http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/س32-1.mp3*السؤال الثاني والثلاثون: لقد صُمْتُ يوماً بين صيام أعقدهُ (( صيام ثلاثة أيام من كل شهر و يوم الأثنين))، وعاب علي أقراني وقالوا: بأنك بذلك تواصل الصيام وهذا خلاف السنة، فهل قولهم صحيح، علماً أن فيهم من لا يعرف صيام النافلة إلا قليلاً؟*
الجواب: حقيقةً مما يؤسف غاية الأسف، ومما يجرح الحريص المقبل على الآخرة أن بعض طلبة العلم كادوا أن يهجروا العمل، فإن رأيت من يصلي الضحى تراهم عوام الناس، ومن يصوم النافلة عوام الناس، ومن يقوم الليل عوام الناس، ومن يجلس بعد الفجر يقرأ القرآن عوام الناس، وطلبة العلم لا تجدهم في هذه المواطن، وهذا أمر مؤذي، والإنسان إذا ما عاهد نفسه فإنه لا يستطيعُ أن يغالب ربهُ، ولا يستطيع العبد أن يثبت على طلب العلم على الوجه المرضي الذي يحبه الله ويرضاه إلا بأن يُحدِثَ شكراً له بمزيدِ طاعةٍ وعبادة.
فالنبي- ﷺ – يقول:( من صام شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يُذهبنَ وحر الصدر ).
صيام شهر الصبر وهو رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يُذهبنَ وحر الصدر، وصيام الأثنين ثابت في صحيح مسلم كان النبي – ﷺ – يصوم الأثنين وكان يقول ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه .
يا سلفيين هل عندكم احتفال بالمولد النبوي؟
نعم، نحتفل بالمولد النبوي بأن نصوم الأثنين، النبي – عليه السلام – كان يصوم الأثنين ويقول :” ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه”.
حتى تستشعر نعمة الله عليك بأن الله جعلكَ من أمَّةِ محمد فتصوم هذا اليوم.
قال: ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه، فصيام الأثنين سنة.
فكيف إخوانك يعيبون عليك هذه الطاعات الثابتة في السنة.
مداخلة: لو كان الصيام صيام الليالي البيض صام الأحد والأثنين والثلاثاء واعتاد أن يصوم الخميس فواصل وصام الأربعاء، فهل في هذا حرج؟
الشيخ : لا حرج في هذا، لكن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلْ، صم يوم الأثنين فقط إلى الممات أحسن ما تتحمس شهر أو شهرين وتصوم مدةً طويلة ثم تنقطع.
وكان عادةُ السلف إن فعل أحدهم شيئاً ثبت عليه.
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت : ” كان رسول الله – ﷺ – إذا عَمِلَ شيئاً أثبته ” كان يثبته.
ولم يُعْرَف عن السلف أنهم كانوا يتحولون، كانوا إذا فعلوا شيئاً بقوا عليه إلى يوم الدين إلا إذا منعهم مانع.
ولذا من سافر أو مَرِضْ فَقُطِعَ عن العمل بسبب سفره أو مرضه فإنَّ الله من رحمته يُجري على هذا الإنسان العمل الذي كان يعمله في صحتهِ وفي إقامته، وهذا دلالة على أنَّ الناس كانوا قديماً إذا صنعوا شيئاً ثبتوا عليه، ومن أراد أن يسيرَ إلى الله فينبغي أن يسيرَ إلى الله بفقه.
كيف يكونُ الفقه؟
الفقه أن تفحصَ استعدادك، وأن تصنعَ شيئاً وتبقى عليه وتثبت ثم إن ألفتهَ وتحملتهَ وعَلِمتَ أنك لن تنقطع عنه زدتَ إليهِ شيئاً ثم تثبُتُ عليه، فإن ألفتَه واضفته مع الذي قبله أضفت ثالثاً فيكونُ حالك مع ربك خيرَ أيامك، خير الأيام تكونُ على هذا الحال.
لذا ذُكِرَ في كُتبِ جماعةً من العلماء والصالحين – ولا سيَّما من المُحدثين ومر بنا هذا في كلام النووي في شرح صحيح مسلم – أنه كان إذا قيل لبعض الناس إنك تموتُ غداً ما استطاع أن يزيد سجدةً.
لماذا؟
لأنه هو يعبد بفقه.
ما معنى يعبد بفقه؟
يعني ليس يوم يماني ويوم شمالي، وأسبوع صائم وأسبوع فاجر، وأسبوع قائم، لا هو نَفْسُهُ يهذبها بفقه ويحملها ويقوي استعدادها ويفحصها ثم يلجمها بعد أن يفحصها فحصاً يلجمها.
هكذا كان حالهم – رحمهم الله أحدهم يستجم، يُعطي نفسَهُ حاجتها لكن بفقه.
وذكرت لكم أن سفيان – رحمهُ الله – يأتي الليل ونفسهُ تنازعه فيأكل الفالوذج، شبيه ( الكنافة ) في زماننا، يأكل الموز ويأكل أطايب الطعام ثم يقول – رحمهُ الله – اعلف حمارك ثم كُدَّهُ.
حمارك تُطعمهُ لماذا؟
لكي تشتغل عليه.
فقال: كان يُطيلُ القيام في الليل .
النفس لماذا تريد الطعام؟
تريد الطعام لتأكل، فتفضلِ كلِ أحسن ما يمكن كلِ الفواكه كلِ الموز، كلِ الفالوذج فيُطعمُها، يُربي نفسهُ.
فيقول: اعلف حمارك ثم كُدَّهُ.
مقابل الطعام ماذا تعمل؟
والله تمر بي أيام أنشغل في أشياء ما أحبُ أن أنشغلَ بها لكن تهجم علي، فلما آكل أشعر أن أكلي خسارة، ما استحق هذا الأكل الذي أكلته، لأني ما أديت في هذا اليوم حق هذا الطعام.
فبعض الناس يعيش للطعام، همهُ وشغلهُ الشاغل التنوع في أنواع الطعام، ويتفنن في الطعام وفي الأذواق، نسأل الله العافية.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
28 صفر 1439 هجري
2017 – 11 – 17 إفرنجي
↩ رابط الفتوى: http://meshhoor.com/fatawa/1730/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان. ✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor