السؤال الأول: رجل عمل كثيرًا من الأعمال الصالحة في السابق، ولكن بنيّة غير مسدّدة، والآن تاب وأخلص النيّة لله -عزّ وجلّ في علاه-، فهل توبته هذه تسدّد وتهب له سابق ما عمل، وتجعله من الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات؟
الجواب: يا جماعة، السيّئات التي تبدّل وتجعل السيئات حسنات في حق الزاني وفي حق مرتكب الكبائر، {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ }؛ فالكافر إذا أسلم فإن الله -تعالى- يكتب له عمله الصالح في كفره بسبب إسلامه، كما قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- لبعض من أسلم:{أسلمت على ما أسلفت من خير}، كما في صحيح الإمام مسلم، قال الإمام أحمد: من أسلم ثم أحكم عمله فإن الله ‘تعالى- يكتب عمله الصالح في أيام كفره وتكون في صحيفته، فما بالك في هذا الحال؟
لكن هنا أنبّه أنّ العبد -وقد ذكرت لكم هذا في الدرس الأخير في هذا المجلس- إذا ربط قلبه في الله، وربط قلبه بالدار الآخرة، وأكثر من ذكر الله فهذا فقط الذي يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة له في الظاهر والباطن، بعض الناس يحب النبي عليه السلام حبًا جمًا، وهذا أمر حسن، ولكن إن سبرته وخبرته وعايشته تجد أنّ الهدي الظاهر في حقّه أغلب من الباطن؛ فتجده ليس بصدوق وإذا خلا بمحارم الله لعلّه يفعل شيئًا، ويضجر من الناس ولا يحتسب، يمتثل هدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في ظاهره دون باطنه.
{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }، فالذي يمتثل هدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في ظاهره وباطنه من عنده هذه الثلاثة:
• ترجو الله أي تستحضر النيّة في كل عمل، وفي كل عمل تعمله ترجو الله وتخاف من الآخرة، والآخرة حاضرة أمامك تنكد عليك وتنغص عليك أحوالك، لذا أهل الجنة وهم في الجنة يقولون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}، المؤمن حزين لا بدّ أن يلقى الله، ولمّا يلقاه يقول الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن؛ فهو يخاف أن يكون في اليوم الاخر خاسرًا فهو حزين، فالذي لا يخاف اليوم الآخر، ولا يرجو الله، ولا ينوي العمل الصالح، ولا يذكر الله كثيرًا لا يستطيع أن يقتدي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظاهر والباطن، فقد يستطيع أن يقتدي بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الظاهر، لكن في باطنه ليس كذلك.
أنا أعجب من حديث أنس في الصحيح، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: “خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ، لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا”، كان يعرف ذلك من وجهه، هل هو راض عنه أم لا؟ فكان لا يؤنّب أصحابه، اليوم تعيش مع أخيك ثلاث أو أربع ساعات يقول لك لماذا لم تعمل عشر مرات؛ هذا عدم اقتداء بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالباطن، فالله ببركة الاقتداء بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الباطن ينفع بلحظك كما ينفع بوعظك وكلامك؛ لحظك وقسمات وجهك وقوتك وغضبك وتجاعيد وجهك وحركاتك الله ينفع بها، كما كان يقول أنس رضي الله عنه ، وقد قالوا قديمًا “من لا ينفعك لحظه لا ينفعك وعظه”.
أخونا يقول: تبت وعدت إلى الإخلاص لله هل تكتب له الأعمال؟
نعم، أبشر تكتب لك ،وزد ما أنت فيه واستشعر ما أنت فيه من خير.✍?✍?
رابط الفتوى
? مجلس فتاوى الجمعة
٢٠ ذو الحجة – ١٤٣٩ – هجري
٣١ – ٨ – ٢٠١٨ إفرنجي
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
⬅ للاشتراك في قناة التلغرام http://t.me/meshhoor
⬅ للاشتراك في الواتس آب
+962-77-675-7052