السؤال إن آراء العلماء فيما يتعلق بالانتخابات متباينة أن هنالك تباين بين آراء…

 
الجواب :
http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/08/انتخابات.mp3السؤال : إن آراءُ العُلماءِ فيما يَتعلَّقُ بالانتخاباتِ مُتباينة ، أنَّ هنالِك تَباينٌ بَين آراءِ العُلماءِ في ذلك ، وأنَّ شَيخَنا الألبانيُّ -َ رحِمهُ الله – كان يُجيزُ الإنتخابات ثُمَّ تراجعَ قُبْلَ وَفاتِهِ عن ذلك ، فَما حُكْمُ الإنتِخاباتِ أصلاً ، ولافتات الآن تُعلّق ، والانتخاباتُ قريبةٌ ؟
↩ أولاً : الحياةُ القائِمةُ على الإنتِخاباتِ ، والنَّاسُ تُشرِّعُ أو تَختَارُ مَنْ يُشرِّعُ لها هذا ليسَ بِأمْرٍ شَرعِيٍّ .
↩ في شَرْعِنا عِنْدَنا شيء اسمُهُ (( شورى )) ، و (( الشّورى )) بدَلُ مَجلِسُ النُّوّاب يكونوا عُلماءُ الأُمّة ، وعُلماءُ الأُمّةِ لهم صِفةٌ عجيبَةٌ ، طَبعًا فُقِدَتْ هذه الصِّفة ؛ لِأنَّ العُلماءَ فُقِدوا ، فالعالِم عِندَ الحاكِمُ للِنّاس ، وعِندَ النّاس لِلحاكِم ، العالِم وهُو عِندَ الحاكم للنَّاس ، فيُطالِبُ بِحقوقِهم ويُدافِعُ عنهم ويَسْتميت ( مُستعِدٌّ للموتِ حتّى يُحقِّقَ حقوقَ البشرِ ) والأمة ليستَ بِحاجةِ لمجالسِ نِيابية
مع وجودِ العُلماءِ والقيامِ بُدورِهِم .
⬅ المجالِسُ النِيابيَّة فيها ما هَبَّ ودَبَّ ، و ما دَرَجَ وعرَجَ ، وما يَصلُحُ وما لا يَصلُحُ ، وهُم نُوّاب كسائرِ النّاس ، بينَهم السِّكير ، وبينَهم التّقي ّ، وبينَهُم الفاجِر ، بينَهُم كلُّ الأصناف ، أليسَ كذلك ؟
⬅ فالنّاس تحتاجُ لِرأيٍ ، والرَّأيُ يحتاجُ لِأنْ يَكونَ سديداً ، أنْ يكونَ فيه نظر بنورِ الله ، والنّظر بنورِ الله لا يكونُ إلّا لِلتَّقيِّ والعابدِ ، فالعلماءُ وهم بينَ يَديّ الحُكّام يُطالبونَ بِحقوقِ النَّاسِ ، وهم عندَ النَّاس يَِحثوُّن النَّاسَ على وجوب طاعةِ أولياء الأمور ، فيكونُ العُلماءُ رَحمة ، فالدّولة والعُلماء رَحمةٌ للِمجتمعِ ، فالعالمُ ليسَ هَمّهُ نفسَهُ ولا مصلَحَتَهُ .
⬅ النّائِب الآن مصلحَتُه نفسُهُ ؛فالنّاس تَحتاجُ للِعلماءِ ، ولا سيّما في وقتِ الشِّدَّةِ .
↩ ثانيًا : أنا أسأَلكم سُؤالاً ، وتَأمّلُوا السُّؤالَ جيداً ، معَ أنَّ الجوابَ واضحٌ ، ولكنّي أريدُ من الجوابِ أن أذكرَ أصلاً وهذا الأصلُ مُهمّّ .
◀ السؤال : إنسان والعياذُ بالله زنا ، فلمّا زنا أصبحَ جُنباً ، صحيح ؟
إن اغتسلَ هل الغُسلُ يُسقِط جنابتَه أو لا يُسقِط جنابتهُ ؟ يعني إنسان زنا ؛ فعلَ شيئًا مُحرّمًا فأصبحَ جُنباً بِزناه ، هل إذا اغتسلَ من الجنابةِ ، هل تَسقطُ الجنابة أم تبقى عليه إلى يومِ الدّين ؟
↩ الجواب : تَسقُط .
⬅ ماذا أريدُ أن أقولَ من وراءِِ هذا ؟
↩ أنا أريد أن أقول أصلاً مُهّمًا، وهو : (( أنّ الشّرعَ يُعامِلُ المنهيّ عنه مُعاملةَ الموجود لا مُعاملةَ المفقود )) ، الشيء المنهيّ عنه الشرعُ يُعامِلُهُ مُعاملةَ الموجود ، لو عاملَهُ مُعاملةَ الَمفقودِ لِهذا الزاني لبَقيَ جُنُباً إلى يوم الدين .
⬅ وأضرِبُ مثال : أنتَ حصلَ معكَ حادث في السيّارة و لديْكَ تأمين ، والتّأمين ممنوعٌ في الشّرع ِ، هل تستفيد من التّأمين ؟
↩ طبعاً أستفيدُ من التّأمينِ ، لِأنّ الشّرعَ عاملَ المنهيّ عنه مُعاملةِ الَموجودِ لا مُعاملةَ المفقودِ ، اسمع معي ماذا يقولُ النّبيّ – صلى الله عليه وسلـم – “اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِي ٌّ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ ” .
⬅ عُلماء السّياسة الشّرعيّة يَشترِطونَ في الحاكمِ ثلاثَ شروطٍ :
الشّرط الأوّل : أنْ يكونَ حُرًّا ، قالوا : العبدُ لا يصلحُ أن يكونَ حاكِمًا .
الشّرط الثّاني : أن ْيكونَ عربيًّا ، بل النّبيّ – صلّى الله عليه وسلّم – قال: “الأَئِمَّةُ من قـريش” ، أهلُ قـريشً فيهم صفةٌ ليستْ في غيرِهم ، أنْ يكونَ عربيًّا أو قـرشًّيا .
الشّرط الثّالث : أنْ يكونَ على هيئةٍ حسنةٍ ، يعني يكونُ شكلُهُ مقبول ، إذا التقى معَ الحُكّامِ الذين مثلِه يكونُ لهُ هَيبةٌ ، و يكونُ شكلهُ مقبول .
◀ اسمع ماذا يقولُ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّـم- يقول :اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ
عَبْدٌ : ( ليسَ بِحُرّ).
حَبَشِيٌّ : ( ليسَ بعربِيّ ).
رأسه زبيبة : ( شكله غير مقبول أبدًا ) .
⬅ فلو تأمّر عليكم إنسان عبدٌ و حبشيّ و رأسه كالزبيبة هذا أصبحَ منهيٌّ عنه ، قال : [اسمعوا وأطيعوا ] ، المنهي عنه عامِلوه مُعاملةَ الموجود لا المَعدوم .
↩ سؤال : هذِهِ الانتخابات نُعامِلها مُعاملةَ الموجودة أم المفقودة ؟.
الجواب : نـعامِلها مُعاملةَ الموجودة .
⬅ فشيخُنا الألبانيّ – رحمه الله – كان يقولُ : انتخِبوا أصلحَ الموجود ، يعني اتقّ الله واجعلْ ميزانَك في الانتخابِ الميزانَ الذي يُحبّهُ الله .
↩ ولكي يتضحَ الأمرُ ، إليكم بعضَ التّفصيلِ قليلاً ؛ سؤال : أأنتخِبُ المُلتحي وصاحبُ الدّين ؟
↩ الجواب : لا ، ننتخبُ من يخدمُ في هذا المجالِ ، شخصٌ مُتديّن لكن لا يُحسنُ الخِدمة ، وشخص مُسلم صادق بعيد عن الكبائرِ ويُحسن الخدمة في هذا المجال ، فهل نُقدّم المُتديّن أم هذا ؟
↩ الجواب : لا ، نقُدّم هذا ، الذي يخدمُ النّاس ، فهذا الأمرُ نُعامِلهُ مُعاملةَ الموجودِ ، فنحنُ نرى مَن هو أصلحُ النَّاسِ لخدمةِ الأُمّة وخدمةِ المجتمعِ ويقضي حاجاتَهم ؛ فهذا الذي ننتخبُه.
⬅ فموازينُنَا موازين شرعيَّة ، كان علماؤُنا يقولون : لو أنّ عندنا رجلان :
رجلٌ تقيٌّ ولا يُحسنُ قيادةَ الجيوشِ (هو تَقيٌّ وَوَرِع ) .
رجلٌ آخر عندَه شيءٌ من الفجورِ ويُحسنُ قيادةَ الجيوشِ ، نختار من ؟ الأوّل أم الثاني ؟
الجواب : نختار الثاني ، قالوا : الأوّل صلاحـه لنفسهِ وفسادُهُ للجيشِ وللأمّة كُلّها ، والثاني فسادُه على نفسهِ وخيرُه للأمّة كلُّها .
⬅ فنحنُ الآن عندما نقول له اختار ، نقول اختار مَن ؟
↩ نقول : اختار إنسان ليسَ بسكِّير ، إنسان لو عُرِض شيء في المجلس يُخالِف أوامرِ الله سيرفُضها و ما يقبَلها ، لكن لا يلزم أن يكونَ متديّناً تديّناً كاملاً ، وأنَ يكون عالِماً ، لكن إذا كان عندَه القدرة على أن يخدمَ النّاس ويتفانى في خدمةِ النّاس فلا حرج ،؛فنحنُ نُعاملُ المَنهيِ عنه مُعاملةَ الموجود لا المفقود .
⬅ إخوانا الذين يقولون : حرامٌ علينا أنْ ننتخبَ المجالسَ النيّابيّة حالُهم كحالِ الذي يقول أنّ هذا الجُنُب لو اغتسل فإن الجنابة لا تسقط عنه ويبقى جُنباً إلى يوم الدين ، وهذا لا يقولُ فيه عاقلٌ ، لا يوجد عاقل يقول : أنّ الإنسان إذا وقعَ في مخالفةٍ فإنّ هذه المخالفةَ تُعاملُ مُعاملةَ غيرِ الموجودة !! لا المُعاملة موجودة ، نَحْنُ شِئنا أم أبَينا الاِنتخابات موجودة ، فنحن أمامَ خيارَين ،
⬅ إخوانُنَا غفرَ الله لهم في الانتخاباتِ قَبْلَ أربعِ سنواتٍ أو خمسة ، التي جرَت في العراق ، جاءونا إخوانَنا من العراقِ وطلبوا رَأينا هل نَنتخب أم لا ننتخب ؟
وكانت بَعد الكِفِة راجِحة لأهل السُنّة وكان الشيعة لا زالوا يتململوا ، فإخوانُنا المشايخ اختلفوا .
↩ قُلنا : لإخواننا أن ينتخبوا ، الفاجر من أهلِ السُنّة خَيْرٌ من القانتِ العابدِ من الشّيعة ، فإخوانُنا الذين عليهم الرموز المعروفين في العراق قاطعوا الإنتخابات ، وأهلُ السُنّة قاطعوا الانتخابات ، فلمّا قاطعَ أهلُ السُنّة الانتخابات فرح الشيعة ! فبدأت قوّة الشيعة تظهر ، وبدأت القُوى تختلف ؛ يعني الشيعة في سنةٍ من السنواتِ ما كانوا يزيدونَ في العراقِ على ثلاثونَ أو خمسٍ وثلاثين بالمِئة ، فجأة أصبح السُنّة في العراق أقل من القليل ، وإخواننا الذين قاطعوا الإنتخابات في العراقِ مخطئِين .
⬅الشاهد أنّك إذا تركتَ الانتخابات ، وهؤلاء النّاس الذين هم على الفطرة ، وشعبُنا – ولله الحمد والمِنّة – في الأردن شعبٌ على الفطرةِ ، لا تلعبُ فيه أحزابٌ ، شعبٌ يعرفُ( قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلـم ) وعلى الفطرة ، يعني عندنا نغمات تخرجُ بين الحينُ والحين ، عَبَدةُ الشياطين ، ولا أدري ماذا ؟ هؤلاء شواذ ، نشوز ، يعني هؤلاء لا يساوون شيء ، كم نسبتُهم في مجتمعنا ؟ ، هؤلاء عَبَدة الشيطان كم نسبتُهم في مجتمعنا ؟
↩ فأن يبقى المجتمع بعطائِه الطبيعيّ ووضعهِ الطبيعيّ ويبقى هكذا في مجلس النواب نحن بخير ، لكنْ لو خرجتْ أصوات تقول : لو أنتم يا أَهْلَ الصّلاةِ وأنتم يا من تتقونَ اللَّهَ و يا من تذهبون للمساجدِ مّمن يُرِيدُ أن ينزلَ على النّواب ، قاطعوا المجالسَ النيابيّة ، نترك النّواب لمن ؟ فيبقى العطاءُ على وضعهِ الطبيعيِّ ، نحن الآن مشغولونَ بأنْ نُعلِّمَ النّاس دينَهم ، لكن عِندما نُرشِدُ النّاس من ينتخبون .
⬅ أولاً لا نُسمّي أحداً بعينه ، لأنّنا لسنا حزبيين ، ولسنا أصحابَ أحزاب ، الحزبي يقولُ لكَ ” أنظر إذا لَمْ تنتخب فلان ليس لك الجنة !! ” ، أنا كنتُ في الانتخاباتِ الماضية في العقبةِ ، فأراني إخواننا في العقبة منشورات تقول ” الذي لا ينتخبُ فلان…وفلان…وفلان ويذكرون أسماءُ النّواب من الإخوان في الدّورة الأخيرة التي نزلَ فيها الإخوان المسلمين – إذا لم تنتخب فلان…وفلان…وفلان…لا تدخل الجنة !!!! ” أعوذُ بالله من الشياطين…هل الجنّة بيت والدك ؟…هل أنت الذي تُعطي الجنّة وتمنع الجنة ؟…إذا انتخبت فلان…وفلان…وفلان…أصبحت بالجنة !! وإذا لَمْ تنتخبت فلان … وفلان … وفلان… لست من الجنة !!
↩ أنتَ مطلوبٌ منك أن تُصوّت وهذا الصوت أمانة ، من يخدم المجتمع أكثر مع المحافظة على ثوابتنِا في شرعنا انتخبوه ، أنا عقلي غير وعقلك غير ، لكن الله يعلم أنّي لمْ أقدِم فلان إلا لأنّي أُقدّم المصلحة العامة ، فأنا حينئذْ لي رأي وأنت لك رأي ، وأنا مجتهد وأنت مُجتهد ، فواحدٌ منّا مُصيب و الآخر مُخطئ ، لا نقول فلان آثم وفلان غير آثم .
⬅ أنتَ الواجبُ عليكْ إذا انتخبت أنْ تجعلَ المعيار والميزان والأصل الذي تنتخب بسببه إنّما هو الخدمة التي تَعُمّ المُجتمع مع المحافظة على ثوابتِ الشّرع .
↩ فلا أنتخبُ رجل مُلحِد ، رجل لا يُقيم للدين وزن ، رجل شاذ !! هؤلاء موجودين لكنّهم قِلّة هؤلاء قِلة .
⬅ فالقول بأنّ شيخنا الألبانيُّ تراجعَ خطأ ، والذي يقول أنّ الشيخَ تراجعَ هو الذي يحتاج إلى الدليل، لكنّ للشيخِ أقوال ، بعضُ الناّسِ ليسَ عندَه فَهم ! لا يستطيع أن يَستوعبَ القولين ، يعني الشيخ يقول : ليسَ العلاجُ الشرعيّ هو الديمقراطيّة ، هذا كلامُ الشيخ ! وكلامهُ صحيح ، لكنّ بعضَ النّاس يفهمُ من هذا الكلام أنّ الشيخ لا يرى الانتخابات البرلمانية ، هذا خطأ .
↩ الشيخ يرى أنّ سعادةَ الأُمَّة بالشّرع لا بالحياةِ الديمقراطيّة ، ويرى أنّنا في واقِعنا ينبغي أن نتعاملَ مع الموجود بمعطياتهِ ، وأنّ الموجود الواجبُ علينا أن نُقدّم مبَدأنا لا مصلحتَنا .
↩ بعض الناس ينتخبُ لأجلِ المال !! و البعض ينتخب على وعد ! يعني والله موعود أنتَ أمضي معي وأيّدني وإذا أنا نجحت أنا أقومُ بتوظيفك وأعمل لك !! هذا حرامٌ شرعاً ، صوتُك يجبُ أن يكونَ أمانة ً، وأن تكونَ هذهِ الأمانةَ لخدمةِ الأُمّة ، ولخدمةِ سائرِ إخوانك ؛ لأنّ المصلحة العامّة في الشرع مُقدّمة على المصلحة الخاصّة ، فالواجبُ على الإنسان أن يُحكِم هذا المبدأ ، والله أعلم.
⬅ السؤال : إذا الإنسان لمْ ينتخبْ هل يُؤثم؟
الجواب : إذا كان لا يَعلمُ المُنتَخَبين ، أو احتار ولم يعرف مَن أحسن الموجودين ، وكان هذا باعثُه على الانتخابِ فالأمرُ فيه سِعة ، لكن إذا كنتَ تعتقدُ أنّ فلانًا أحسنُ من فلان ، وأنت مُتيِّقن فأنتَ قَدِِّم الأحسن وأبعِد ونَحِّي الأسوأ ، والله أعلم .
↩ رابط المادة :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍