السؤال السابع كيف نوفق بين قول النبي صلى الله عليه وسلم لا عدوى…

http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2016/05/7.mp3الجواب: اختلف أهل العلم في التطبُّب على قولين :
منهم من قال بالوجوب لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: {يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً ، إِلا دَاءً وَاحِدًا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : الْهَرَمُ}. رواه الترمذي (2038) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وللعلم فإن بين الحين والحين تظهر أمراض جديدة = والنبي-صلى الله عليه وسلم- فصّل هذا في حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عند البيهقي قال :{وما ظهرت الفواحش في قوم حتى يعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم} ، فهذا بحسب الفواحش الموجودة وظهورها !.
ومن بديع ما أعجبني صنيع ابن كثير في تفسير سورة النساء في تفسيره المشهور لما ذكر هذا الحديث وذكر الدجال وأحاديث الدجال قال : وفي هذه الأحاديث دلالة على أنه لا بد أن ينزل عيسى -عليه السلام- ؛ لأن الله تعالى ما أنزل داء إلا وجعل له دواء = ولا دواء للدجال إلا عيسى -عليه السلام- ؛ فأحاديث الدجال تؤكد على نزول عيسى -عليه السلام- .
ومنهم من قال بالسنية ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ذكر من بين صفاتهم ، قال : {لا يتداوون!} = والذي أراه راجحا التنويع والتفصيل فإذا ترتب على عدم التطبب الهلاك وضياع من يعول وفساد في حياة الشخص = فحينئذ يجب عليه المداواة ، وأما إن ترتب عليه أن يتأخر البرء ولا يترتب عليه هلاك ، مثل إنسان أصابته إنفلونزا أو رشح وجرت العادة أن الأمر يأخذ مداه ثم بعد فترة يبرأ -بإذن الله تعالى- ولا يترتب على إثر ترك هذا المرض من التداوي هلاك أو تضييع الإنسان لمن يعول وترَكَه من باب تمام التوكل على الله ليكون من ضمن السبعين ألفا = فحينئذ تَرك التطبب سنة ! ، ✋لا أقول التطبب سنة ?أقول ترك التطبب سنة! ، فالتنويع هو الذي تقتضيه الأحاديث والله تعالى أعلم.
أما التوفيق بين قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : {لا عدوى} ، وبين قوله : {لا يورد مريض على مصح} ، ومثله حديث {إذا سمعتم بالطاعون وأنتم في بلاد فلا تخرجوا منها !} ، وفي كلا الحديثين إثبات للعدوى!، مع قوله -عليه الصلاة والسلام : {لا عدوى} = فإن للعلماء مصنفات في التوفيق وأحسن كلام وجدته في المسألة للإمام الطيبي في كتابه (شرح مشكاة المصابيح) ؛ فقد ذكر قاعدة حسنة مفيدة لطلبة العلم قال : إذا نفى الشرع شيئاً ثم أثبته فالنفي لا ينصب عليه لذاته وإنما النفي ينصب على الشيء القائم في أذهان المخاطبين آنذاك! = إذن الشرع إذا نفى شيئا ثم أثبته ؛ فالنفي لا ينصب على ذات الشيء وإنما ينصب على الشيء القائم في أذهان المخاطبين آنذاك في الجاهلية فقد كانوا يعتقدون أن العدوى تنفع وتضر أو تضر لذاتها ولذا لما ذكروا الجمل الأجرب قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من أعدى الأول؟! ، أي : المرض الأول ممن؟! = فالعدوى لا تضر بذاتها والعدوى لا تضر إلا بقدر الله تعالى ؛ فالعدوى مثبتة والمنفي اعتقاد العرب الذي بقي في عقول وقلوب المخاطبين آنذاك! .
مجلس فتاوى الجمعة
27 _ 5 _ 2016
رابط الفتوى
خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?