الصورة هنا في الحديث ليس المقصود بها التمثال، لأنه جاء في رواية عند مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: {لا تدخل الملائكة بيتاً فيه تماثيل أو تصاوير}، فالنبي صلى الله عليه وسلم فرق بين التماثيل والتصاوير فالصورة والتمثال والكلب في البيت تمنع دخول الملائكة.
والمراد بالملائكة هم ملائكة الرحمة، وليست الملائكة التي تحفظ الإنسان ولا التي تكتب الحسنات والسيئات ولا ملك الموت لأننا بالمشاهدة نعلم أن ملك الموت يقبض روح من يوجد في بيت فيه صورة أو كلب، فهذا الحديث من العام المخصوص فالمقصود ملائكة الرحمة التي لا توجد الشياطين معها، والملائكة الذين يتلمسون حلق الذكر التي أصبحت كثير من بيوت المسلمين محروماً منها، فلا يجد الرجل الراحة في بيته ولا يطيق الجلوس فيه، لأنه بيت لا يذكر الله فيه، ثم بعد ذلك كل يبكي ومنزعج مما يحصل بالمسلمين، فوالله إن الذي يحصل بنا قليل فالأصل أن نعظم الله في بيوتنا وأن نقيم دين الله في بيوتنا فعند ذلك يمتن الله علينا بأن يهيء لنا أن نقيم دينه في مجتمعاتنا، فالكل منا يبكي على الدين ويولول، أما العمل فيهدم الدين.
والدين بناؤه ليس بالقول، إنما بالعمل، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته والزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والعبد راع في مال سيده، فالمطلوب أن نطهر بيوتنا من موانع دخول الملائكة، حتى نهنأ في بيوتنا، ونقيم دين الله عز وجل.
وإذا كان الكلب والصورة تمنع دخول الملائكة فمن باب أولى أن ما هو أكبر من ذلك كالزنا والخمر والنظر إلى العاهرات في الفضائيات والتلفاز أن يكون مانعاً من دخول الملائكة فكيف حال بيوت الملسمين الآن والحالة هذه؟ فعلينا أن نراجع حساباتنا وأن نتقي الله ربنا، وأن نبتعد عما يسخطه سبحانه، وأن نحقق عبودية الله عز وجل وتكون عبودية حقيقية وليست صورة فقط، فعندها نشعر بلذة الطاعة والعبادة.
أما الصورة المضطر إليها الإنسان، كالمعاملات الرسمية، فهذه جائزة للاضطرار وما عداها فإنها داخلة في عموم النهي عن التصاوير فإن الألف واللام للجنس، وسواء كانت معلقة أو غير معلقة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ولم يقل: التصاوير المعلقة مثلاً، فإنها جميعاً تمنع من دخول الملائكة.