قرأت من أكثر من عشرين سنة، كتيبات ولما كنت أقرأ أن الشيعة يحرفون القرآن، والله لا أصدق ، فأقول : مسلم يقول بتحريف القرآن؟ شيء عجيب ، فمهما بلغ به الضلال، وعشعش الشيطان في قلبه وعقله فيصعب أن الإنسان يقول : أن كلام الله في القرآن قد حُرِّف . حتى يسر الله لي على مراحل إثبات هذه الحقيقة بأدلة قطعية . فلما من الله علي وقرأت تفسيرالإمام القرطبي قال : باب ما جاء من الحجة في الرد على من طعن في القرآن وخالف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان والإمام القرطبي متوفى سنة 671هـ، يعني أن الكلام قبل ثورة الخميني في إيران بقرون، فالكلام ليس كلام سياسي كما يقول ويزعم البعض ، فكلامنا نقدي، ونعوذ بالله تعالى من أن نغير؟ أو نحرف أو أن نَظلم أو أن نُظلم.
ثم وجدته ينقل عن الإمام أبو بكر محمد بن القاسم الانباري ، وللأنباري كتاب “الرد على من غير القرآن” وهو متوفى سنة 328هـ فالمسألة قديمة . وينقل القرطبي عن الأنباري كلاماً جميلاً، يقول: (حتى نبغ في زماننا هذا زائغ زاغ عن الملة، وهجم على الأمة بما يحاول به إبطال الشريعة التي لا يزال الله يؤيدها، ويثبت أسسها ، وينمي فروعها ، ويحرسها من معايب أولي الجنف والجور ، ومكايد أهل العدواة والكفر، فزعم أن مصحف عثمان باتفاق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصويب ما فعل،لا يشتمل على جميع القرآن ، إذ كان قد سقط منه خمسمائة حرف قد قرأت ببعضها ، وسأقرأ بقيتها) وبدأ يسرد ما زعمه ذاك الكافر من أن القرآن قد غير وبدل ، ويذكر الأمثلة . فهذا إذاً معروف من القرن الرابع
ووجدت في “مناقب أبي حنيفة” للكردلي المتوفى سنة 827هـ، وينقل عنه هذا الكاري في كتابه البديع “شم العوارض بذم الروافض” وهو كتاب قيمته أنه علمي تأريخي . وعلي القاري هروي، وهراه في زمن على الكاري كانت قطعة من إيران، ثم انفصلت عنها في معاهدة أبرمت سنة 1890 للميلاد ، حيث فصلت على إثرها أفغانستان عن إيران . وقد كتب علي القاري كتابه “شم العوارض” وقد حولت في عصره إيران من السنة إلى الشيعة ورأى كيف فعل الشيعة الأفاعيل في أهل السنة وكان آنذاك طفلاً ، فلما ذهب إلى مكة ودرس فيها كتب ما رآ ه آنذاك . وذكر أشياء تشيب لها الولدان . وذكر أن الذي كان يصلي ويضع يمينه على يسراه ، كان يقتل أحياناً في الصلاة وأحياناً خارج المسجد . وكان الذي يغسل قدميه في الوضوء يقتل . وهذا شاهد بعينيه ، حيث قتل من أهل السنة عشرات الألوف ، وعلى إثرها حولت إيران من السنة إلى الشيعة فينقل علي القاري عن الكردلي قوله: (إن للرافضة أحاديث موضوعة ، وتأويلات باطلة للآيات ، وزيادات وتصحيفات كزيادة والعصر ونوائب الدهر) وكقوله {إن علينا للهدى} حرفوه [إن علياً للهدى] وهم قوم بهت يزعمون أن عثمان أسقط خمس مائة كلمة من القرآن ، منها قوله تعالى : {ولقد نصركم الله ببدر} فزادوا فيه [بسيف علي] و{ألم نشرح لك صدرك} زادوا [وجعلنا علياً صهرك] وهكذا في آيات كثيرة . وهذا كلام العلماء الأقدمين ، القرن الرابع والقرن السابع والقرن التاسع والقرن الحادي عشر .
وكنت قد قرأت للشيخ محب الدين الخطيب، وهو من العلماء المعاصرين قرأت له أن أئمة الشيعة لهم مؤلفات وتصريحات بأن القرآن الذي بين أيدينا محرف . ثم ظفرت بمجموعة من النقول عن أئمتهم فيقول محمد بن محمد النعمان ، الملقب بالمفيد وهو من الأئمة المسندين عندهم، يقول في “أوائل المقالات”(ص91): أن الأخبار جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن ، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان، وشيخ آخر من مشايخهم هو أبو الحسن العاملي يقول في “مرآة الأنوار”(ص36) : (اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي بين أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات ))
ويقول بعض معاصريهم نعمة الله الجزائري، يقول في كتاب “الأنوار النعمانية” (2/357): (أن تسليم تواترها عن الوحي الإلهي ، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الاخبار المستفيضة، بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف بما في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً ، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها) فهذه كلمات لأئمتهم الأقدمين والمعاصرين فيها التصريح بأن القرآن الذي بين أيدينا قد سقطت منه آيات .
وقرأت عند محب الدين الخطيب أن عالمهم المقدم عندهم كما ابن تيمية عندنا ، وهو الطبرسي أن له كتاب كبير اسمه “فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب” وكما ذكرت في البداية أني أول ما قرأت مثل هذا الكلام لم أكد أصدق هذا فتطلبت كتاب “فصل الخطاب” وحصلته من مكتبة من مكتبات الهند مخطوطاً بخط الطبطبائي أحد كبار علمائهم له تفسير كبير وأذكر لكم بعض كلامه من أول الكتاب فيقول : ( .. وبعد فيقول العبد المسيء حسين بن محمد تقي النور الطبرسي جعله الله من الواقفين ببابه المتمسكين بجنابه ، هذا كتاب لطيف ، وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن ، وفضائح أهل الجور والعدوان ، وسميته فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ، وجعلت له ثلاث مقدمات ، وبابين ، وأودعت فيه من بدائع الحكمة ما تقر به كل عين . وأرجو ممن ينتظر رحمته المسيئون أن ينفعني به في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون) ثم في آخر الكتاب يأتي بباب : الساقط من سورة البقرة ، الساقط من سورة آل عمران…..وهكذا سورة سورة.
لكن ليس كل الشيعة يقولون بهذا ، فيوجد بين الشيعة مغفلين عن مذهبهم الرديء، فحماهم الله من الكفر، فلا نكفر هؤلاء لغفلتهم عن مذهبهم ، وإن سموا أنفسهم شيعة فنحن لا نكفر الشيعة جملة ، لأننا نقيم الأحكام على الحقائق والمعاني ، وليس على الألفاظ والمباني . فمن يزعم أن القرآن الذي بين أيدينا سقط منه حرف واحد ، أو أن فيه شيئاً ليس من كلام الله ، فهو كافر ليس له في الإسلام نصيب .
فمن خلال هذه الأمور يتبين لنا أن القول بأن القرآن فيه نقص قول مشهور عند الشيعة على اختلاف الأعصار والأمصار . بل محققوهم كتبوا فيه بعض المصنفات الكبار نسأل الله عز وجل العفو والعافية .