هنالك مجموعة من السنن في إدخال الميت القبر:-
السنة الأولى: ينبغي أن يتولى إنزال الميت القبر ذووه من الرجال دون النساء، حتى لو كانت المتوفاة امرأة، فينبغي أن يعمل على إنزالها الرجال دون النساء، لأن هذا هو الأمر المعهود في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ولأن الرجال أقوى، ولأنه يترتب على إدخال النساء الميت القبر، تكشف عورات، وأولياء الأمر مقدمون على غيرهم، وقد صح أن الذي تولى دفن النبي صلى الله عليه وسلم وإنزاله في قبره علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقبه سفران، وهؤلاء من ذويه، ولما فرغوا قال علي رضي الله عنه: ((إنما يلي الرجل أهله)).
ويجوز للرجل أن يتولى بنفسه تغسيل زوجته وإنزالها القبر، واعتقاد العوام أنه لا يجوز للزوج أن يغسل زوجته ولا أن يمسها، وأنه إن فعل ذلك ينقض غسلها فهذه خرافات ما أنزل الله بها من سلطان، فقد كانت تقول عائشة: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ازواجه))، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدأ فيه المرض، فقلت: وارأساه، فقال صلى الله عليه وسلم: {وددت أن ذلك كان وأنا حي، (أي وددت لو أنك يشتد عليك المرض وتموتين وأنا حي) فهيأتك ودفنتك}، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يتمنى إلا الشيء المشروع، فقالت: ((فقلت: غيرى (أي من غيرتي) كأني بك في ذلك اليوم عروساً ببعض نساءك)) فقال صلى الله عليه وسلم: {أنا وارأساه}.
ثم مشروط لمن يتولى دفن الميت وإنزاله القبر أن يكون لم يقارف ولم يجامع أهله في تلك الليلة، لما ثبت في صحيح الإمام البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: شهدنا ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان، ثم قال صلى الله عليه وسلم: {هل منكم من رجل لم يقارف أهله تلك الليلة}، فقال أبو طلحة: نعم أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: {إنزل}، قال: فنزلت في قبرها وقبرتها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعمل على إنزال ابنته والظاهر أن ذلك كان لعلة، فقد قال للناس: {هل منكم من رجل لم يقارف أهله تلك الليلة}.
ثم ينبغي أن نعمل على إدخال الميت القبر من مؤخرة القبر، من جهة الرجلين، فقد أخرج أحمد وابن شيبة بسند صحيح عن ابن سيرين قال: ( كنت مع أنس ابن مالك في جنازة، فأمر بالميت فسل من قبل رجل القبر) أي من جهة الرجل.
ثم من السنة أن يقول الذي يدخل الميت القبر أن يقول في لحده: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت ذلك في صحيح حديثه صلى الله عليه وسلم.
ثم يجعل الميت على جنبه الأيمن، ويجعله جهة القبلة، ويجعل تحت رأسه حفنة من تراب كوسادة، ويفك العقد كما صح عن أبي هريرة، ويجعل خد الميت على هذه الوسادة من التراب .
هذه الأمور المسنونة في إدخال الميت القبر، والله أعلم.