السؤال:
يقول السائل: الحسد بين طلبة العلم -بارك الله فيك-؟.
الجواب:
طالب العلم ينبغي أن يزكّي نفسه، وأن يترفع عن سفاسف الأمور، وطالب العلم ينبغي أن يهذب نفسه، والحسد حاصل؛ لأن الناس يحبون الرئاسة، وآخر ما يخرج من رؤوس الكبار وأولياء الله حب الرئاسة -كما يقول بعض الصالحين-.
وأسند ابن عبد البر في “جامع العلم وفضله” عن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنه- قال: (خذوا العلم حيث وجدتُم، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم في بعض؛ فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة.)
فالعلماء يتنافسون فكيف طلبة العلم؟!
ولذا: دائماً أقول لإخواني كما نقل الذهبي:
(من طلب العلم للعمل كسره العلم، وبكى على نفسه ومن طلبه للمدارس والإفتاء والفخر والرياء تحامق، واختال، وازدرى الناس، وأهلكه العجب، ومقتته الأنفس.)
(الذهبي “سيرالأعلام”١٨/ ١٩٢).
بعض طلبة العلم واضع قرنين ويناطح الناس مناطحة!، هذا طلب العلم للمناظرة وطلب العلم للمباهاة.
الذي يطلب العلم للعمل هذا المراد.
لذا قيل لبعضهم: ما عيوب فلان؟ (وذكر له بعض المشايخ).
قال: ما فرغت من أن أتخلص من عيوبي.
فالذي يبحث عن عيوبه يعرف محاسن غيره، والذي لا يبحث عن عيوبه لا يعرف حسنة لغيره.
بعض الطلبة لا يعرف حسنات أحد، ولا يتكلم إلا في عيوب الناس، عيوب المشايخ، فالذي يبحث عن عيوب نفسه يعرف محاسن غيره، والذي يبحث عن عيوب الناس بالمنقار فإن الله يهيئ له من يفضحه، ومن يبحث عن عيوبه، ومن يترصد له، هذه سنة لله عز وجل لا يمكن أن تتخلف.
لذا :
طالب العلم يطلب العلم بنية العمل.
وطالب العلم دائما يتهم نفسه.
وطالب العلم دائماً يهضم نفسه.
كما ذكرت لكم أكثر من مرة قول عائشة -وقولها في البخاريّ برقم (٢٦٦١)- قالت: (وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا، وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِيَ اللَّهُ) كما في حادثة الإفك.
فكانت قد هضمت نفسها.
فطالب العلم إن تتبع عيوب غيره فالويل له، أول ما يجني على نفسه -كما قالوا في المثل-: (إنما تجني على نفسها براقش).
هذا أول ما يجنيه على نفسه، أن الله يهيئ له من يتتبع عيوبه ومن يفضحه، فاجعل الناس في ستر، ابحث عن عيوب نفسك يا طالب العلم، واطلب العلم وأنت على نية العمل؛ حتى يكسرك العلم وحتى تتواضع.
كان أيوب السختياني -رحمه الله- يقول: (ينبغي للعالم أن يضع السكَنَ على نفسه تواضعاً لله عز وجل).
وعلّمنا بعض مشايخنا فقال: (إذا حضر الناس عندك فاعلم أن في حضورهم فضلاً منهم عليك، فلا يغرك اجتماع الناس حولك، ولا اجتماع الناس لك).
فطالب العلم ينبغي أن يُحْسِن هذه الأمور، ولا يجوز له أن يغفل عنها.
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
↩️ رابط الفتوى:
مجلس فتاوى الجمعة
25 / 12 / 2015 م
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor