التأمين نمط غربي دخيل علينا، وما أجمل ديننا، فهنالك من التعاليم الشرعية في دين الله عز وجل، ما تجعلنا لا نحتاج إلى التأمين.
وأحسن شيء للتأمين في شرع الله أن يقف معك أقاربك العصبة، فمن تجتمع معه إلى الجد السادس يكون بينكم شركة تأمين جبرية على رغم أنوف الجميع، فإنهم يتحملون معك الدية، ولا بد أن يقفون معك وتقف معهم.
ِولما دخل العجم دين الله عز وجل، ولم يكن يوجد لهم من القرابة كان من الترتيبات الإدارية لمُلْهِم هذه الأمة عمر رضي الله عنه، كان له ترتيب بأن نقل الدية من العشيرة والعصبة إلى الديوان، ودون الدواوين لأهل المهنة الواحدة.
وشركات التأمين كلها مردها إلى شركات قليلة موجودة في ديار الغرب، وجلها في بريطانيا، فهذه الشركات الموجودة هي عبارة عن سماسرة بينك وبينها فهم يعملون عملية تسمى رد التأمين، فأنت لما تؤمن عندهم يؤمنون على تأمينك عند هذه الشركات فمرد التأمين لشركات قليلة جداً، وأغلب مكاسب الشركات قائم على الكذب والدجل، لأنهم أعرف بقوانين الشركات العالمية.
وهذه الشركات لا يشك عاقل في حرمتها لأسباب، من أهمها: لو أنك نظرت إلى الذين يؤمنون معك في هذه الشركات لوجدتهم الخمارات والمراقص والملاهي الليلية فأنت وهؤلاء شركاء في شركة التأمين، فأنت تدفع وهم يدفعون، فجل شركائك في هذه الشركة حالهم قائم على الرذيلة والخنا والمعاصي نسأل الله أن يحفظنا وأن يعصمنا منهم.
ثم إن هذه الشركات في حقيقة أمرها قمار، فواحد قد يدفع لها سنوات طويلة ولا يأخذ شيئاً، وآخر قد يدفع مرة واحدة ويأخذ الألوف، والفصل بين الأخذ وعدمه إنما هو بطريق الحظ والصدفة، وهذا هو عين القمار، فالقمار المحرم في الشرع مبدأ، وليست العبرة بالوسيلة، فقد يلعب الأولاد القمار وهم يلهون فيما بينهم في بعض لعبهم، وقد يلعب الكبار القمار بواسطة مسابقة (المليون درهم) مثلاً، أو بواسطة بطاقة (شوت) أو ببطاقة (اليانصيب) فتشتري بطاقة بدينار حتى تحصل مبالغ طائلة، فهذه كلها قمار، والقمار صورة مختلفة والعبرة بالمبدأ، فالذي ينظر إلى طبيعة العقود بين المؤمنين وبني شركات التأمين يجدها قماراً.
وشركات التأمين تتعلق بفتاوى بعض العلماء في هذا العصر كالشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله، فإنه يقول: إن التأمين له أصل في الشرع، وقد توجد شركة تأمين وفق الشرع، وقد توسع رحمه الله في موضوع الغرر، فالغرر عنده أوسع في نظره من سائر العلماء، ومع ذلك فهو لا يخبر هذه الشركات التأمينية الموجودة اليوم، فقد سألته قبل وفاته عمن يوزعون فتاويه في التأمين، فقال: هذه الشركات الموجودة اليوم أنا لا أقر بحلها، وأفتي بحرمتها، لكني عندي تصور لشركة من الممكن أن تكون شركة تأمينية حلالاً.
فالشركات التأمينية الموجودة اليوم كلها حرام، والحرمة تجتمع فيها من أكثر من وجه، والواجب على المكلف أن يتركها ولا يتعامل معها، إلا إن كانت إجبارية كحال أصحاب السيارات اليوم، فمن اضطر للتأمين فليؤمن بأقل محذور فالضرورات تبيح المحذورات والضرورات تقدر بقدرها، والله أعلم…