السؤال الأول:
أخ يقول شيخنا الحبيب حفظك الله أينما كنت، رجل من العراق له زوجتان وأراد أن يتزوج من الثالثة تم الاتفاق بين الزوج والزوجةالثالثة على أمور الزواج وحضر الشهود من أهل الزوج، لكن كانت كتابة عقد الزواج على ورقة عن طريق رجل من أهل الديانة على أن يقوم الزوج بعد ذلك بتوثيق العقد عن طريق المحكمة الشرعية في العراق، لكن لظروف خاصة منعته من الرجوع إلى العراق، وحاول أن يُوثِّقَ العقد في تركيا وما قدر على ذلك، وبعد أن دخل بهذه المرأة لعدة شهور؛ وقع بينهما خلاف وطلقها، سؤالي يا شيخ هل تعتبر هذه الورقة عقد رسمي للزواج بينهما، وهل يَقدِر هذا الزوج أن يُرجِع هذه الزوجة لِـعصمَتِه لأنه طلقها طلقة واحدة فقط؟ أرجو الإجابة؟
الجواب:
أولاً توثيق عقد الزواج، وتوثيق عقد البيع والشراء إنما هو من سُلطة أولياء الأمور، فهُم الذين سَنُّوا هذا وهذا أمر قديم.
الناس لَمَّا كانوا في خير ولَمَّا كانوا في عافية في أخلاقهم ودينهم؛ كان البيع والشراء، والزواج لا يوثَّق.
لم يكن عقود زواج، كان رجلان ثقتان يشهدان ولا يتواطئان على الكتمان، ويُشهِرون أن فلانا تزوَّجَ فلانة، ولذا جاء الشرع لإشهار النسب، ووضعَ قواعد معروفة عند أهل العلم، ألّا تتزوَّجَ المرأة إلا بعد انقضاء عِدتها، ولا تتزوج المرأة وهي حبلى، وعندما يأتيك الولد؛ تعمَل عقيقة، حتى يشيع النَّسب وحتى تشيع العلاقة بين فلان وفلان إلى آخره.
فموضوع حِل الفرج؛ له شروط شرعية منها أن يكون هناك إذن ولي الأمر، ومنها أن يشهد اثنان لا يتواطئان بالـكتمان، وأن يَمهُرَ الرجل المرأة مَهراً مُموَّلاً إلى آخره.
وإذا استوفينا الشروط الشرعية؛ فالـوطء حلال ( أي يجوز للـرجل أن يطأ هذه المرأة)، لكن أن نصنع هذا دون توثيق؛ هذا يسمى عند الفقهاء (هذا فيه افـتئات -هكذا يقول العلماء- على أولياء الأمور).
ففيه إثم محل الزواج (محل الفرج).
اليوم لا تبيع سيارة إلا بتوثيق، وما تشتري أرض إلا بتوثيق، والسبب للـتوثيق فساد ذمم الناس، اليوم يوجد توثيق للزواج وللطلاق وما شابه؛ لذا كل مَن تَزوَّج؛ وجب عليه شرعا أن يُوثِّق عَقدَهُ، كما أن مَن يبيع ويشتري أرضا أو سيارة أو شيئا ثمينا فهذا لا بد له من التوثيق، ومن لم يفعل في تنظيم شؤون أمور الناس؛ هذا يسمى عند الفقهاء فيه افتئات على أولياء الأمور.
فهذه الزوجة هي زوجته، ولكنه لم يُوثِّق العقد، نعم هو لم يوث العقد وهو آثم، لكن الزوجة هي زوجته، إن طلَّقها؛ يقع الطلاق، فإن وقع الطلاق؛ يكون الطلاق الأول هو طلاق رجعي، وفي الطلاق الرجعي لها عِدة، وفي العِدة يجوز للرجل أن يردها إليه.
إذا أراد أن يردها إليه وهي معتدة إذا كانت من ذوات الحيض بانقضاء الحيضة الثالثة؛ له أن يردها إليه، وإن ردها فيقع الرد، هو طلقها، إذا كانت في عِدتها له أن يرجعها؛ وإذا انتهت العدة فهو يطلبها، سواء وثق العقد أو لم يوثق العقد.
فمن طلق زوجته فهو في العدة أحق بها من غيره، وأما إذا انتهت العِدَّة؛ فهو يخطبها كم يخطب سائر الناس الزوجات، ولها أن تقبل ولها أن لا تقبل، إذا انتهت العدة لها أن تقول أنا اقبل ارجع ولي شروط وليس لي شروط على ما يتفقون عليه.
أما في العِدة فـيُرجعها دون إذنها، والإرجاع يكون بشهادة رجلين، يقول الرجل لزوجته أمام شاهدين: أرجعت زوجتي فـلانة إلى ذمتي (وذلك أمام اثنين)، فحينئذ تعود زوجة.
لكن كل هذه الطريقة خطأ، والأصل في الرجل أن لا يقبل أن يُزَوِّج ابنته وموَليَّتَه، وأنا أقول موَلِـيَّتَه حتى يشمل الأخت وحتى يشمل العَمة فقد تكون أنت وليا لِعَمَّتِك ولِـخالتك ولِأختك، أو أبن أختك.
الأصل في الرجل أن لا يُزوِّج ابنته أو موليته إلا مع توثيق العقد، والذي يُزَوِّج من غير توثيق العقد؛ فهو متعجل، ولعله يراوغ، فهو ترك التبعات الدنيوية من الزواج.
وهذا الزواج الذي يكون من غير عقد، الأولاد أين مصيرهم؟ وكيف تعليمهم؟ وكيف يذهبون؟ ويترحلون، ويتنقلون؟ وما شابه؟
فهذا فيه ضياع وفيه افتئات على أولياء الأمور، ومن حق أولياء الأمور أن ينظموا شؤون الناس بما يصلحهم.
ورحم الله عمر بن عبد العزيز فإنه قال: يُحدِثون فنُحدِث لهم.
الرعية والناس يُحدِثون، فـبمقدار إحداثهم نحدِث لهم ما يصلح شؤونهم، فلما رأينا الناس الآن قليلي أمانة ولا يرعوون ولا يتقون الله جل في علاه؛ فالأمراء والحكام يُحدِثون لهم ما يصلح شؤون حياتهم، فجاء وجوب توثيق العقود.
والله تعالى أعلم.
⬅ مجلس فتاوى الجمعة:
١٥، رجب، ١٤٤٠ هـ
٢٢ – ٣ – ٢٠١٩ افرنجي
↩ رابط الفتوى: http://meshhoor.com/fatwa/2868/
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍?✍?
? للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor