فاستقم كما أمرت

 
لقد منّ الله علينا بفضله ومنه وانعامه وكرمه بان جعلنا ندرك رمضان ونسال الله رب العرش العظيم ان يتقبل منا ومنكم سائر الاعمال وصالحها وان يعيده علينا اعواما عديدة .
الواجب على المكلف ان يثبت على الاستقامة، فالاستقامة امر عجيب.
امر الله تعالى نبيه بها فقال عز وجل ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ) فالخطاب ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم وانما هو عام لجميع افراد امته وليس هو خاص في مكان او في زمان وانما يشمل جميع المكلفين ،والاستقامة لا تتحقق ولا تتحصل الا بالتزام الصراط السوي من غير تساهل ولا تشدد، فاستقم كما أمرت، ليس كما هويت او كما احببت أو كما تعودت بل كما أمرت (وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا) والطغيان الزيادة في الحد لا تطغى على عباد الله ولا تتشدد في التزامك بدين الله عز وجل ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ) هذه الاستقامة تحتاج من العبد ان يكثر التوسل الى الله عز وجل ،وهكذا يسال العبد في كل ركعة يصليها لله سبحانه وتعالى، تامل معى قولك ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) يارب اتوسل اليك بعبادتنا اليك وباستعانتنا بك ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا ) اسالك الهداية في الصراط المستقيم ،بعبادتنا اياك واستعانتنا بك، في هذه الاية وفي هذا الترتيب والسر في ذكر الهداية هداية الصراط المستقيم ولا اقول بذلك الهداية الى الصراط المستقيم والهداية هدايتنا هداية الى الصراط وهداية في الصراط وان تقول اهدنا الصراط انك هديت الى الصراط فبعد ان هديت الى الصراط تسال ربك الهداية في الصراط ،فتتوسل الى الله بعبادتك بصيامك بقيامك بتلاوتك للقرآن وباستعانتك (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) قال غير واحد من السلف استعينوا بالصبر اي بالصيام واستدل على ذلك بما ثبت في مسند الامام احمد ان النبي صل الله عليه وسلم قال ” صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ ” فالاستعانة بالصبر اي استعينوا بصوم رمضان صيام شهر رمضان شهر الصبر شهر الصبر هو شهر صيام رمضان، فانتبه الى مثل هذه المعاني وانت قد خرجت حديثا من مدرسة رمضان مدرسة التقوى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) المراد من الصيام ان تُحصل التقوى والتقوى ان تجعل وقاية بينك وبين الله فيما نهاك عنه تجعل وقاية، بينك وبينه كتاب بينك وبين المحرمات تستعين بهذا الصيام الذى حبست ومنعت نفسك من الحلال فمن باب أولى ان تحبس نفسك بمنعها من الحرام، وتنوى هذه المعاني وانت حديث عهد بتخرج من هذه المدرسة العظيمة مدرسة الصيام، والصبر اهم الاشياء الصبر نصف الايمان والملائكة يدخلون على المؤمنين من كل باب يقولون لهم (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) كلما دعتك نفسك الى الحرام تذكر هذه الاية الملائكة يدخلون على المؤمنين على اهل الجنة من كل باب ويقولون لهم (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) فالواجب ان يحبس الانسان نفسه عن المحرمات وهذا الحبس هو تحقيق التقوى وهو المراد بقوله سبحانه “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. واسال الله جل في علاه ان ينفعنا بما صمنا وبما قمنا وبما تلونا وان يجعل ذلك وسيلة في مزيد تقرب اليه والاستعانه به في طاعته وان يرزقنا الصبر على فعل الطاعات ثم الصبر على ترك المنكرات ثم الصبر على ما يلاقي الدعاة ثم الصبر على قضاء الله عز وجل وقدره.
الله اعلم
⬅ مجلس فتاوى الجمعة.
20 شوال – 1438 هجري.
2017 – 7 – 14 ميلادي
↩ رابط الفتوى :
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.✍✍
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام:
http://t.me/meshhoor