http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/06/فتوى13.mp3
الجواب : الإخلاص أن تقصد بقلبك ربك لا تريد غيره ، فإن قصدت ربك لا تريد غيره فرأيت ثماراً حسنة وقلبك لا يريدها فهذا لا يتنافى مع الإخلاص ، يعني إنسان استقام فأصبح أميناً فكثر زبائنه هذا ما ينافي الإخلاص ، لكن لو هو استقام لأجل أن يُكَثر زبائنه ويربي اللحية لجلب الزبائن ، هذا ليس إخلاص هذا رياء ، فالإخلاص معناه : أن لا يقصد قلبك بعملك إلا الله ، فإن حصلت خيرات مثل ثناء العبد المؤمن عنده حُسن ثناء أن تثني عليه إن حصل خير فلا حرج في ذلك .
كيف نحصل الإخلاص؟
الإخلاص يحتاج إلى نية ، الإخلاص هو النية الصالحة فإذا أردت أن تحصل الإخلاص فأولاً : ينبغي أن تنوي العمل الصالح قبل أن تبدأ به ، وأن تنوي العمل الصالح في اثناءه ، وأن تبقى مستحضراً النية بعده ، لأنَّ هُناك شيء غير الرياء ، وهو أخطر من الرياء وهو العُجب فالعُجب قد يحبط العمل ، ولذا كان بعضهم يقول : لئن أنام طوال الليل فأصبح نادماً أحب إلي من أن أقوم طوال الليل وأصبح معجباً ، أنام وأقوم نادم أحسن من أقوم وأصبح معجباً ، ولذا قال علماءنا : العبد يحتاج إلى نية بعد العمل أيضاً ، وإذا الشيطان أراد يعني أن يفتح عليك العمل وتتكلم لا تتكلم ، فالإخلاص من أسبابه أن تحرص على العمل في الخلوة كما تحرص عليه في الجلوة ، في سرك وما بينك وبين ربك أن تحرص على العمل ، ومن أسباب الإخلاص : أن تكون لك خبيئة بينك وبين الله ، في شيء بينك وبين الله لا يعرفه أحد أبداً ، هذا العبد السعيد ، كان عبد الله بن الزبير يقول : ليكن لأحدكم خبيئة ، ما هي خبيئتك ؟ لا أحد يعرفها يعني مثلاً تصوم يوم نافلة ما تعرف فيه لا زوجة ولا أهل ولا أحد ، هذا يوم ، أثنين خميس صائم ، لا أحد يدري أدخل عادي ، لكن نحن اليوم إذا صمنا يوم نافلة طوارئ ومشاكل وقصص وحكايات مثل سيارة النجدة ، الدنيا كلها تعلم ، فالأصل يكون لك بين الله خبيئة مثل أن تُنفق على عائلة فقيرة ما أحد يدري هكذا كان السابقون ، كان أحدهم يضع رأسه عند رأس زوجته يبكي ويبلل خده من الدموع خوفاً من الله وزوجته لا تدري ، زوجته لا تعرف ، يقوم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم تقول عائشة كما في صحيح مسلم تقول: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجده بجانبي ، طبعاً غرفة النبي صغيرة نائمة على السرير بحثت عنه ما وجدته فظنت انه ذهب لغيرها ، وكهرباء لا يوجد كهرباء في الظلام فتقول : فقمت فتحسست فوقعت يدي على قدمي رسول الله وهو ساجد وهو يقول: [ اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ] هذا حال النبي صلى الله عليه وسلم ، أبو بكر الصديق كان له خبيئة ما هي خبيئته وكان أمير المؤمنين ؟ كانت خبيئة أبو بكر الصديق امرأة عجوز عمياء ، أول ما يصلي الفجر يجلس لطلوع الشمس يذهب إليها يكنس بيتها ويرتب لها أغراضها ويهيئ لها طعامها ويذهب إلى عمله ، هذه الخبيئة التي بينه وبين ربنا ، لما مات أبو بكر عُرف أصحاب الخبيئة لا يُعرفون إلا بوفاتهم يعني متى يُعرف صاحب الخبيئة ؟ حين يموت تعرف الناس ، فالأصل في الإنسان حتى يحصل الإخلاص تكون بينه وبين الله خبيئة ، وأنا أقول : من كان بينه وبين الله خبيئة إن وقع في ورطة فسأل الله بهذه الخبيئة فلا بد أن يستجيب الله تعالى له ، سبب انتصار المسلمين وعز المسلمين ورفعة المسلمين كثرة الخبايا التي بينهم وبين الله ، فلما كان وأحد قائد من العساكر يستنجد بأمير المؤمنين يقول له : ابعث لي مدد فيبعث له واحد. فيقول : إن أصبع السبابة الذي بيده خير من ألف جندي عنده سر قوته بهذه السبابة ماذا يعني بالسبابة ؟ يعني يقول : يا رب أقسم عليك أن تنصرني خبيئة انتهى خبيئة التي بينه وبين الله عز وجل ، فالأُمة عندما يصبح فيها كثرة خبايا الأمور تتغير لما الأُمة يصبح فيها كثرة خبايا لا أحد يعرف عنهم إلا هو سبحانه وتعالى وسر بواطنهم أحسن من ظواهرهم ، وأعمالهم أبلغ من أقوالهم حينئذ نحن بخير ، حينئذ نحن رجعنا وربطنا حالنا بحال الأولين من الصحابة والتابعين ممن رباهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فالإخلاص هو أهم شيء هو صلة ، سر بينك وبين الله لا أحد يطلع على شيء ، الإنسان اليوم في التكييف القانوني يعني لو سألنا شخص قانوني يدرس معنا قانون الإنسان اليوم في القوانين الوضعية ، كافة قوانين الدنيا الوضعية يقولوا : شخصية اعتبارية تتمثل في جواز سفر ، يعني تخيل شخص ما في طيارة وليس معه جواز سفر أي مطار يقبله ممكن يدخل على بلد من البلاد ؟ اليوم الإنسان في النظرة القانونية للإنسان هو عبارة عن شخصية اعتبارية متمثلة بجواز السفر ، أنت عند الله بدل جواز السفر نيتك ، أنت قيمتك عند الله في القوانين الوضعية أنت بجواز السفر ، لا يمكن تدخل بلد دون جواز سفر عند الله لا يمكن أن تدخل جنته ونيتك ليست سليمة ، ليس ممكن ، صليت ، صمت ، اعتكفت تصدقت ، مهما فعلت ونيتك فاسدة لا يمكن أن يوصلك الله تعالى جنتك ، لماذا ؟ اسمع معي الله جل في علاه عادل تشكون في هذا ؟ هذا أمر يقين الذي يعبد ربنا ستون سنة يدخله الجنة خالدا مخلدا فيها صحيح ؟ أقول هذا من كرمه ما أدخله الجنة ستين سنة أدخله ستين سنة وأبد الأبد الله عادل ، الكافر الذي يكفر خمسين ستين سبعين سنة أين مآله ؟ النار خالداً مخلداً فيها ، لماذا خالداً مخلداً فيها ؟ الله عادل لماذا لا يعذبه في النار ستين سنة أو سبعين سنة ؟ ، هل هذا يخالف العدل أنه هو كفر ستين سنة يعني طغى وفسد وفعل وفعل خمسين ستين سنة فمآله إلى النار خالداً مخلداً فيها ، قال علماءنا : الله حاسب هذا العبد المؤمن على نيته ، والله حاسب هذا الكافر على نيته ، لو هذا الكافر كان عاصي و يوم من الأيام يُمني نفسه بتوبة ، كعصاة أمة محمد بعض عصاة أمة محمد يشرب ويزني ويعمل العجائب ، لكن يُمني نفسه بتوبة يوم من الأيام يقول : إن شاء الله عندما أكبر أتوب هذا لا يخلد في النار هذا يدخل الجنة ، فالله جل في علاه يعامل الناس في نواياهم ، الكافر لما لم ينوي في يوم من الأيام أن يتوب ولو خُلِد على وجه الدنيا فسيبقى على فعله ، فالله عز وجل يعامل الناس على نواياهم ، اسمع معي الحديث واحد يموت شهيد في المعركة ويدخل النار ، أول ما تُسعر النار بثلاثة ، ورجل ينوي الشهادة بصدق فيحشر مع الشهداء ، هذا قتل هذا ذهب وقاتل وجاهد بنية فاسدة فأول ما تُسعر النار به ، وذاك ما قاتل لكن نوى أن يقاتل ، نوى وسأل الله بصدق الشهادة فالنبي يقول : [ من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله إياها ولو مات على فراشه] ، مات على فراشه وأصبح مع الشهداء ، وذاك جاهد وكان في النار ، إذا الله لا يريد منا ؟ الله يريد منا قلوب ونوايا صادقة ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر في دعاءه : [اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا اعلمه وأستغفرك لما لا اعلمه] ، فحتى تحصل الإخلاص تدعو الله جل في علاه أن ينجيك من الرياء ، النبي صلى الله عليه وسلم يستحيل في حقه الرياء ، فالرياء شرك أصغر ، وكل شرك أقل أحواله أنه كبيرة من الكبائر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يستحيل في حقه أن يصنع كبيرة ، وكان يعلمنا فكان من دعاءه [ اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا اعلمه وأستغفرك لما لا اعلمه].
فمن أسباب حصول الإخلاص:
– النية قبل العمل في اثناء العمل بعد العمل.
– أن يكون بينك وبين الله في خلوتك عامر.
– أن تكون لك عند الله خبيئة عمل سر بينك وبين الله وما أحد أطلع عليه.
– الدعاء أن تسأل ربك الإخلاص ، وأن تتعوذ بالله من الرياء.
فالشرك دقيق ، وقد وصف بأنه أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء ، تخيل نملة سوداء ، والليلة ظلماء لا قمر فيها ، والصخرة صماء فقال علماءنا : الشرك الخفي أشد خفاءً من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء ، فالعبد حتى يتخلص من الرياء لا بد أن يفزع إلى الله جل في علاه ، وعلامة صدق العبد الإخلاص ، فالإخلاص سمة من الله جل في علاه ، وهناك فرق بين مُخلِص وبين مُخلَص ، فالمُخلِص : الذي يجاهد نفسه على الإخلاص فإن استمر الإنسان على مجاهدة نفسه بالإخلاص الله ينقله من مُخلِص إلى مُخلَص ، يجتبيه إليه ، ولذا الله قال عن يوسف { كذلك لنصرف عنه السوءَ والفحشاء إنه من عبادنا المُخلَصين} ، لم يقل المُخلِصين ، المُخلِص الذي يدرب نفسه على الإخلاص ، فإذا دَرب وثبت فيصبح العبد من مُخلِص إلى مُخلَص إذا أصبح مُخلَص يعني الله أخلصك أخلصك من نفسك {وأخلصناهم بخالصة ذكر الدار} ، أهم شيء في المُخلَص أن يبقى قلبه معلق بالآخرة ، فالله يُخلِصه بذكر الدار ، دائماً أمامه الآخرة النار والجنة ، فيصبح العبد مُخلَص فإذا أصبح مُخلَص الله يحفظه من كل سوء ، يوسف الجميل الشاب الذي هو ضيف على الجماعة ، الرجل دائما طالب غير مطلوب ، أصبح مطلوب وما تحته زوجة وفي أوج شبابه ، وليس أي امرأة تراوده تراوده امرأة العزيز ، امرأة الحاكم ، وهو المطلوب وليس الطالب ، وغلقت الأبواب ، وكل الأسباب أٌقيمت فالله جل في علاه يقول : { كذلك لنصرف عنه السوءَ والفحشاء إنه من عبادنا المُخلَصين } سر نجاة يوسف ماذا ؟ أن الله أخلصه ، تخيل لو أن يوسف لعبت به الشهوة الحرام ما كان له ذكر ، وما ترقى من إلى مقام إلى مقام حتى أصبح على خزائن الأرض ، فما وصل إلى خزائن الأرض إلا بسبب أنه ترك شيئاً لله ، يا ليت المسلمين يعلمون أنه من ترك شيئاً لله لا بد أن يعوضه الله خيرا ، لا يوجد أحد في الدنيا ترك شيء لله عز وجل أكرمه بأكثر مما تركه ، وجرب كنت شاباً مرت امرأة بنت حسناء في جامعة وغضضت بصرك ستجد حلاوة في قلبك وحلاوة في عبادتك لا يعلم بها إلا الله ، كنت أمين على صندوق في شركة في حكومة في مؤسسة في أي حاجة ، وتستطيع أن تخون فتركت الخيانة خوفاً من الله عز وجل ، فسترى بركة في حياتك وفي مالك على وجه لا يعلمه إلا الله ، الإنسان والعياذ بالله يتعامل مع الله ولا يُغَالَب ممكن أحد يغلب الله ؟ لا ، هذا يسرق ثم بعد قليل عملية لولده ثم لأبنته ثم لزوجته سرق أربع خمس الآف فيدفع خمسين ألف هذا حال الناس المتعبين ، أي أُصدق الله وكن مع الله عز وجل اتق الله جل في علاه ، أعلم أن للأعمال بركات ، اترك الحرام من أجل الله ، فمن ترك شيئا لله لا بد أن يعوضه وأنتم تقرأون القران توقف عند هذه الآية واجعلها شعار لك في أواخر سورة الأنفال { إن يعلم اللهِ في قلوبكم خيراً (يعني فتركتموه من أجله) { إن يعلم اللهِ فيكم قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أُخذ منكم } ، إذا علم الله في قلبك خير فتركته من أجله ، فالله يؤتيك خيرا مما تركت ، ولذا في الحديث : [ من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه] هذه حقائق شرعية تحتاج أن تكون عندنا مثل معادلات الرياضيات ، حقائق ما تقبل النفاق لكن قد لا تظهر لها ثمرة سريعة حتى يُحكَم البلاء ، لكن هي حقائق لا بد أن تكون فلا يمكن أن يُبارك لأحد في ، حرام لا يمكن أن يترك الإنسان شيئا لله ثم يبتلى ببلاء ، لا بد أن الله عز وجل أن يعوض ، لا بد أن يعوضك الله خيراً كيف ربي يعوضك ؟ هذا شأنه سبحانه وتعالى هذه بعض طرق الحصول على الإخلاص اسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص .
⬅ المجلس الثاني من مجالس الوعظ في شهر رمضان 1437 هجري ، 7 / 6 / 2016 ميلادي
↩ رابط الفتوى :http://meshhoor.com/fatawa/175/
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان