http://meshhoor.com/wp/wp-content/uploads/2017/11/الجمع-في-المصليات.mp3تفصيل أحكام الجمع بين الصلاتين في المصليات.
فقد سألني غير واحدٍ من إخواننا طلبة العلم الحريصين عن الجمع بين الصلاتين في المصليات، واستشكلَ أنهُ نُقِلَ على لساني
بالتواصل الاجتماع أني أُفَرِق بين من ينصرف من عمله قبل الصلاة و بعد الصلاة على وجه فيه غموض ويحتاج إلى تفصيل.
فانشرح صدري أن أجعلَ كلمتي هذه لتفصيل أحكام الجمع بين الصلاتين في المصليات، فأقول وبه سبحانهُ وتعالى أصول وأجول:
أولاً: ينبغي أن نُفَرّقَ بين المُصلى والمسجد، والجامع ، حتى تتضحَ الأمور ويَصِحَّ البناء والتفريق.
المُصلى: مكانٌٍ اتُخِذَ لأداء الصلاة فقط، ووقفُهُ غيرُ مؤبد، وقفهُ مؤقت، يمكن المُصلى بعد فترة يُصبح محلاً أو بيتاً .
والمسجد والجامع وقفهما مؤبد وليس بمؤقت.
والفرقُ بين المسجد والجامع :-
أن الجامعُ يجمع الناس وتقامُ فيه صلاة الجمعة.
والمسجد يُصلي فيه الناس الصلوات الخمس ولا تُقامُ فيه الجمعة.
فبعض المساجد جوامع، وبعد المساجد غير جوامع، وإذا وُجِد في مَحِلَة مسجدٌ جامعٌ يتسعُ للناس كلهم فينبغي ألا تعدد الجُمَع – يعني ينبغي أن نصلي في هذا المحل، فإذاً اتضح من هذا الكلام أن المُصلى وقفهُ مؤقت، وهو مكان يُتَخذ لأداء الصلوات.
هل المُصليات سيّان؟
لا.
المصليات أقسام:- فمنها ما هو قريب إلى المسجد و الجامع ومنها ما هو بعيد.
لما يسّرَ الله لي في أوائل الثمانينات كتابة كتاب الجمع بين الصلاتين فكان أعوَص مبحثٍ وأكثرهُ تعباً مبحث الجمع بين الصلاتين في المُصلّيات، وذلك أن المُصلّيات المتخذة في الطرق الموجودة في زماننا ما كانت معروفةً في ذاك الزمان، بحثتُ طويلاً وسألتُ أهل العلم فلم أجد مَقنعاً ولعل هذا من قصوري ثم يَسَّرَ الله لي – وهذا من عجيب ما وقع لي في هذه المسألة ومسألة أخرى – أني رأيتُ في المنام أن أحكام الجمع في المصليات موجودةٌ بتفصيل في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، مِن كُتُب علماء المالكية، فبمجرد أني استيقظت قبل أن أذهب لصلاة الفجر ذهبت للمكتبة واطّلعت على حاشية الدسوقي فتذكّرت أني مررت بمبحثٍ فيه عن حكم الجمع لطلبة الأزهر ، طالب الأزهر كان مبيتُه وطعامه ومسجده تحت سقفٍ واحد، ولذا خصّوهم بالبحث.
الذي أراه بعد بحث أن هنالك مصليات قريبة من المساجد كالمصليات التي يُمشى إليها والمصليات التي تُسقِطُ صلاة الجماعة ولا يُعدُ من صلىَ فيها مقصراً في أداءِ صلاة الجماعة، مثل المصليات في الأسواق كالمصليات في الكراجات، ومصليات المصانع الكبيرة، مسجد يؤذن فيه، الناس تمشي إليه وتدخله ، ولا يقال للداخلِ إلى أين أنت ذاهب ،فهي شبيهة بالمساجد، إلا أنّ المسجد تُقام فيه الصلوات الخمس ، وبعض المُصلّيات لا تقام فيه صلاة الفجر ، لأنه مكان خاص للعمال ، والعمال يصلون الفجر في بيوتهم أو في محالّهم ثم يذهبون للعمل والفجر قد مضى وقته ،هذا لا حرجَ في جمع الصلاة فيه ولجميع الناس حتى لمن يعملوا فيه وحتى من كان مَحِلُّهُ في عمله مقابلاً للمسجد أو قريباً منه.
الآن الإمام الذي يسكن في المسجد هل يجمع بين الصلاتين؟
من كان بابُ بيته في باب بيت المسجد هل يجمع بين الصلاتين؟
من يمشي إلى المسجد من جيرانه تحت (ساباط)، تحت شيء مسقوف – يعني ممكن واحد يمشي للمسجد ويكون بينه وبين المسجد مكان لا يتعرض للمطر فيمشي تحت ( ساباط) يقول الفقهاء.
الساباط: مكان مُظلل.
مثل هذا هل يجمع بين الصلاتين؟
نعم يجمع بين الصلاتين، وبالتالي هذا النوع مستثنى.
النوع الأخر من أنواع المصليات، مُصلى أشبه ما يكون بمُصلى خاص، ليس مشهوراً عن هذا المصلى أنه مسجد لا يمنعون من دخل إليهم ومن راجعَ في معاملة لكن لا ينادى فيه ويعني قريب من وجه من أداء الجماعة بحيث أنه لا يُمنع أحد من دخوله لكن ليس عاماً لا يـمشى إليه، وقد تكون هذه الشركة أو هذا المَحِل لهذا المُصلى يعني يُصلى فيه صلاتين، في هذا أنا أفرّق بين من ينصرف قبل الصلاة و بعد الصلاة.
فإذا مكثوا في عملهم بين الظهر والعصر وللمغرب فلماذا يجمعون، كالذي يصلي في بيته، أما لو أنهم لو انصرفوا – مثلاً – قبل أداء صلاة العصر وإذا ذهبوا للمساجد وجدوا الناس قد جمعوا فهذا لهُ وجهٌ في إلحاقهِ بالنوع الأول من حيث الجواز، وإذا مكثوا لصلاة المغرب – مثلاً – لا داعي للجمع.
هنالك مصليات شبيهَة بمصليات البيوت هذا النوع لا يجوز الجمعُ فيه، يعني إنسان يُريد أن يترخص.
ما معنى ترخّص؟
لا يصلي جماعة بعذر المطر، هل عليه تثريب؟
لا ليس عليه تثريب.
إنسان قال أنا أريد اليوم أصلي المغرب والعشاء في البيت وما أريد أن اجمع، أصلي المغرب في وقته والعشاء في وقته هل عليه تثريب؟
لا.
متى جاز الجمعُ بين الصلاتين في المسجدِ جاز التخلف عن الجماعة.
ومن جاء للجماعة نالَ جائزة الجمع بين الصلاتين.
والله أني أتحير واستغرب استغراباً شديداً ممن يمنعوا الجمعَ بين الصلاتين، لأن المؤذن لما يؤذن يقول: – من السنة – صلوا في رحالكم.
بعض المشايخ في هذا البلد – رحمه الله – مات من قريب – أسأل الله الرحمة – لم أر أحداً كان يتساهل في الجمع بين الصلاتين مثله، ثم فجأة تحوّل إلى المنع من الجمع بين الصلاتين بقوة، أصبح يقول: عنه كبيرة من الكبائر.
ما هو دليلك على المنع؟
قال: لماذا المؤذن يقول: صلّوا في رحالكم؟
قلت: يا استاذ هذا ليس دليلاً على المنع في الجمع بين الصلاتين، هذا دليلٌ على منع الجماعة في المطر، صلوا في رحالكم ليس دليلاً على المنع في الجمع بين الصلاتين، وإنما هو دليلٌ على منع أداء الصلاة جماعة( وهذا إن فهمنا النص على ظاهره، فقد يبدوا لبعض من يريد أن يتعامل مع هذا النص معاملة لغوية محضة ولا يعرف أساليب الشرع في التشريع فيقول الصلاة في المسجد حرام لأن النص في العربية صلوا في رحالكم ، فإذا جئنا لنصلي جماعة في المسجد فهذا حرام ،وهذا القول منكر من القول وزورا فلا أحد يقول به من المعتبرين)، النبي عليه السلام يقول::صلوا في رحالكم، هل يجوز أن نصلي جماعة في المطر؟
يجوز.
اليس صلوا في رحالكم أمر؟
نعم أمر، لكن أمر يسبقه حظر ، والحظر هو التخلف عن جماعة ، والأمر الوارد بعد الحظر في كتاب الله وسنة رسولهِ – ﷺ – لا تدل على الوجوب ، تدل على من أراد أن يأخذ بها أخذ.
والله يقول: ( وإذا حللتم فاصطادوا ) هل يلزم كل من تحللَ من الإحرام أن يصيد؟
لا، الاصطياد في أثناء التحلل حرام ، ثم جاء أمرٌ وسبقهُ حظرٌ.
فالأمرُ إن سبقهُ حظرٌ لا يفيد الوجوب وهذا أمرٌ متفقٌ عليه عند الأصوليين.
الله يقول: ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) في صلاة الجمعة.
واحد يقول: أريد أبقى جالساً بعد صلاة الجمعة للعصر ما عندي أحد في البيت أو أنا صائم ما عندي حاجة، أريد أن أبقى في المسجد، فهل يجوز أحد يقول له إذا قُضيت الصلاةُ فانتشروا في الأرض يجب عليك أن تنتشر، هذا أمر ورد بعد حظر.
الله يقول: ( فَإذَا تَطَهَرْنَّ فَأتُُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ الله ) هل يجب على كل رجل زوجته طَهُرت من الحيض أن يأتيها، فهل يجب على المريض والصغير والكبير والمسافر؟
لا، فإذا تطهرنَّ فأتوهن،َّ كان الإتيان للزوجة وهي حائض حرام فجاء أمرٌ بعد حظر وهكذا.
الجمع في المُصليات – إذا كانت المُصليات قريبة من البيت، وشبيهة بمُصلّى البيت – يعني مجموعة من الموظفين يعملون في شركة يصلون في كارادور أذن عليهم وما يوجد لهم مصلى ولا عندهم مكان ولا يدعونَ أحداً للصلاة ، يصلون ثلاثة أربعة صلاة جماعة أذّن الظهر وهم يخرجون بعد المغرب فلماذا يجمعون بين الظهر والعصر؟
ينبغي أن نلتفت وأن نتلمس فقه المسائل ولا نُعلّق المسألة بالمكان ونقول: هذا مُصلى جائز ونُطلق فإن أطلقنا فإما أن نتوسع وإما أن نُضيّق ، يعني إذا ما تلمّسنا العلة من الجمع ، لما جمع النبي بين الصلاتين، سُئِلَ ابن عباس – رضي تعالى عنه عن ذلك فقال: أراد أن لا يُحرجَ أمته ، فقال ابن عباس : أراد النبي – ﷺ – أن لا يُحرجَ أمته.
والله تعالى أعلم.✍✍