الكتاب اسمه “الرخصة في الغناء والطرب بشرطه” ألفه محمد بن أحمد بن قيماز الذهبي، وهو في الحقيقة ليس من تأليفه، وإنما هو اختصار لكتاب “الإمتاع بأحكام السماع” لكمال الدين أبي الفضل جعفر بن تغلب الأجفوي، المتوفى سنة 748، وممن أذكر أن هذا الكتاب للذهبي واختصره ابن العماد في “شذرات الذهب 6/156” وهذا الكتاب مخطوطته في مكتبتي ونسخته من أكثر من عشر سنوات تمهيداً لطبعه، لكن طرأت ظروف، وأنا استفدت من السؤال أن الكتاب مطبوع، وأنا لا أعلم أن هذا الكتاب قد طبع، وطباعته لابد أن تكون حديثة، أو في مصر، والكتاب صحيح النسبة، لخص فيه الذهبي كتاب الأجفوري.
والسماع الفطري والترنم الفطري بالأشعار والحداء ليس فيه حرج للرجال، إذا كان على السجية، من غير أن يتخذه مهنة، ويتعلم السلالم الموسيقية، ويكون بألفاظ جيدة، وكان البراء وأنجشة حاديين، وكان البراء بن مالك حادي الرجال، وأنجشة حادي النساء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأنجشة لما يحدو والإبل تسرع كان يقول له: {يا أنجشة رويدك رفقاً بالقوارير}، لأن النساء تتأذى من سرعة الإبل، وهذا يأذن للرجل أن يعبر بتعبيرات الرقة عن النساء، فالحداء جائز من غير آلات الموسيقى، وغير ألفاظ سيئة، ومن غير أن يكون هذا صنعة له، فيفعل هذا فلتات، لاسيما إن دعت الحاجة فتقع منه على وفق الفطرة، وشيخنا الألباني رحمه الله، عقد في كتابه “تحريم آلات الطرب” فصلاً لجواز هذا النوع من الغناء، ولا يشرع للرجال أي نوع من أنواع الغناء غير هذا ، والله أعلم
أما التكلف في أعراس البدو قد يقع فيه تنطيط زائد وتصنع وهذا لا يجوز، وقد صحح شيخنا عند البيهقي عن عائشة أنه لما ختن ابن أخيها، جاءوا برجل حادياً، فوجدته يغني ويهتز كأنه شيطان فقالت: ((من الذي جاء بك، أنت شيطان أخرج)) فطردته لتصنعه وتكلفه، والله أعلم.