السؤال الثامن عشر كانت عندي أعمال خلطت فيها النية بين أن تكون…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/01/AUD-20170128-WA0000.mp3الجواب :
الكلام عن أحكام النية كثير وأنا دائما أقول كان ابن أبي جمرة رحمه الله شارح مختصر صحيح البخاري كان يقول :
لو كان الأمر الي لجعلت فقيها في كل مسجد يعلم الناس أحكام النية ، وهذا في عصر العافية والخير .
أنا استعرت منه هذه العبارة وكتبتها في كتابي ( منهج السلف في التعامل مع الفتن) قلت في هذا الزمان حق لنا أن نستعير هذه العبارة وأن نغيرها :
لو كان الأمر إلي لجعلت في كل مسجد طالب علم يحذر الناس من الفتن .
لأن الفتن و إراقة الدماء اليوم تلبس بلبوس الدين وتعطى أحكاما شرعية للأسف بسبب الجهل .
الكلام عن النية وأحكامها كثيرة ، لكن أوجز وأختصر بحال الأخ فأقول :
إرتباط النية بالعمل على أقسام :
القسم الأول :
أن يبدأ الإنسان العمل وهو لن يستحضر الآخرة ولا الأجر ولا رضى الله كليا ، وإنما يريد في هذا العمل غير وجه الله ، فهذا العمل باطل لم يرفع ولم يقبل عند الله جل في علاه وصاحب هذا العمل لا بد أن يفضح وفق سنة لله جل في علاه لا يمكن أن تتخلف ، فإن الله عزيز حكيم ، فالله غالب عزيز غالب ، والله لا يغالب ، فكل من سلك ولبس لبوس الدين وقلبه ليس معلقا به وهو معرض بالكلية عنه وعن دينه وعن احتساب الأجر لابد أن يفضح ، ومثل هذا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : “وإن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها” ، وفي رواية مرعبة مزلزلة في صحيح الإمام مسلم يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم : “وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس” ، عمله من أهل الجنة فيما يبدو لك أما هو فليس مستحضرا لا جنة ولا نار ، صلى الناس صلى ، قام الناس قام ، صام الناس صام ، ما يستحضر لا أجر ولا يستحضر رضى الله عز وجل ، ولا يؤدي واجبا ، هذا فضيحة .
ابن الجوزي رحمه الله في كتابه أخبار الحمقى والمغفلين يذكر واحدا من هؤلاء قال :
واحد قام يصلي ويرائي ، فطول الصلاة حتى الناس يروه ، قلبه أصلا ما تعلق بالله ، فرآه الناس فأثنوا عليه ، فقالوا : ما شاء الله فلان صلاته ما أطولها ، ما أحسن صلاته ، فالله فضحه ، فقال وهو يصلي : ومع هذا فأنا صائم ، قال : أنا صائم وليس فقط أصلي ، وصلاة خاشعة أنا صائم ، ففضحه الله تعالى فأبطل صلاته ، فمن تكلم في صلاته فصلاته باطلة ، فالله فضحه .
وأخونا السائل أظنه ليس من هذا القبيل ، أظن أن الشيطان دخل عليه فسرق منه في أعماله الذي قال عنها أعمال دعوية.
القسم الثاني :
أخف من هذا الصنف ، تبدأ بالعمل لله جل في علاه ثم يدخل عليه شيء من الرياء في أثناء العمل فينقص من أجرك بمقدار ما دخل ، أنت أصلا مستصحب رضى الله ، وأنت تريد في طاعتك الأخرة ، تريد الأجر والثواب، لكن دخل الشيطان في أثناء العمل فهذا ينقص من أجرك بمقدار ما دخل ، وأظن أن الأخ سأل عن هذا وهذا يحتاج إلى توبة .
القسم الثالث :
أن تعمل العمل وأنت تريد الإخلاص ، وفي العمل الإخلاص ثم بعد الفراغ من العمل يدخل عليك العجب ، ترى نفسك فتعجب بالعمل .
قالوا العجب قد يوصل إلى إحباط العمل .
لذا بعض السلف كان يقول : لئن أنام طوال الليل وأستيقظ نادما أحب إلي من أن اقوم طوال الليل وأصبح معجبا .
لذا علماؤنا يقولون : النية ينبغي أن يستحضرها الموفق قبل العمل وفي اثناء العمل وبعد العمل ، قبل العمل وفي أثناء العمل حتى أن الشيطان لا يسرق ، وبعد العمل حتى ما يقع العجب .
والإنسان الموفق يعلم أن هذا الشيء الذي جرى على يديه إنما هو توفيق من الله ليس له فيه نصيب .
لذا أعجبتني وصية الفاطمي الشراوي وكان من كبار العلماء السلفيين في المغرب لتلميذه تقي الدين الهلالي كان يقول :
يا بني إذا رأيت الناس قد أقبلوا عليك فأعلم أن هذا من فضلهم عليك ، إذا رأيت الناس قد أقبلوا عليك في الحضور والدروس فأعلم أن هذا من فضلهم عليك ، فإياك والعجب إياك أن يصيبك عجب ، فهذا فضل من الناس عليك ، وإلا فالناس يمكن أن يذهبوا لأي إنسان ، يذهبوا لغيرك ، فلا تنظر لنفسك و لاتصاب بالعجب .
فهذه يعني كليات وأصول لتعلق النية بالعمل .
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
⏰ 29 ربيع الآخر 1438 هجري .
2017 – 1 – 27 إفرنجي .
↩ رابط الفتوى :
◀ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍