السؤال الثالث: لماذا قَدَّم الله عز وجل (المال) على (البنون) في قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف : 46] ؟
الجواب: الذي لا يؤدي زكاة ماله؛ قال الله تعالى:{يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة : 35]
المال هو الذي يُسنِد الإنسان، ويجعله يتكلم في المجالس، كان الناس قديماً يحتاجون الولد في الغزو ويحتاجونه للخدمة، فالمال ألصَق من حيث الشهوة من الولد.
ولو بقي الناس على فِطَرهم؛ ًلَتَكثَّروا من الولد، وما أحبوا أن يشبعوا منه، كما يحبون المال.
[روى البخاري (6437) و مسلم (1048) عَنْ أَنَسٍ قَالَ] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ ).
هل رأيتم رجلاً مثلاً يقول: أنا عندي 10 أولاد أو خمسة أولاد، وأنا ما أشبع من الولد؟
الإجابة: لا، لا يمكن بل أنه يشبَع من الولد.
لكن المال لا يشبَع منه، والأصل في الإنسان أن يكون الولد أحب إليه من المال.
لكن واقع الناس ولأنهم يغترُّون بالدنيا؛ فبريق المال مُقدَّم على بريق الولد.
ومن اللفتات البديعات والتنبيهات المهمات: ما ذكره الإمام الألوسي- رحمه الله-في تفسير هذه الآية قال :
لو كانت الدنيا تروج بنفسها لَما التفت إليها أحد ، ولكن الدنيا لها زينة، وزينتها المال والولد، اليوم أشد فتنة: على الناس المال والنساء.
والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول :
((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)).
[أخرجه البخاري، كتاب النكاح، ب (7/ 8)، برقم: (5096)، ومسلم، كتاب الرقاق، ، (4/ 2097)، برقم: (2740).]
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(فتنة أمتي المال) .
[ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في “السلسلة الصحيحة”2 / 141.]
والشُّرَّاح يقولون: فتنة أمتي المال، يشرحونها بعبارة يسيرة جداً، وبعبارة بليغة، يقولون: فتنة أمتي المال قِلةً وكَثرةً.
يعني الفقير مفتون بفتنة المال، والغني مفتون بفتنة المال، فإذا كان المال كثيراً؛ فصاحبه مفتون، وإذا كان المال قليلاً؛ فصاحبه مفتون.
ولأن الفتنة والإبتلاء ألصَق بالإنسان؛ كان هذا الأمر.
فالله عز وجل كيف رَوَّج للدنيا ؟
أنت عندما تُروِّج للبضاعة أيها التاجر ماذا تعمل؟
الإجابة: تعمل دعايات وإعلانات.
وأعلم أن كل بضاعة فيها إعلان؛ فهي بضاعة كاسدة فاسدة، الشيء الذي يلحقه الإعلان والزينة؛ فهي بضاعة كاسدة.
فالله عز وجل رَوَّج الدنيا على الناس؛ فجعل لها زينة، فالشيء الذي يُزَيَّن هو الذي في حقيقة أمره ليس له كبير وزن، ولذا قال الألوسي في تفسير قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الكهف : 46]
يقول الألوسي: الله – عز وجل- روج للدنيا بالزينة.
الزينة التي تروج على الناس المال أم الولد أكثر وأظهر؟
الإجابة: المال، ولذا قُدِّمَ المال على الولد.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
٣، جمادى الآخرة، ١٤٤٠ هـ
٨ – ٢ – ٢٠١٩ افرنجي
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
? للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor