأن الفساد الناشء من القتال في الفتنة أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر؛ فلا يزال أخف الفسادين في أعظمهما …” وله كلام طويل.

3- بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ

7058 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ.

لاحظنا في الأبواب السابقة أن تبويبات البخاري للأبواب منتزعة من الأحاديث، والإمام البخاري هو أمير ورأس وسيد أهل الحديث وهناك تبويبات البخاري للحديث هي خارج الصحيح وفي هذا اشارة إلى انه يصححها وإن لم يذكرها في صحيحه؛ وهناك تبويبات في الصحيح فيها زيادة عما ورد في الحديث.

لفظ الحديث الذي أسنده قوله ضمن قصة هَلَكةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غَلمَةٍ من قريش“.

والباب الذي بوبه قال فيه هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ“.

نلاحظ الحديث على يَدَيْ غَلمَةٍ والباب على يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ. ووقعت زيادة سفهاء، في هذا اشارة إلى أنه يصحح لفظة السفهاء، وأنها صفة لهؤلاء الأغيلمة الذين ستكون هَلَكةُ هذه الأمة على أيديهم.

ونجد لفظة سُفَهَاءَ قد وردت في رواية عند أبي عوانة في مسنده.

ورد في حديث أخر عند أحمد في مسنده ولفظ أحمد تفيدنا في الشرح إذ قال إن فساد أمتي على يد غلمة سفهاء من قريش“.

قال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري:

قُلْتُ : وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكٍ عَنْ أَبِي ظَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ فَسَادَ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ سُفَهَاءَ مِنْ قُرَيْشٍ هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ، وَتَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ سُفْيَانَ لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ بَدَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَفْظُهُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لِمَرْوَانَ أَخْبَرَنِي حِبِّي أَبُو الْقَاسِمِ قَالَ : فَسَادُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ سُفَهَاءَ مِنْ قُرَيْشٍ . وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سِمَاكٍ، وَلَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ : لَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ بِلَفْظِ : سُفَهَاءَ .فَلَعَلَّهُ بَوَّبَ بِهِ لِيَسْتَدْرِكَهُ وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ، أَوْ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ . قُلْتُ : الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا .

هنا قال الفساد أما البخاري قال: هَلَكةُ، وهنا دلالة على ان الهلاك بالفساد، هذا الحديث بلا شك من الفتن.

 

فإذا ولي المسلمين أناس سفهاء أحداث الأسنان أغيلمة؛ والغلام هو الصغير دون البلوغ فهذا فتنة عظيمة فالأمور الكبار الأصل أن يتصدر لها الرجال الكبار، والولاية العامة الأصل يتولها ذا سن، إذ السن دليل تجربة وفهم وينبغي أن يكون كذلك ذو عقل راجح. والعقل يأتي أحياناً من تجارب الحياة، وينبغي من يتولى أمور الناس يكون ذا دين واضح ودليل مكين وقوي.

كلمة سُفَهَاءَ الواردة في الحديث لا يريد بها السفه لتحقيق المصالح الدنيوية فحسب إنما يراد بها ما يناظر المسائل الشرعية الدينية لأن الله جل في علاه يقول: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ)). وهناك مثل من لا كبير له لا تدبير له.

وقال الشاعر: إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ ترى في بعضها خلل.

 

قوله في التبويب هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍأُغَيْلِمَةٍ هنا صغر والتصغير أحياناً للتحقير وهو المراد هنا؛ لأنهم ليسوا أهلاً لهذه الولاية، لفظ سُفَهَاءَ في هذه الرواية هي لفظة واردة خارج صحيح الإمام البخاري، وفي هذا اشارة عظيمة إلى أن البخاري يصحح أحاديث عظيمة ليست عنده، ويظهر هذا جلياً من أجوبته على أسئلة تلميذه الإمام محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، السلمي الترمذي، رحمه الله.

أرسل الإمام البخاري في مسنده الثاني إلى عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد قال: أخبرني جدي، والمراد بجده هنا أبو عثمان سعيد بن عمرو وهو تابعي الحديث أي رواه عن صحابي قال:”

قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ، ومروان هو مروان بن الحكم بن العاص بن أمية وكان يومها أميراً على المدينة، يقول ومعنا امير المدينة وهو مروان فقال أبو هريرة (وأبو هريرة من أكثر أصحاب النبي حديثاً؛ والأحاديث التي وردت في الفتن بث بعضها ولم يبث الآخر إلا بالتلميح والتلويح دون التصريح، وكان يقول عند الحاكم في المستدرك وغيره:

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وِعَاءَيْنِ3 فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ4 قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ5.

فائدة:

فيه اشارة إلى جواز كتمان العلم، والظاهر أنه برء ذمته؛ بأن لمح للناس عامة وبأصحاب الحديث خاصة. إذ المسلم مأمور أن يبلغ ما علمه الله سبحانه وتعالى) فيقول سعيد بن عمرو: قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق وهو النبي والرسول صادق في نفسه مصدق عند ربه وعند الناس.

 

قال: وفي هذا اشارة إلى التأكيد أن هذا الخبر لابد أن يقع فهذا الخبر قاله الصادق الذي لا يكذب وقاله المصدَّق من صدقه الله ومن صدقه عباد الله المؤمنون.

سمعت الصادق المصدوق يقول: هلكة أمتي على يدي غلمة من قريشهلكة بمعنى الهلاك في رواية عند البخاري فيها قوله هلاك هذه الأمة…. الحديث

أما رواية أحمد :” إِنَّ فَسَادَ أُمَّتِي….” فالمراد بالهلاك الفساد ينبغي فهم الأحاديث ولا ينبغي أن نفهم الأحاديث بنفسياتنا ولا بواقعنا ولا يجوز لنا فهم أحاديثه من الفتن التي تقع.

فمثلاً موضوع تهويد بيت المقدس نسمع بعض طلبة العلم يقولون: أن النبي أخبرنا أن بيت المقدس سيهدم، طالب العلم ينبغي أن يضبط ألفاظه لا نعرف في السنة دليل أن بيت المقدس سيهدم، نعرف حديثاً صحيحاً عند أحمد في المسند قال : “عمارة مسجدي هذا خراب بيت المقدس وعمارة بيت المقدس خراب مسجدي هذا“. لم أجده؟؟؟؟

بل وجدت: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أن النبي قَالَ: (عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) 6

انظر الشرح في الهامش: 7

فمتى عمر مسجدي عمارة ظاهرة ففي هذا إشارة إلى أن بيت المقدس سيقع فيه الخراب، وخراب المسجد الصلاة وهذا واضح تارة يقولون لا يدخل المسجد إلا من كان عمره أربعين وتارة يقولون لا يدخله إلا من كان فوق الستين وطالب العلم يفهم ان هذا خراب للمسجد، لا يجوز فهم الحديث عبر ما يشاع بأن المسجد سيهدم، لا أنفي هدم المسجد لكن لا أثبت الهدم بخراب فينبغي فهم الأحاديث فهماَ صحيحاً.

 

الحديث: هَلَاكُ أُمَّتِي، لا يراد بالأمة إلا أحدى أمرين. إما امة الدعوة وإما أمة الإستجابة، فإن سأل سائل هل البوذيين والنصارى والمجوس وما شابه ذلك من أمة محمد فهم من أمة الدعوة التي بعث لها محمد أما من أمة الإستجابة فلا.

واعلموا ان النبي إن ذكر أمته في سياق الفتن أو ذكر أمته في سياق ذكرت أمته وغيرها من الأمم فلا يكون المراد بأمته إلا أمة الإستجابة؛ فمثلاً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْجَمَاعَةُ»8 .

الإفتراق الوارد في ثلاث وسبعين هؤلاء ليسوا بكفار لأن النبي ذكر اليهود والنصارى ثم قال وستفترق أمتيوهذه الأمة لا يراد بها إلا أمة الإستجابة والتهديد بالنار لا يلزم منه الكفر فالفرق النارية لا يلزم منها أن تكون كفرية، فكما ان الإنسان إن فعل بعض الأشياء وهدد بالنار فلا يكفر وكذلك هذه الأمة إن افترقت تهدد بالنار لكنها لا تكفر.

 

فالمراد بهلاك هذه الأمة عند البخاري هي أمة الإستجابة الذين استجابوا للنبي ، هذه الأمة بمجموعها معصومة كنبيها، ليست معصومة بأفرادها وإنما معصومة بمجملها ورد ذلك بأحاديث كثيرة، وقد سرد الإمام الشاطبي في الموافقات الأربعين خصلة اشتركت فيها هذه الأمة مع نبيها. وياليت الخطباء على المنابر يبرزون خصائص الأمة حتى تسترد لها العافية، وحتى نستشعر بوجودنا وميزتنا خصائصنا وقوتنا، وأننا أمة عندها اعتبر عند الله عزَّ وجلّ والله يحفظها وحفظها دائم لا ينقطع، المراد بلا شك بالهلاك هو هلاك بعض هذه الأمة وليس الهلاك بالجملة.

 

عن عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ بن أبي وقاص رضي الله عنه ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّّرَسُولَ اللَّهِ أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْعَالِيَةِ، حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا، فَقَالَ : ” سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا ، وحَدَّثَنَاه ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَقْبَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَمَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ .9

ولمسلم عن ثوبان ()، أن رسول الله قال: «إِنّ اللّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ. فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا. وَإِنّ أُمّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُها مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا. وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ. وَإِنّي سَأَلْتُ رَبّي لأِمّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بعَامّةٍ. وَأَنْ لاَ يُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ. فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ. وَإِنّ رَبّي قَالَ: يَا مُحَمّدُ إِنّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنّهُ لاَ يُرَدّ. وَإِنّي أَعْطَيْتُكَ لأِمّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بعَامّةٍ. وَأَنْ لاَ أُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ سِوَىَ أَنْفُسِهِمْ. يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ. وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتّىَ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً».ورواه البرقاني في صحيحه، وزاد: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف، لم يُرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تَعبد فئام من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي،لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمّتِي عَلَى الْحَقّ منصورة. لاَ يَضُرّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ. حَتّىَ يَأْتِيَ أَمْرُ اللّهِ تبارك وتعالى».10

ممكن للأعداء أن ينفردوا بقطعة ببلدة بمكان فيضعفوا المسلمين فيه، أما ان تستحل بيضة هذه الأمة جميعها وان تستحل قوتها في أرجاء الأرض فلله الحمد أن عصم هذه الأمة بأن تجتمع عليها الأمم ويستحلوا بيضتها.

 

الخوف علينا من أنفسنا من ذنوبنا من افتراقنا، ليس الخوف من أعدائنا.

حتى نفهم حديث هَلَكَةُ أُمَّتِي مع حديث ثوبان وحديث سعد رضي الله عنهما لابد أن نفهم المراد بهلاك هذه الامة، هلاك بعض هذه الأمة امة الإستجابة.

هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وهذا خبر أبو هريرة رضي الله عنه يبلغ به أمير المدينة مروان بن الحكم، واختيار أبي هريرة لها الحديث واخباره للأمير على نوع سر، وليس في مجلس املاء أخبره، وكان ثالثهما أبا عثمان سعيد بن عمر، فَقَالَ مَرْوَانُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً.

واعراب غِلْمَةً تمييز: الغلام، إذا أطلق بلا شك يراد به الصبي لم يبلغ. والمراد هاهنا صغير السن.

في وقت مروان لم يتول أحد من بني أمية من صغار السن ممن لم يبلغوا، إنما وقع ذلك في زمن يزيد بن معاوية، فيزيد عزل الشيوخ ولم يولِ أحدا منهم، عزلهم عن الولايات وولَّ مكانهم الصغار ويزيد من ذرية مروان، أنطق الله مروان بالحق بأن لعنهم، وهم من ذريته.

فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ. وفي هذا اشارة ان عنده علماً بأعيانهم ومن ذرية من.

 

فكأن المراد بقول أبي هريرة هنا لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ: أي المعنيين بهلاك هذه الأمة.

في رِوَايَةَ أَبِي زُرْعَةَ عند البخاري يُهْلِكُ النَّاسَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍوَإِنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ قُرَيْشٍ وَهُمُ الْأَحْدَاثُ مِنْهُمْ لَا كُلُّهُمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُهْلِكُونَ النَّاسَ بِسَبَبِ طَلَبِهِمُ الْمُلْكَ وَالْقِتَالَ لِأَجْلِهِ فَتَفْسُدُ أَحْوَالُ النَّاسِ وَيَكْثُرُ الْخَبْطُ بِتَوَالِي الْفِتَنِ، وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ ، ويكثر الخمر وفي هذا اشارة ظاهرة إلى حرمة الخروج على الولاة والخروج عليه من أسباب الفساد وهلاك الناس.

وقول أبي هريرة لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ عند الطبراني يذكر أن الهلاك على يدي الحكم وبعض ولده.

يقول عمرو بن يحيى فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي (وهو سعيد بن عمرو) إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ وهم ملِّكوا غير الشام لكنه خص الشام بالذكر لأنها كانت مساكنهم وموطن خلافة بني أمية.

علي رضي الله عنه نقل الخلافة من المدينة إلى الكوفة، ومعاوية نقل الخلافة من الكوفة إلى الشام.

يقول عمرو بن يحيى فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ قُلْنَا أَنْتَ أَعْلَمُ.

 

اسقاط الأحاديث على الأحداث والأماكن والأشخاص ليس بمنهج من سبق، ولا يجوز لأحد أن يسقط حدثاً إلا بعلم من وحي أو بقرائن ظاهرة، فالقول أن النبي أراد كذا وكذا هذا ايقاف لعجلة الزمن، والنص وحي أوحى الله لنبيه به، وعلم الله يشمل الماضي والحاضر والمستقبل؛ ونحن إن سمعنا حديثاً أردنا أن نسقطه ألغينا المستقبل؛ والنبي أخبرنا بالفتن من أجل أن نحذرها ومن أجل أن نبعدها عن أنفسنا لا من أجل أن نعمل على اسقاطها على أناس معينين .. أحداث معينة .. أماكن معينة، فأخبرنا النبي حتى ننتبه ولا نقع في الزلل، فمثلاً حديث عمر بن الخطاب وهو الحديث الأول في صحيح مسلم وعند البخاري في مواطن لما جاء جبريل للنبي وسأله متى الساعة قال:” مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثَ مَلِيَّاً…”11

يقول الشراح السابقون في هذا الحديث أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا اشارة إلى كثرة التسري، لأن الأمة إن تمتع بها صاحبها فأصبحت ذات ولد ولا يجوز لصاحبها أن يبيعها لأنها صاحبة سيادة أم ولده، فسيدها الذي منع من بيعها ولدها. وهذا وقع بزمن العباسيين بكثرة.

 

الناس في سائر الأزمان يعتريهم غنى بعد فقر، فقر بعد غنى وتغير أحوال الناس أمر معتاد أما إعجاز الحديث أن ترى الإنسان وهو متلبس بصفاة الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ وهو راع فقير عالة فحصر الأحاديث في أشخاص أحداث أوقات معينة ليس هذا من صنيعنا، صنيعنا أن نفهم أحاديث النبي وأن نفهم مراده بالإخبار بها، أخبرنا لنحذرها وننتبه لها، ونبعد أنفسنا عن الفتن والذي يؤكد ذلك أن هناك اناس معينين.

1 صحيح البخاري» كتاب مناقب الأنصار» بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِلْأَنْصَارِ اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ. رقم 3581.

 

2 [ متفق عليه ]

 

3 قَوْلُهُ: (وِعَاءَيْنِ) أَيْ ظَرْفَيْنِ، أَطْلَقَ الْمَحَلَّ وَأَرَادَ بِهِ الْحَالَّ، أَيْ: نَوْعَيْنِ مِنَ الْعِلْمِ. وَوَقَعَ فِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ ” حَفِظْتُ ثَلَاثَةَ أَجْرِبَةٍ، بَثَثْتُ مِنْهَا جِرَابَيْنِ ” وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِحَدِيثِ الْبَابِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْوِعَاءَيْنِ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْآخَرِ بِحَيْثُ يَجِيءُ مَا فِي الْكَبِيرِ فِي جِرَابَيْنِ وَمَا فِي الصَّغِيرِ فِي وَاحِدٍ.

 

4 وَحَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْوِعَاءَ الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَبْيِينُ أَسَامِي أُمَرَاءِ السُّوءِ وَأَحْوَالِهِمْ وَزَمَنِهِمْ، وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَكُنِّي عَنْ بَعْضِهِ وَلَا يُصَرِّحُ بِهِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ، كَقَوْلِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السِّتِّينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ يُشِيرُ إِلَى خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَمَاتَ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ.

 

5 وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنِ الْقَتْلِ [متفق عليه] صحيح البخاري، كتاب العلم، رقم الحديث: 120 .

ومراد أبي هريرة من الوعائين، فما بثه فهو علم الأحكام الشرعية، وهي أحاديثه التي بين أيدينا، وأما ما لم يبثه فهو كمواطن الفتن وأصحابها، وأوقاتها، فقد كان لديه من رسول الله ﷺ علماً واسعاً، لكنه لم يحدث به خشية الفتنة، وخشية الشقاق، وخوفاً على نفسه في مقابل نفع محتمل، وضرر بين، وليس فيما كتمه شيء من أحكام الشرع. وقد كان لأبي هريرة رضي الله عنه علم خصه به رسول الله في الفتن وأهلها.

وقد روى محمد بن راشد عن مكحول قال كان أبو هريرة يقول: رب كيس عند أبي هريرة لم يفتحه يعني من العلم.

وما كتمه أبو هريرة هو من علم الفتن لا من علم الحكام، قال الذهبي في السير:

( هذا دال على جواز كتمان بعض الأحاديث التي تحرك فتنة في الأصول أو الفروع أو المدح والذم أما حديث يتعلق بحل أو حرام فلا يحل كتمانه بوجه فإنه من البينات والهدى وفي صحيح البخاري قول الإمام علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله.

وكذا لو بث أبو هريرة ذلك الوعاء لأوذي بل لقتل ولكن العالم قد يؤديه اجتهاده إلى أن ينشر الحديث الفلاني إحياء للسنة فله ما نوى وله أجر وإن غلط في اجتهاده ) انتهى كلام الذهبي.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ( وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفاً على نفسه منهم كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين. يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها ).

ولا حرج على العالم إن كتم شيئاً من العلم إن رأى مفسدة ظاهرة جلية تفوق مصلحة ظهور ما لديه، قال الذهبي في موضع آخر من السير: (وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثاً كثيراً مما لا يحتاجه المسلم في دينه وكان يقول: لو بثثته لقطع هذا البلعوم وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الأمة حفظه ).

ويسوغ للعالم كتم شيء من العلم كالقول بمسألة والإفتاء بها، خشية وقوع مفسدة لا تقاومها تلك المصلحة والجرأة على الفتيا، فمتى ظهر للعالم مفسدةً تترتب على فتياه، وتيقن وقوع المفسدة، التي لا تقاومها مصلحة القول بما يعتقده الإنسان من علم ليفتي به، فإنه يجوز له حينئذٍ، عدم التصريح بالفتوى والرأي، ولكن لا يكون هذا عن هوى ومصلحة وحظ دنيوي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( العالم تارة يأمر، وتارة ينهي، وتارة يبيح، وتارة يسكت عن الأمر أو النهي أو الإباحة، كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح، وعند التعارض يرجح الراجح كما تقدم بحسب الإمكان.

فأما إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن إما لجهله وإما لظلمه ولا يمكن إزالة جهله وظلمه فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه ، كما قيل إن من المسائل مسائل جوابها السكوت، كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء حتى علا الإسلام وظهر..

فالعالم في البيان والبلاغ كذلك قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن، كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله تسليماً إلى بيانها ) انتهى كلامه.

وقد جاء عن بعض أئمة الإسلام العمل بهذا، كما جاء عن الشافعي في الأم فيما حكاه عنه الربيع بن سليمان المرادي المصري فقد قال: ( الذي يذهب إليه الشافعي فيما رأيته أنه لا ضمان على الصناع إلا ما جنت أيديهم. ولم يكن يبوح بذلك خوفاً من الصناع ) انتهى.

كما يسوغ للعالم القول بالقول والرأي الراجح للمصلحة الراجحة، ما لم يصحب ذلك هوى ومصلحة وحظ دنيوي، قال ابن رجب رحمه الله في كتابه ( الاستخراج لأحكام الخراج): ( وقد ينزل القول الراجح المجتهد فيه إلى غيره من الأقوال المرجوحة إذا كان في الإفتاء بالقول الراجح مفسدة ، وقرأت بخط القاضي مما كتبه من خط أبي حفص: أن ابن بطة كان يفتي أن الرهن أمانة ، فقيل له: إنَّ ناساً يعتمدون على ذلك ، ويجحدون الرهون ؛ فأفتى بعد ذلك بأنه مضمون )انتهى كلامه رحمه الله.

وقد قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان: ( الأحكام نوعان::

نوع لا يتغير عن حالة واحده هو عليها لا بحسب الأزمنة والأمكنة ولا اجتهاد الأمة كوجوب الواجبات وتحريم المحرمات والحدود المقدرة في الشرع على الجرائم ونحو ذلك وهذا لا يتطرق إليه تغير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه..

النوع الثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زمانا ومكانا وحالا كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفتها فان الشارع ينوّع فيها بحسب المصلحة ) انتهى كلامه.

http://www.islamlight.net/attarefe/i…18463&Itemid=7

 

6 رواه أبو داود (4294) . حسنه الحافظ ابن كثير والشيخ الألباني .

 

7 أشاروا إلى أن في هذا الحديث تعلقا بموضوع هدم المسجد الأقصى . ولكن الصواب أنه ليس فيه إشارة لذلك من قريب أو من بعيد. وذلك أن :

  1. أن المقصود من قوله ﷺ : ( عمران بيت المقدس ) المدينة التي تسمى اليوم ” القدس “. وليس المقصود خصوص المسجد الأقصى. بدليل أنه قابل هذه المدينة ” بيت المقدس ” بالمدينة المنورة ” يثرب “. وهذا لا يلزم منه بالضرورة الحديث عن المسجد الأقصى بالخصوص .
  2. كما يمكن فهم الحديث على وجهين : أن بيت المقدس تخرب ثم تعمر. ويمكن فهمه على أن عمران بيت المقدس المقصود به كمال العمارة. وإلا فإن بيت المقدس لا تخرب .

جاء في كتاب “عون المعبود شرح سنن أبي داود” (11/270) :

” قال الأردبيلي في ” الأزهار ” : قال بعض الشارحين :

المراد بـ ” عمران بيت المقدس ” : عمرانه بعد خرابه. فإنه يخرب في آخر الزمان. ثم يعمره الكفار .

والأصح : أن المراد بالعمران الكمال في العمارة. أي عمران بيت المقدس كاملا. مجاوزا عن الحد وقت خراب يثرب. فإن بيت المقدس لا يخرب .

قال القاري – نقلا عن الأشرف – : لما كان بيت المقدس باستيلاء الكفار عليه. وكثرة عمارتهم. فيه أمارة مستعقبة بخراب يثرب. وهو أمارة مستعقبة بخروج الملحمة. وهو أمارة مستعقبة بفتح قسطنطينية. وهو أمارة مستعقبة بخروج الدجال جعل النبي ﷺ كل واحد عين ما بعده وعبر به عنه ” انتهى .

ولا ينبغي أن يفهم من كلامنا هذا أن المسجد الأقصى يستحيل هدمه أو استيلاء اليهود عليه. فإن هذا لم يرد في النصوص أيضاً. وقد استولى النصارى عليه زمناً طويلاً ثم استنقذه المسلمون من أيديهم .

قال الدكتور عبد العزيز مصطفى كامل حفظه الله :

” ليس بين أيدينا نص معصوم يدل على أن هدم المسجد الأقصى ممتنع قدرا. وليس شرطا أن ترد أحاديث الفتن بكل ما يقع. فكثير من الحوادث الجسام وقعت دون أن تذكر آية أو ترد في حديث. وبعضها أخبر عنه النبي ﷺ. ولكن حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه .

إن الكعبة نفسها قد هدمت من قبل – في زمن الحجاج – دون أن يكون لذلك ذكر في محكم آية أو نص حديث. والحجر الأسود قد نزع من الكعبة – في زمن القرامطة – ونقل إلى البحرين ليظل هناك سنين عددا قبل أن يعاد. ولم تأت الإشارة إلى ذلك في كتاب ولا سنة. إذن فليس لأحد أن يحتج بعدم الورود على عدم الوقوع. لأن الأمر قد يسطر في القدر. ولا يذكر في الكتب .

والذي يحكم الأمور عند ذلك هو قانون الأسباب والمسببات الذي يجري به قدر الله بما يشاء وقوعه .

وعلى حسب مجريات الأمور المشاهدة. فإنها شاهدة بدأب اليهود والنصارى وأخذهم بكل الأسباب المادية. في الوقت الذي يريد المسلمون فيه أن يعطلوا قانون الأسباب. وفي ظل ذلك لا نظن أن سنن الله تعالى ستحابي أحدا. فماذا يفعل المسلمون في العالم كله وهم يبلغون عدديا مليارا وربع المليار؟ ماذا فعلوا عبر ما يزيد على ثلاثين عاما لكي يستنقذوا مقدساتهم من عصابة الملايين الأربعة التي زرعت بينهم ثم فرضت وجودها عليهم ؟

إن قدر الأسباب لن يحابينا ونحن نجافيه. إلا إن أراد الله أمرا. فقدر بسببه شأنا إلهيا محضا ينقذ المسجد ويعطل أسباب الكيد ضده. كما رد الله كيد أصحاب الفيل لهدم الكعبة قبل الإسلام …ولكن المشكلة أن هذا أيضا أمر لم يأت به خبر معصوم فيتكئ عليه المتكئون .

 

8

 

9 صحيح مسلم » كِتَاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ» بَاب هَلَاكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ …رقم الحديث: 5149

 

10 أخرجه أحمد (5/278، رقم 22448)، ومسلم (4/2215، رقم 2889)، وأبو داود (4/97، رقم 4252)، والترمذي (4/472، رقم 2176) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (2/1304، رقم 3952)، وأبو عوانة (4/508، رقم 7509)، وابن حبان (16/220، رقم 7238). وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/311، رقم 31694). والحاكم في المستدرك رقم (8390) 4/496، والبيهقي في السنن الكبرى رقم (18398) 9/181، والطبراني في مسند الشهاب رقم (1113) 2 / 166 ، وأخرجه أحمد أيضاً من حديث شداد بن أوس رقم (17156) 4 / 123.

 

11 عن عُمرَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: بَينَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ إذْ طلَعَ عَلَيْنا رَجُلٌ شَديدُ بَيَاضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النَّبيِّ ﷺ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ. وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ الله، وَتُقِيْمَ الصَّلاَة، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ،وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البيْتَ إِنِ اِسْتَطَعتَ إِليْهِ سَبِيْلاً قَالَ: صَدَقْتَ. فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِيْمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِالله،وَمَلائِكَتِه،وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ،وَالْيَوْمِ الآَخِر،وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنِ الإِحْسَانِ، قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: مَا الْمَسئُوُلُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ: فَأَخْبِرْنِيْ عَنْ أَمَارَاتِها، قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثَ مَلِيَّاً ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوله أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ.