العلماء مختلفون في التنكيس، والتنكيس في القراءة هو أن تقع القراءة على غير ترتيب المصحف، وهذا هو المكروه عند الشافعية فهم يرون كراهة قراءة سورة قبل سورة ترتيبها متأخر عنها، فلو أن الإمام مثلاً قرأ في الركعة الأولى [الضحى] وفي الثانية [النازعات] فهذا عند الشافعية مكروه، لأن فيه تنكيساً، والصواب أنه مكروه ولا تنكيس فيه، وهو مكروه لأن الركعة الثانية تكون أطول من الأولى، والسنة أن تكون الأولى هي الأطول، فهو عند الشافعية مكروه من وجهين.
أما عند الجماهير فالتنكيس المكروه هو أن تقع القراءة في الركعة الأولى، من آخر السورة أو وسطها، وتكون في الركعة الثانية من أول السورة، وسبب هذه الكراهة مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الشائع الذائع عند الناس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بدأ بقراءة سورة في الركعة لم يركع حتى يتمها ومن أجل ذلك لما صلى ذاك الفلاح خلف معاذ رضي الله عنه مجرد ما بدأ معاذ بقراءة البقرة، فارق معاذ وصلى وحده، لأنه يعلم أن معاذ سيتمها ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الاقتصار في القراءة على أواخر السورة وإن كانت الصلاة بها صحيحة وكان من هديه صلى الله عليه وسلم المفقود عند الأئمة هذه الأيام، أنه كان يقرأ بالركعتين، بسور متشابهة، السورة ونظائرها، مما هما في نفس المعنى، وهذه سنة تكاد تكون مهجورة ولا يقدر عليها إلا من كان متمكناً من حفظه.
ومن قرأ وطول الاولى اكثر من الثانية ، وقرأ في الاولى سورة طويلة ، ثم في الثانية قرأ بسورة أخرى قبلها ، فالراجح ان هذا ليس بتنكيس مكروه، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم قيام الليل وابتدأ بالبقرة ثم ثنى بالنساء ثم رجع الى ال عمران . ثم ايضا ذاك الرجل الذي كان يستفتح صلاتة ب ” قل هو الله احد ” ثم يقرأ ما تيسر، فشكوه الى رسول الله عليه السلام فسألة عن سر فعله هذا فقال : أني احبها، فقال له صلى الله عليه وسلم : ” حبك اياها أدخلك الجنة” فأقره على فعله.