رَ‌بَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَ‌سُولًا مِّنْهُمْ

آية فهمها من كليات الدين

آية فهمها من كليات الدين، وفيه شرح الآية من سورة البقرة: 129 حيث دعا إبراهيم عليه السلام لأهل مكة: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129].

روى الإمام أحمد عن أبي أمامة قال:

قلت: يا رسول الله! ما كان بدء أمرك؟ قال: ((دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام)).

ورواه محمد بن إسحاق من طريق أخرى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه مثله.

ومعنى هذا أنه أراد بدء أمره بين الناس واشتهار ذكره وانتشاره، فذكر دعوة إبراهيم اذي تنسب إليه العرب، ثم بشرى عيسى الذي هو خاتم أنبياء بني إسرائيل. يدل هذا على أن من بينهما بشروا به أيضاً.

رَبَّنَا: دعاء.

الداعي إبراهيم.

السياق في حق ذريته.

من الذي بعث في ذريته: محمد. ((أنا دعوة أبي إبراهيم)). هو ثمرة استجابة دعاء إبراهيم. إشارة إلى أهمية الدعاء.

دعا إبراهيم ثلاث أدعية كلية.

الدعاء الأول: أن يجعل ذريته أئمة في الدين. وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَ‌اهِيمَ رَ‌بُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّ‌يَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿البقرة: ١٢٤﴾ فاستدرك الله تعالى على طلبه وقال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ.

حسب السياق المفروض أن تكون الكلمة الظالمون. ولكنها جاءت:

الفاعل: العهد

المفعول به: الظالم.

فالعهد هو الذي يتحرك. وهو الذي يحكم، وهو الذي يبحث عن غير الظالم فيكون عنده، فيحقق أمنية إبراهيم.

الذي يظلم نفسه بالشرك أو بالمعاصي أو بالكبائر لن يكون إماما في الدين. مهما بلغ علمه لا بد له من السقوط

الدعاء الثاني: وَإِذْ قَالَ إِبْرَ‌اهِيمُ رَ‌بِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْ‌زُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَ‌اتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‌ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ‌ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّ‌هُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ‌وَبِئْسَ الْمَصِيرُ‌ ﴿١٢٦﴾.

فيه إشارة أن هذه الدنيا وزينتها، وكل ما فيه لا صلة له في الدين.

الدعاء الثالث: رَ‌بَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّ‌يَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِ‌نَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَاۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّ‌حِيمُ ﴿١٢٨﴾

ما أجمل الدعاء وكيف ينبغي للمسلم أن يستفيد منه، صلاتنا وكل عبادتنا هي ثمرة الدعاء.

وَمِن ذُرِّ‌يَّتِنَا: معنى أُمَّةً. ارزقني ذرية تكون أمة في الدين.

جماعة.

إماما

بعد أمة: وقت.

أم مريم دعت فجاءت أنثى. ومريم أنجبت عيسى نبي الله.

الآية:

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129].

ابعث: من الاثارة. تخيل أمة هامدة لا حياة فيها.

وَابْعَثْ فِيهِمْ: هل يكون فيهم وهو ليس منهم؟ نعم. فكما أن الاستغفار أمان من العذاب إلى يوم الدين، كذلك الرسول هو أمان للمسلمين إلى يوم الدين.

لو كانت الآية: وما كان الله معذبهم وأنت منهم: لجاء المعنى

وهذا دعاء يلتقي مع حديث النبي: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة.

وأصل الحديث في الصحيحين دون قوله: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. من حديث الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ. البخاري (3640)، ومسلم (1921).

وأخرجاه من حديث معاوية، رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ عُمَيْرٌ: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ.البخاري (3641) ومسلم (1037).

حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ “. 

 وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَعَبْدَةُ كِلاَهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ،  وَاللَّفْظُ لَهُ  حَدَّثَنَا مَرْوَانُ،  يَعْنِي الْفَزَارِيَّ  عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ  لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ  . ..

((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون)). أخرجه البخاري في (كتاب الاعتصام) من حديث المغيرة بن شعبة.

((ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله)).

ثم ختم هذا الحديث العظيم المبارك بهذه البشارة، هذه بشارة خير بشر بها النبي وهو بشير نذير والحديث فيه بشارة وفيه نذارة وختمه بهذه البشارة العظيمة قال: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من ناوءهم حتى تقوم الساعة) يعني: هم منصورون بنصر الله.

(على الحق) أي: ثابتون عليه مستمسكون به معتصمون بكتاب الله وسنة رسوله

(لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى أن تقوم الساعة) (إلى أن تقوم الساعة) أي: (تقوم الساعة) المراد بها الريح التي تُرسل في آخر الزمان فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ثم لا يبقى إلا شرار الخلق فعلى أولئك تقوم الساعة، هذه بشارة ببقاء الحق وثبات أهله وحفظ الله لهم، فالحق باقٍ بعز عزيز وبذل ذليل، الله تكفل بحفظه ومن الخير للإنسان أن يجاهد نفسه بأن يكون من أنصار هذا الحق وأعوان هذا الحق ويكتب في عداد هؤلاء حتى يفوز بسعادة الدنيا والآخرة.

يَتْلُو: الشيء يعقب شيئا آخر.

العلم الذي يأتي بطريق السماع خير من العلم الذي يأتي بالقراءة.

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129].

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَ‌سُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿الجمعة: ٢﴾

الْأُمِّيِّينَ: الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب يحتاج أن يتلى عليه.

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾

فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ: اجعل هذا الرسول فيهم. إن تمسكنا بهديه، يكون الرسول فينا. وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُ‌ونَ ﴿٣٣﴾

الأمة في أولها: كان فيها ضبط الصدور. الأمة في آخرها: أصبح فيها ضبط السطور. الخيرية في التلاوة.

قال تعالى: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ‌﴿١٠﴾ فالسماع والعقل من أسباب النجاة.

المسلمون اليوم انشغلوا بالوسائل وتركوا الحقائق والمقاصد. تكتيل الناس وتحزيبهم، كتابة البيانات والشتائم.

والدين قائم على البيان والنصائح. علم وتزكية.

أهم واجبين في حق الأمة كفرض كفاية:

آية الأمانة

إِنَّا عَرَ‌ضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿٧٢﴾ لِّيُعَذِّبَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِ‌كِينَ وَالْمُشْرِ‌كَاتِ وَيَتُوبَ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورً‌ا رَّ‌حِيمًا ﴿٧٣﴾ الأحزاب.

النبي صلى الله ما بعث إلا من أجل أن تحمل الأمانة أنا أنت.

الله تعالى ذكر أقسام الناس الملية، الناس في الملي، التقسيم الملي في الناس ثلاثة فقط:

الأول: الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ. حملها ظاهرا وليس باطنا.

الثاني: وَالْمُشْرِ‌كِينَ وَالْمُشْرِ‌كَاتِ.

الثالث: الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. وهم الذين حملوا الأمانة.

اولى الناس بالتوبة هو الظالم لنفسه.

ما أجمل العلم من كانت نفسه مزكاة.

وما أشقى العلم أو صاحبه إن لم يزكي نفسه.

وسيأتي زمن يكون علماؤهم من الأشرار من الذين لم يزكوا أنفسهم.

اليهود والنصارى شرها علماؤهم. أمة محمد خيرها علماؤهم. والنبي أخبرنا أننا سنتشبه باليهود والنصارى. ومن ضمن مفردات التشبه. أنه سيأتي يوم يكون شر هذه الأمة علماؤهم. واليوم من ذاك اليوم.

إِنَّا عَرَ‌ضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿٧٢﴾ لِّيُعَذِّبَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِ‌كِينَ وَالْمُشْرِ‌كَاتِ وَيَتُوبَ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورً‌ا رَّ‌حِيمًا ﴿٧٣﴾ الأحزاب.

ظلوما: الظلم يحتاج إلى تزكية.

جهولا: يحتاج إلى العلم. فلما دعا إبراهيم، كانت النعمة العظمى بأن رفع الظلم ورفع الجهل.

لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَ‌سُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿آل عمران: ١٦٤﴾

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَ‌سُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿الجمعة:2

لماذا نتعلم؟ حتى نزكي أنفسنا.

كيف نزكي أنفسنا؟ بالعمل.

لذلك من تعلم ولم يعمل كان معذبا، وأول من تسعر بهم النار…. حديث أبي هريرة في الصحيح.

العلم يعذب وهو مصدر عذاب وليس مصدر رحمة: لا تظن أن العلم نافعا إن لم يزكي العبد نفسه.

والعلم غير النافع يفرق: وَمَا تَفَرَّ‌قُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّ‌بِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِ‌ثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِ‌يبٍ ﴿الشورى: ١٤﴾

العلم بدون تزكية يدخل وليات على الأمة. مصدر عذاب وليس رحمة.

العلم الصحيح لا ينفك عن التزكية.

لا بد من رفع الظلم قبل رفع الجهل: إنه كان ظَلُومًا جَهُولًا ، لذا انفكاك العلم عن العمل هذا من البدع التي لم يكن عليها السلف الصالح. الإمام علي بن المديني جاءه شاب يجمع طرق حديث من كذب علي متعمدا فليتبؤ والجمع للتكثر فقط. فقال حقيق أن يكتب على قفاه: لا يفلح.

وأحدهم قال لما سمع أحدهم يجمع الحديث: الهاكم التكثر.

وجوبا عينيا على كل إنسان: أن يحصل كل منا ثمرة للعلم وثمرة للتزكية. وما لم يكن الأمر على هذه الحال، فالإنسان في خسران. والدليل:

خصلتان لا تجتمعان في منافق، حسن سمت وفقه في الدين. المنافق يكون عنده: سمت دون فقه.

يجب وجوبا عينيا على كل مسلم رضي بالله ربا وبالإسلام دينا.. أن يحقق مقدارا من حسن سمت وفقه في الدين.

المنافق لا يجمع حسن سمت وفقه في الدين أبدا، مستحيل.

يجب وجوبا عينيا أن يحقق ثمرة والحظ الأدنى من وَيُزَكِّيهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمُ.

وَيُزَكِّيهِمْ – يضفي حسن سمت.

وَيُعَلِّمُهُمُ: يضفي فقه في الدين.

إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 

أعلى درجات التزكية: الصبر.

والصبر على الطاعات أعظم من الصبر عن المعصية. وأعظم درجات العلم اليقين.

فمن كان عنده صبر ويقين كان إماما في الدين. وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِ‌نَا لَمَّا صَبَرُ‌وا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴿٢٤﴾

فبالصبر واليقين، تنال الإمامة في الدين.

فمن حقق أعلى مرتبة في التزكية وهي الصبر، وأعلى مرتبة في العلم وهي اليقين. أصبح وارثا لسيد المرسلين. أصبح إماما من أئمة الدين.

لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَ‌سُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿آل عمران: ١٦٤﴾

قبل بعثة النبي لم يكن عندهم لا تزكية ولا علم! كان عندهم:

إِنَّا عَرَ‌ضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿٧٢﴾ لِّيُعَذِّبَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِ‌كِينَ وَالْمُشْرِ‌كَاتِ وَيَتُوبَ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورً‌ا رَّ‌حِيمًا ﴿٧٣﴾ الأحزاب.

لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَ‌سُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿آل عمران: ١٦٤﴾

ضَلَالٍ مبين: هو امتزاج الجهل مع الظلم.

هدى مبين: العمل الصالح والعلم النافع. تزكية وعلم.

شعار الإصلاح: الأمة لا تنهض إلا الشيخ الألباني كان يقول: الأمة لا تنهض إلا بتصفية وتربية.

تربية: هي وسيلة التزكية.

العلم النافع نحصله: بالتزكية.

العلم اليوم اختلط صحيح بواهيهه وقل من يفليه ويبحث عن ناقليه.

شعار التصفية والتربية مأخوذ من دعوة إبراهيم: وَيُعَلِّمُهُمُ وَيُزَكِّيهِمْ:

الأحب إلي أن نقول: تربية وتصفية، على استجابة الله وإعطاء المنة الكبرى: يكون تحصيل التزكية مقدما على تحصيل التصفية.

ماذا نريد من كل هذا؟ من خارطة وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ.

التصفية همنا ديدننا دعوتنا، وكل ما خالفها جريمة في الدين. وضياع للوقت.

العلم ثقيل ولكن للنفس فيه حظ، ولكن إذا حصلنا الحظ الأدنى من العمل هذا نكون رفعنا إثما عن الأمة.

هل يجب أن نعطي النفس حظها؟

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129].

من أنت العزيز، أنت الغالب، الحكيم فيما شرع، وفي بيان ما يحب ويرضى.