*السؤال الثامن: أخٌ يقول: شيخنا أنا أعاني من مشاكل مع أخ من أخواني في المنهج فلم يتقِ الله فيّ، فيقول عني ما ليس فيَّ ويعمل على التشهير بي بين الناس ببهتان، فماذا يتوجب عليّ في معاملته؟*
الجواب: الواجب أولاً العدل، والواجب التثبت.
كنّا في نزهة ( رحلة ) في يوم من الأيام فجرى كلام من هذا النوع وهذا الكلام عمره فوق الثلاثين سنة، فقلت يا إخواننا أريد أن نتعلم درسا عمليا في التثبت، قفوا في صف وسأهمس في أذن الأول كلمة يقولها للذي بعده والذي بعده يقولها للذي بعده حتى نسمعها من آخر واحد.
نحن كنا جالسين في مجلس واحد وكلنا طلبة علم أو يعني ممن يحبون العلم وكلنا قلبه سليم ما فيه شيء ، فقلت للذي أمامي *عدس* فقلت هيا أعطيني يا آخر واحد ما الخبر، ما الكلمة التي عندك قلتها أنا للأخ الأول .
والله يا إخوة قال: *شبشب،* أنا قلت عدس وهو قال شبشب.
يعني لو الكلمة قريبة سهلة، ولكن أين العدس وأين الشبشب، هذا يؤكل وهذا لا يؤكل، هذا حروفه مخارجها تختلف عن مخارج هذه الحروف.
فبعض الناس يسمع بلسانه، وبعض الناس نَفْسه سيئة، يحب السوء والشر في إخوانه.
والطيّب لا يحب إلا طيباً، والشرير يحب الشر ويذيعه وينشره.
إخواننا إذاعة الشر في الشرع أشد من الشر، *والأصل في المسلم أن يستر ولا يفضح.*
في صحيح البخاري النبي يخبرنا أن عيسى – عليه السلام – رأى رجلاً يسرق، فقال له عيسى: لم تسرق؟ قال: والله ما سرقت، رآهُ بعينيه، قال والله ما سرقت، فقال عيسى – عليه السلام -: صدقتك وكذبت عيني.
يعني لو سمعت واحدا والعياذ شتم الذات الإلهية فزجرته فقال: ما شتمت فما المطلوب منك تقول؟
تقول صحيح المسلم لا يشتم، مصلحتك خلاص قضيت فليس همك أن تؤذي الخلق، همك أن تُقيم الحق، تقول هذا ظني بك فليس ممكن المسلم يشتم الرب، وأكون قد علمته درسا .
بعض الناس يحمل صنيع إخوانه ويحمل كلام إخوانه على أسوأ المحامل.
ولذا أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد – رضي الله تعالى عنه – كيف نجاه الله تعالى من فتنة الإفك؟
سمع الناس يخوضون ، وفتنة الإفك زلزلت المدينة؛ تخيل معي الإفك يُخاض في عِرض النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وتكلم عن زوجه، والذين يخوضون بعض أصحابه، فتنة زلزلت ، فأبو أيوب لما سمع دخل على أم أيوب الأنصاري ،قال لها يا أم أيوب أسألك بالله هل كنت صانعةً ما قيل عن عائشة؟ قالت: يا أبا أيوب معاذ الله، فقال : هي خيرٌ منكِ فهي بريئة ومن اتهمَ بها فهو خيرٌ مني وهو بريء.
فالطيب لا تروج عليه مثل هذا الصنيع، هذا الصنيع لا يكون إلا في نفسية سيئة.
*فالواجب التثبت، والواجب النصيحة، ولا يجوز التشهير بالخلق والناس، فكيف إن كان من يُشهُر بهم مثلاً له فضل واسبقية، وله قدم صدق.*
*فنصيحتي بارك الله فيك – أن تزور هذا الأخ، وأن تذكره بالله، وأن تبين له، وأن تنصحه، وهذه معاملة له بالفضل، وفي زمن الفتن ينبغي للمسلم أن يعامل الناس عموماً وخصومهُ خصوصاً بالفضل لا بالعدل.*
*مداخلة : شيخنا لو تكلمت الله يحفظك في تتمة لهذا السؤال بأن كثير من الإخوة لا يشتغلون إلا في أعراض إخوانهم ويشتغلون بعيوبهم وإظهارها بشكل عام وليس بشكل خاص.*
الشيخ : هذه من نتائج خطايا وقعوا فيها، المشغول بخطايا الناس هذه عيوب فيه، وخطايا تراكمت عليه والعاقل عيوبه تكفيه، ولا ينشغل بالناس، لكن يغار على التوحيد والسنة، فإن سمع أناس والعياذ بالله أعداء للتوحيد والسنة يُنبه يُحذر، لكن عمله أن يدرس الناس وعمله الخير، وليس عمله أن يتتبع ثغرات وعثرات الناس، *فمن تتبع عثرات الناس قيد الله من يتتبعُ عثرته حتى يفضحه الله تعالى وفي بيته.*
والله تعالى أعلم.
⬅ *مجلس فتاوى الجمعة.*
٢٢ شوال – ١٤٣٩ هجري
٦ – ٧ – ٢٠١٨ إفرنجي
↩ *رابط الفتوى:*
◀ *خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.*✍?✍?
⬅ *للإشتراك في قناة التلغرام:*
http://t.me/meshhoor