السؤال الثاني أخ يسأل يقول أم ارضعت ابنة أحد الإخوة أربع رضعات مشبعات هل يحق…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/08/WhatsApp-Audio-2017-08-22-at-8.33.46-AM.mp3الجواب: اختلف أهل العلم في الرضعات المحرمات.
فعند الحنفية أقل ما يُسمى رضاعة يُحرم حتى لو كانت رضعة واحدة، قالوا: لأن تحريم الرضاعة ثبت بالتواتر، وعندهم الآحاد لا يقوى على تخصيص المتواتر، فالرضعة الواحدة تحرم.
عند مالك وأحمد قالوا: النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان.
قالوا: مفهوم هذا الحديث أن الثلاث رضعات يُحرمن.
أسعد المذاهب بالأخذ بجميع الأدلة مذهب الشافعية فقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: أول ما كان يحرم من الرضاعة عشر رضعات مشبعات، فنسخن الى خمس، فخمس رضعات مشبعات يحرمن.
فلو كانت هذه البنت مثلاً ابنتي فلا ازوجها من اخوان من ارضعتها، ولا اجعلها تظهر عليهم من باب الاحتياط، فآخذ بالاحتياط بالصورتين فلا تظهر بزينتها على أبناء من ارضعتها ثم لا ازوجها منهم.
الأصل في الفروج والعورات الاحتياط، والاحتياط في العبادات والنكاح.
وإلا التأصيل العلمي خمس رضعات مشبعات يحرمن.
ما حد الرضعة المشبعة وغير المشبعة؟
الصبي يأخذ الثدي ويتركه بإرادته، يمكن ثدي يوضع في فن صبي دقيقتين ويشبع وممكن يوضع ثدي في فم صبي ثلث ساعة وما يشبع، العبرة بالوقت، كالرجال إن جلسوا على الطعام، ممكن واحد يؤكل خمس دقائق وممكن واحد يوخذ ربع ساعة فالناس تتفاوت في موضوع الطعام، وكذلك في الرضاعة المشبعة، فالصبي إن أخذ الثدي وتركه باختياره من غير أن يُخلص منه فهذه هي الرضعة المشبعة، أما إذا خُلص منه فهذه رضعة ليست بمشبعة، والله أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
26 ذو القعدة 1438 هجري
2017 – 8 – 18 إفرنجي
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor

رجل رضع من أم أمه فهل له أن يتزوج من ابنة خاله

ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة}، وفي لفظ منها: {إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة}، وفي لفظ ثالث عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب}.
فهذا الرجل لما يرضع من جدته أم أمه يكون بمثابة الابن لها في الرضاعة، فحينئذ يصبح هو وخاله اخوة في الرضاعة، وتصبح بنات أخواله جميعاً هو عم لهن في الرضاعة، ولا يجوز للرجل أن يتزوج ابنة أخيه.
وهنا إشكال يقع عند بعض الناس، يكثر السؤال عن أخي الراضع، فأخو الذي رضع أجنبي فله أن يتزوج من بنات الخال وبنات الخالة، أما الذي رضع فهو الذي يأخذ الحكم، وهناك خرافة أيضاً أنه يحرم على من  قد رضع من رضعت معه فقط، أما أخواتها فلا، وهذه خرافة ما أنزل الله بها من سلطان، فهو بمجرد أنه رضع من الجدة أصبح ابناً لها من الرضاعة، ولذا أصبح أخاً لجميع أخواله وجميع خالاته، فهو خال لبنات خالاته من الرضاعة، وهو عم لبنات أخواله من الرضاعة، أما اخوانه فهم أجنبيون.
وإذا أردتم أن تعرفوا أحكام الرضاعة، فاعملوا بالقاعدة التي قد ذكرتها عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة}، فمثلاً أم لها ولد اسمه محمد، أرضعت ولد آخر أجنبي عنها في الولادة اسمه أحمد، فإذا أردنا أن نعرف أحكام أحمد في الرضاعة فلنجعل أحمد بدل من محمد، فالأحكام التي تجري على محمد تجري على أحمد، وجميع أخوات محمد أخوات أحمد، وجميع أخوات أم محمد خالات لأحمد الذي قد رضع، وجميع أخوات أبو محمد عمات لأحمد، وهكذا .
فمسألة الرضاعة سهلة، وليست بصعبة، والمهم أن نعمل بالقاعدة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة} فالأحكام التي تجري على الولد من الصلب تجري على الولد الرضيع، أما الذي لم يرضع مالنا وإياهم.
والتي أرضعت إن كان لها أبناء فيجوز لهم أن يتزوجوا أخوات الذي رضع، فالحكم يخص فقط الذي رضع، والذي لم يرضع من سائر إخوانه فلهم أن يتزوجوا من بنات المرضع.
أما عدد الرضعات المشبعات فالراجح عند أهل العلم أن عدد الرضعات المشبعات خمس، كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((خمس من الرضعات المشبعات يحرمن)).
أما تحديد الرضعة المشبعة، فإن الأم التي ترضع لا تعرف، والولد الذي يرضع لا يعرف، فالفقهاء يقولون: الرضعة المشبعة تكون بأن يأخذ الرضيع الثدي بإرادته، وأن يتركه بإرادته.
وإن لم يقع النكاح فإعمال خلاف الفقهاء واعتباره أمر مهم، فمذهب الحنفية الرضعة الواحدة تحرم، ومذهب البعض الثلاث للحديث: {لا تحرم الإحلاجة والإحلاجتان}، فقالوا إذاً تحرم الثلاث، وهذا مذهب المالكية، وقول عند الحنابلة فمفهوم المخالفة أن الثلاثة تحرم، لكن هذا المفهوم عند الشافعية، وعلى الراجح، أنه لا يعمل به، لأنه قام مقامه ما هو أقوى منه من منطوق قوله صلى الله عليه وسلم: {خمس رضعات يحرمن}، فالمنطوق مقدم على مفهوم المخالفة.
والأخ من الرضاعة لا يورث، لكن له حكم الأخ فله أن يسافر معها ولها أن تظهر عليه بشعرها، وله أن يخلو بها ويصافحها وما شابه، وجماهير أهل العلم يشترطون في هذه الرضاعة أن تكون في السنتين، أما ما بعد السنتين فلا تؤثر الرضاعة إلا عند الضرورة فقط.

إذا كانت المرضعة نصرانية فهل لها نفس الأحكام

الأحكام الشرعية تتعلق بالأفعال لا بالذوات، فلها نفس الأحكام، لكن ما ينبغي للمسلم أن يسلم ولده لفاسقة أو كافرة قد ترضعه شيئاً من الحليب قد تكوَّن من شيء حرام.
وقد ذكر بعض من ترجم لإمام الحرمين الجويني رحمه الله، وقد كان لا ينار ولا يباري في كلامه في المعقولات، لا سيما في علم أصول الفقه، وكان إن درس يقوم عدد كبير من المسمعين الذين ينقلون كلامه ليتمكن من كان في آخر المجلس من سماع حديثه وقيل كان في مجلسه أكثر من سبعين مسمع، كل واحد يأخذ من الذي قبله حتى رقم سبعين، وكان إمام الحرمين بين الحين والحين في الدرس تأخذه سكتة، ويغيب ذهنه ولا يستطيع أن يبقى على قريحته وملكته وقوته وجودته في العطاء، فلما كان يسأل عن ذلك، قال: ((لما كنت طفلاً صغيراً أخذتني أمة، وكانت تأكل الحرام، فأرضعتني، فنزل في جوفي شيء من حليبها، فلما رآني أبي معها أخذني، ووضع اصبعيه في فمي حتى قئت الحليب الذي شربته منها، فهذا من أثر تلك الرضعة)) فماذا نقول نحن اليوم؟ وهذا السكوت من أثر تلك الرضعة، ورحم الله من قال: من أكل حلالاً طاع الله شاء أم أبى، ومن أكل حراماً عصى الله شاء أم أبى.
ولذا ثِقل العبادات والطاعات وعدم انشراح الصدر وعدم وجود الإخبات واللذة في الإقبال على الطاعات والعلم والعبادات، فإن من أكبر أسباب ذلك أكل الحرام وعدم الورع، ومن تورع وجاهد وترك شيئاً لله، فإنه يتعامل مع أعدل العادلين، ومع أحكم الحاكمين ومع من لا يعجزه شيء، فمن ترك شيئاً لله لابد أن يعوضه الله خيراً فيما ترك، ومصداق ذلك قول الله تعالى: {إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم}، والآية لها سبب، نزلت في مشركي أهل بدر الأسرى، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالآية تشمل جميع الناس في جميع الأعصار والأمصار، والله أعلم.