http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/08/AUD-20160830-WA0016.mp3الجواب : طالب العلم ينبغي أن يستغل وقته بأن ينضح من علم العالِمَ الذي عندَه. يتَّصل بي أخٌ من البحرَين ويقول: هل أبدأ بكتاب البلُوغ أم أبدأ بكتاب العُمدة ؟ قلت اِبدأ بالعُمدة. ثم جاءهم عالِمٌ وشرحَ لهم بلوغ المرام فاتَّصل، قلتُ له: هل حضرتَ دورةَ شرحِ كتابِ بلوغ المرام؟ قال: لا، أنتَ ما قلتَ لي كتاب البلوغ!! قلت سبحان الله، هل كلامي توقيفي؟! أنتَ في بلد لا يوجد فيها عُلماءُ وجاءك عالِمٌ وشرحَ لك الكتاب الذي أنا ما قلتُ لك ابدأ به فابدأ بالثاني، الإدارة والفهم أنَّك أنت متى هبَّت رياحُك فاغتنمها، *متى يسَّر الله لك من يُعلِّمك اغتنم هذا التعليم*.
لذا دائمِاً طالبُ العلمِ يحتاجُ إلى العمل، وكُلَّما اشتدَّ ساعده وقَوِي انفكَّت حاجته، أو ضَعفت عن العمل. مثل الصَّغير، الصغير يحتاج إلى أبويه، كُلّما كَبُر كلّما انفكَ عن الأب، حتى إذا صار شاباً قوِّياً أصبحَ له بيت وأُسرة. كذلك طالبُ العلمِ، *فطالبُ العلمِ لا ينفردُ في البدايات*، طالبُ العلمِ في البدايات يحتاجُ الى مُرشد، يحتاج إلى مُعلِّم، يحتاج إلى أُستاذ، وينبغي لطالبِ العلمِ أن يكونَ له أُستاذ. الإنسان الذي لم يتربَّى في بيتِ أبوه غير مربَّى. *الإنسان الذي ليسَ لهُ شيخ ليس متعلِّم غالبًا*، ولا تركن في البدايات أن تقرأ وحدك وأن تضيع. لو انَّك استرشدت بمدرِّس، بشيخ، بعالِم فعلى الأقل إذا ما علَّمك أن تبقى مُسترشِدا في المراحل تبقى مُسترشِداً في مراحلِ الطَّلب، كتاباً وراء كتاب فيكونُ هذا أمراً حسناً لأنه لا يوجد كتاب ينصحُ به جميع النَّاس، فالمتعلِّم المتقدِّم في فن، قد يكون إنسانا متقدِّماً في الحديث إذا أن يدرس الفقه، فرق بين المتقدِّم في فن، ويريد أن يدرسَ فنًّا آخر؛ وبين إنسان جاهل بجميع الفنون ويُريد أن يدرسَ فقهًا، فرق شاسع.
ولذا لا يوجد كتاب من لم يقرأه إنسان لا يُفلح، إلا كلام الله وكلام نبيه -صلى الله عليه وسلم-ْ؛ لأنَّ النَّاس كلهم بحاجةٍ لشرعِ الله جلَّ في عُلاه، وبالتالي *موضوع تقييم الكُتب وبماذا تبدأ! موضوع يختلف من صورةٍ لصورة ومن شخص لشخص ومن وقت لوقت ومن ظرف لظرف*.
طلبة العلم قصَّروا في فهم القرآن وقصَّروا في فهم السُنَّة ، طلبة العلم قصَّروا في قراءةِ الصحيحين والعلومِ كلِّها كتاباً وسُنة، (وكل الكتب) وكثرة الكتب التي ترونَها إنَّما هي قائمة على كتاب الله وعلى سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فطالبُ العلم إذا كان صاحب نهمة وهمّة يبدأ بالقرآن، تفسير موجز وتفسير متوسط وتفسير مفصّل، والتفسير المُفصّل يعني يقرأ تفسيراً يخُصُّ تخصُّصَه، يتخصص في العربية يقرأ *البحر المحيط*، يتخصص في الفقه يقرأ *الجامع لأحكام القرآن*، ويتخصص في الحديث يقرأ *الجامع للطبري* وهكذا، ثم السُنَّة لا بدَّ من قراءةِ الصحيحين، ثم السُّنن الأربعة ، حينئذ يكون طالبُ العلمِ طالبَ علمٍ.
ما الذي يمنع من أن يكونَ عندكَ البخاريّ دائماً على رأس السرير عندك ، وتقرأ كل يوم تقرأ الباب مرة ومرتين وثلاثة ، وخذ لك سَنة للبُخاريّ وسَنة لمُسلم .
لمّا كنَّا في الهند نزلنا في مدرسة، يقول الإخوة: كل سَنة نختم البخاري وكل سَنة نختم مسلم .
جلستُ في بيت الله الحرام في مكة المُكرّمة في رمضان الماضي في مجلس شيخنا *يحيى مراد العظيم آبادي الهندي* في المجلس الذي ختمَ فيه تفسير ابن كثير ، ففي أواخرِ رمضان في كلِّ عام يختم تفسير ابن كثير في بيت الله الحرام .
فالشاهد طالبُ العلم ينبغي أن يَمُرَّ مرة ومرتين وثلاث على تفسيرِ القرآن وعلى البُخاري ، ما يبقى ضائعاً ماذا يقرأ ، ماذا يقرأ، تعيش وتموت وأنتَ ضائع، ما تبقى ضائعاً ، العلمُ واضح ، *ليس العلم الذي يُطرِب*، ليس الذي يُقيم البدن التسالي والأشياء اللذيذة التي تتعلَّق بها النفس ، الذي يُقيم البدن طعام ووجبات قويَّة ، والذي يُقيم العلم الوجبات القوية الكتاب والسنة تفسير القرآن والكُتب الستة ، أنهينا البُخاري نذهب لمُسلم انهينا مسلم نذهب لأبي داود،ثم الترمذي، ثم النسائي وعلى هذ الحال ، يكون في مكتبتك ستة كتب وتقرأَها باستمرار ، أحسن ما تكون في مكتبتك عشرات الألوف من الكتب وأنت مُحتار ماذا تقرأ .
ركِّز على ماذا تُريد، وابدأ بالنهل والشرب من أصل النبع ، ثمّ تبدأ بالشرح ، تقرأ شرحا موثَّقا للصحيحين (مسلم والبخاري) إلى آخره، الذي يستظهر من فتح الباري عالم، الإمام السخاوي في كتابه الترجمة الذاتية لنفسه يقول : كتاب الإسلام فتح الباري .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
23 ذو القعدة 1437 هجري
2016 / 8 / 26 افرنجي