السؤال الأول أخ من فلسطين الحبيبة يسأل ويقول عندنا اعتاد الناس في…


الجواب : هذه العادة ( تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر ) قديمة ، وعالجها علاجاً طويلاً الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ( اعلام الموقعين عن رب العالمين) ، والإمام ابن القيم من وفيات سنة ( 751 ) ، كان يعيش في القرن الثامن ، ولما ذكر اختلاف الأحكام والعوائد والعادات مثّل على ذلك بالمهر ، فقال : المهر في زماننا هو المؤخر ، ولكن العادة جرت واتفقت إرادة المتعاقدين على أن المرأة لا تطالب به ولا تأخذه إلا إن طُلقت أو مات عنها زوجها .
فهذه العادة قديمة وليست جديدة ، العادة التي جرى عليها الناس اليوم من أنّ المهر كما يكتب في عقود الزواج ، لو نظرت في عقد زواجك تجد في عقد زواجك مكتوب ، وتأخذه المرأة في أقرب الأجلين ( الطلاق أو الوفاة ) ، فالمهر ليس مطالباً به الزوج ، يعني لا يقال أن هذا مهرا بمعنى أن المرأة لها أن تطالب به زوجها متى شاءت ولها أن تأخذه؛لأن العادة درجت أن المرأة لا تأخذه إلا في احدى صورتين ، إلا إن وقع اتفاق على خلاف المعتاد ، فالعلماء يقولون : ( العادة محكمة ) ، وسبب وجود المهر المؤخر فساد الذمم ، كالسبب الذي يكون فيه توثيق العقود ، وتوثيق البيع والشراء من البيوت والسيارات وما شابه ، فقديماً لما كان يتم البيع ، لما إشترى النبي صلى الله عليه وسلم من جابر ناقة ما كان يوجد وقتها توثيق عقد ، ولما كان الناس يتعاملون فيما بينهم كان دينهم يمنعهم ، كما كان يقول حذيفة رضي الله تعالى عنه كما في صحيح مسلم : ولقد أتى عليّ زمان وما أبالي أيكم بايعت ،لئن كان مسلما ليردنه علي دينه ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه عليّ ساعيه ،وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا.
فحذيفة أدرك شيئاً من الخيانة ، شيئاً من عدم أداء الأمانة .
الشاهد لما كثرت الخيانات وفسدت الذمم فكان من حق أولياء الأمور أن يصلحوا شؤونهم ، كما كان يُؤثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ، كان يقول : يُحدثون ونُحدثُ لهم ، الناس يغيرون ويبدلون ، ونحن أولياء الأمور نحدث لهم .
ما معنى نحدث لهم ؟
الجواب : نصنع لهم شيئاً لم يكن سابقاً ، وهو من صلاحياتنا ، فمن صلاحيات أولياء الأمور ، إحداث مثل هذا لنصلح شأنهم .
من أين جاء المهر المتأخر ؟
الجواب : جاء المهر المتأخر من عدم التأكيد على الخُلق والدين ، لما الناس أصبحوا يتهاونون في دين الرجل ولا يفحصونه ، ولا يسألون عن دينه ، ويزوجون الأثرياء ، ويزوجون أي إنسان ، حينئذ جاء المهر المتأخر ،
*فإذا كان المهر المتأخر بديلاً عن السؤال عن الدين حرام* ، يجب عليك أن تسأل؛لأن النبي عليه السلام يأمر الرجل ، وهذا الأمر يشمل الأنثى ( المرأة ) أيضاً ، عليك بذات الدين ، فالمطلوب أن نتزوج صاحبة دين ، فإذا ولي الأمر أو المرأة ظنت أنها برفع قيمة المهر المتأخر تهنأ وتعيش حياة طيبة ، وأنها تُحصّل ما تريده من زوجها ، هذا كبديل عن الدين أو الخُلق حرام ، أما الأصل في المهر فهو مطلق ، يجوز أن يؤدى المهر كله مؤجلاً ، ويجوز أن يؤدى المهر كله معجلاً ، ويجوز أن يؤدى المهر مؤجلاً ومعجلاً ، لكن كما قلت ( العادة محكمة ) ، فإذا جرت العادة عند الناس أن المهر لا تأخذه المرأة وهو ليس من حقها إلا إن مات عنها زوجها ، فهو من الدّيْن ، فأول ما يعطى للمرأة نصيبها من المهر كديْن ، ثم تأخذ نصيبها ( الربع أو الثمن ) على وفق التفصيل المعروف عند العلماء في الميراث ، والله تعالى أعلم .
سؤال من أحد الحضور : إذا لم يترك الزوج مالاً فما الحكم ؟
الجواب : الأصل أن بيت المال هو الذي يسد عن المسلمين ، وهذه مسألة بحثناها في درسنا في شرح صحيح مسلم وطوَّلنا في بحثها ، وذكرنا الأدلة ، ورجحنا أن بيت مال المسلمين هو وارث من لا وارث له ، وأنه هو الذي يسد دين من لا يستطيع السداد .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
⏰ 6 جمادى الأولى1438 هجري .
2017 – 2 – 3 إفرنجي .
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍