السؤال التاسع والعشرون : أخونا يسأل عن اللحن الخفي واللحن الجلي، ويخص اللحن الخفي والجلي بالفاتحة، لأن اللحن الخفي واللحن الجلي خارج سورة الفاتحة معفو عنه.
فالإنسان قد يخطيء وقد يقلب المعاني وقد يتلفظ بكلمة ما أنزل الله بها من سلطان، فالذهن يخون، والحفظ غير متين إلى آخره. فالشرع قال: الصلاة غير صحيحة مع اللحن الجلي في الفاتحة والواجب قراءة الفاتحة، والواجب على المكلف إن قرأ الفاتحة أن يقرأها من غير لحن جلي، وأما مع اللحن الخفي وما أكثره،فقراءة الفاتحة صحيحة. ونبه على هذا الإمام ابن كثير في آخر تفسير الفاتحة عند قوله تعالى: ((ولا الضالين)) لما ذكر مخارج الضاد، فقل من يخرج الضاد على وجهها الصحيح، والناس كما يقول ابن كثير إما أنهم يقرؤونها (دال مفخمة من غير استطالة) (و لا الدّالين)، ومنهم من يميل إلى قراءتها على أنها(ظاء مشالة) يقرأها ( ولا الظالين) والحجازيون والعراقيون يميلون إلى(الظاء المشددة)، والشاميون والمصريون يميلون إلى(الدال المفخمة)، فنطق (الضالين) في (الضاد) يقول ابن كثير هذا لا يعرفه إلا القليل، وهذا لحن خفي وليس بجلي وهذا أمر معفو عنه وإلا لما صحت إلا صلاة القلة القليلة جدا من الناس.
هذا بالنسبة إلى اللحن الخفي.
اللحن الجلي ما هو حده؟
قال علماء التجويد: اللحن الجلي أن يسكن متحرك أو أن تحرك ساكن أو أن تغير الحركة، حركة الحرف فمثلا أن تقرأ (أنعمتَ عليهم)، أن تقرأها (أنعمتُ). صليت مرة في درس مثل هذا الدرس في مسجد في القويسمة كان الإمام غائب فتقدم أحد الإخوة وصلى بالناس وقد ادركت الصلاة في أولها فالأخ قرأ في الركعتين بدل أن يقرأ أنعمتَ عليهم يقرأ انعمتُ وهذا عجيب كأنه هو الذي ينعم على الناس، وأنت لما تقرأ أنعمتَ ما المعنى؟ أنعمتَ أنت يا ألله على الناس، فأعدنا الصلاة، قلنا الصلاة باطلة وتكلمنا عن موضوع الفاتحة ومتى يكون اللحن جلي ومتى يكون اللحن خفي.
فأخونا الآن في السؤال يمثل لأن بعض الناس قد يمثل على كلمة والكلمة فيها قراءات فإذا كانت هذه الكلمة تخضع إلى قراءات متعددة فهذا لا يبطل الصلاة مثل (الصراط) {بالصاد أو بالسين} فهذه قراءة صحيحة وهذه قراءة صحيحة، فمن قرأ الصراط بالصاد ومن قرأ الصراط بالسين فهاتين القراءتين صحيحتين ولا يترتب عليها بطلان الصلاة.
أخونا يقول “مالك يوم الدين” على أن تكون يوم مضافة وهي مجرورة مكسورة بالكسرة فيقرأ بدل “مالك يوم الدين “لو قرأ (مَلكِ) لكانت قراءته صحيحة وقد ثبت هذا بالصحيح (مالك) و(ملك) قراءتان متواترتان صحيحتان.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية كان يقرأ (ملك يوم الدين) وليس (مالك يوم الدين).
أخونا مثّل قال: الإمام يلحن لحن جلي وليس بلحن خفي ومثل على ذلك بقوله: (مالك يومَ الدين) يقرؤها (اليوم) منصوبة وليست مجرورة هذه قراءة لم يقرأ بها أحد في القراءات المتواترة، فهذا غيَّر الحركة، جعل الكسرة فتحة وما شابه فمن لحن لحنا جليا فصلاته باطلة.
لكن: إذا قرأ الجاهل بمن هم جهال خلفه فالعلماء يعفون عن ذلك، قالوا: جماعة اجتمعوا ولا أحد يُحسن الفاتحة وكان أقرؤهم من يقرأ هذه القراءة فهذا أمر لا نستطيع أن نبطل الصلاة.
وأقول شيء مهم جدا أنت لا تنفرد بقولك الصلاة باطلة.
قال لي بعض الأخوة من قريب :إن إمامنا يلحن، فقلت: فليصل واحد من إخوانك الذين يتقنون القراءة ويصلي معكم ودعه يسمع له، و هو سيقرر هل هذا لحن جلي أو خفي.
أحيانا مكبرات الصوت توصل حركة ما تكون صحيحة وما نطق بها الإمام ويخيل إليك أن الإمام قالها أو لم يقلها.
المسائلة تحتاج لتثبت، ما يأتي كل واحد يقول الصلاة باطلة، أحيانا قد تكون هناك علة خفية، ونحن نوسع العلل ونلتمس العذر قدر الاستطاعة.
فإذا إنسان حاذق عارف بالقراءات صلى خلف إمام والإمام هذا يلحن لحن جلي فالصلاة باطلة والواجب عليه أن يبين له.
والموضوع صلاة إمام راتب في مسجد تبطل صلاته وتبطل صلاة من خلفه مسألة صعبة، وهذا الأمر الواجب فيه أولا التثبت، وثانيا تعلم الإمام.
ما الذي يمنع أن يقال للإمام إن لحن لحنا جليا، ما الذي يمنعه أن يذهب إلى من هو متقنا للقرآن ويقول له أريد أن اقرأ عليك الفاتحة ،أنت لو شككت أنك لا تقيم الفاتحة على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فما الذي يمنعك أن تأتي لإمام متقن وتقول له: اسمع لي الفاتحة هل أنا ألحن فيها؟ وهل هذا اللحن جلي أم خفي؟ لأن موضوع الصلاة وأنها لا تقبل عند الله إلا أن تقرأ الفاتحة قراءة صحيحة.
وتبث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا صَلاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) رواه البخاري (الأذان/714).
فالصلاة التي لا يقرأ فيها الإنسان بأم الكتاب صلاته باطلة، وهذا قول جماهير أهل العلم
السؤال: ما حكم إذا الإمام لم ينتصح هل نصلي في بيوتنا ونترك الصلاة في المسجد؟
الشيخ: الأخ يقول الإمام لا ينتصح وهو يلحن لحن جلي والإمام لا يقبل النصيحة ماذا نفعل؟.
الأمر الأول عليك أن تبحث عن إمام آخر، واليوم من فضل الله عز وجل علينا المساجد قريبة ليست ببعيدة هذا من أهم الأشياء، فإن تعذر الأمر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله قال صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة”. سنن أبي داود ٤٣٢ وصححه الألباني.
لا تترك الجماعة، وأنصح وأنصح وأنصح، وبإذن الله تعالى الصادق يجد حلا، ويُعيد إذا كان الإمام يقرأ بلحن جلي؛ الذي يعرف هذا اللحن الجلي الواجب عليه الإعادة ولا يتخلف عن الجماعة، ما من ثلاثة في حضر أو بدو ما تقام فيهم صلاة الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان.
والله تعالى أعلم.✍?✍?
رابط الفتوى :
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
٢١، ربيع الآخِر، ١٤٤٠ هـ
٢٨ – ١٢ – ٢٠١٨ افرنجي