[ التعفف عن السؤال ، ودرجات الصبر ]

[ التعفف عن السؤال ، ودرجات الصبر ]

قال الشيخ مشهور حسن آل سلمان حفظه الله:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ومن يَـستعفِف ؛ يُـعِفَّهُ الله ».

من يستعف ويمسك عن السؤال ؛ يرزقه الله عز وجل العفة ويجاوزه ويجازيه سبحانه وتعالى على استعفافه بصيانة وجهه وتركه لسؤال الخلق.

من يستعِـف ، من يصبر ، من يستعف ، من يطلب من نفسه العفة عن السؤال أو من يكف نفسه عن سؤال الحرام ؛ فهذا الله عز وجل هو الذي يتكفل بعطائه.

ومن يستغني بالله عما سواه ؛ يغنه الله ، يعطيه سبحانه وتعالى ما يجعله مستغنياً عن الناس ، وعن سؤال الناس ، ومن يصبر ، من يعالج نفسه بالصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا ، ويعالج نفسه على ترك الحرام ، ويعالج نفسه ويصبرها على فعل الواجب ؛ فالله جل في علاه سبحانه وتعالى يصبره على هذا الأمر.

قال الله :
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}
[البقرة : 257]

الله وليك ، فإن كان الله وليك وجاهدتَ نفسك ؛ فالله يخرجك مما تكره إلى ما يحب.

وإذا كانت في الدنيا ، وأحببت الدنيا وعطائها ؛ فالله يخرجك مما هو يكرهه إلى ما يحب.

فالله جل في علاه إن أعطاك لِـحكمة ، وإن منع عنك لِـحكمة ، فكم من فقير أحسن من غني ، كم من فقراء أحسن من جيوش من الأغنياء.

فاصبر على ما قدره الله لك ، اصبر على نفسك ، اصبر سواء فعلتَ طاعة أو الصبر على محارم الله سبحانه وتعالى.

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا قاعدة جليلة عزيزة ، أسأل الله جل في علاه أن يكون لنا النصيب الأوفر والأتم والكامل من هذه القاعدة ، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:
«ما أُعطِـي».
صيغة الفعل المبني للمجهول ، ما أعطي أحدٌ -نكرة في سياق نفي- ، والنكرة في سياق النفي للعموم ، كل الخلق ، لو أنك فحصت وصبرت.

أحسن شيء أعطيه الناس الصبر.

قال صلى الله عليه وسلم :
«وما أعطي أحدٌ من عطاء خير وأوسع من الصبر».

أحسن عطاء وأوسع عطاء من الله عز وجل للإنسان إنما هو الصبر ، وهذا يفيد العموم.

«أحد من عطاء خير» ، هذه خير إعرابها خبر لمبتدأ محذوف ، والمبتدأ المحذوف هو خير ، عند النسائي هو خير.

مسلم قال :
خير دون هو ، وهو مقدَّر ، وعند البخاري ، لفظ البخاري وما أعطي أحد عطاء خيراً.

فتكون خيراً صفة لـ عطاء ، بالنصب.

عطاء خيراً من الصبر ، فمقام الصبر أعلى المقامات ، لأنه جامع لجميع الأخلاق الحسنة ، وهو نصف الإيمان ، والصبر أصناف ، وأعلى أصناف الصبر ، وأجمل أنواع الصبر أن تصبر على طاعة الله ، ثم أن تصبر على ترك المعصية ، ثم أن تصبر على ما يلاقيك من قضاء الله وقدره.

وقال العلماء:
الصبر على فعل المأمور أحب إلى الله تعالى من الصبر على ترك المكروه.

أن تصبر على فعل المأمور ، تصبر على الطاعات التي يحبها الله ويرضاها ، وتذكر القاعدة إن صـبَّرتَ نفسك على أي طاعة من الطاعات ، قد تسهر سهراً طويلاً ، تصلي الفجر ، فالنفس تقول لك :
نم بعد الفجر ، تقول لا أصبر.

من يتصبر يصبره الله ، أي أمر عَـسِر إن أخلصتَ في نيتك وفعلته بإخلاص ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال :
يصبرك الله.

هذه قاعدة من قواعد السلوك عند المؤمن ، إن نفسه مالت إلى الترداد والضعف والخور بأن تترك واجب ، أو أن تترك سنة هو عليها أو أن تفعل محذوراً ، فيصبر ، فإن صبر ؛ فالنبي ﷺ يقول :
يصبرك الله.

ومن يتصبر يصبره الله ، هذه قاعدة عامة.

الصبر :
هو شيء جامع لكل ما يحب الله سبحانه وتعالى.

المصدر :
شرح صحيح مسلم (كتاب الزكاة : باب فضل التعفف والصبر) || جـ1 الشيخ مشهور بن حسن .✍️✍️

2025/6/19

↩ رابط الفتوى:

[ التعفف عن السؤال ، ودرجات الصبر ]

⬅ خدمة الدرر الحسان