كلمة عن وفاة الشيخ ربيع المدخلي للشيخ أبي عبيدة مشهور حسن آل سلمان]

[كلمة عن وفاة الشيخ ربيع المدخلي للشيخ أبي عبيدة مشهور حسن آل سلمان]

السؤال :
سأل أكثر الإخوة عن سؤال بمناسبة وفاة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ، ويريدون أخباراً عنه؟

الجواب:
الشيخ ربيع المدخلي أسأل الله له الرحمة والمغفرة ، كان رئيس قسم السنة النبوية في الجامعة الإسلامية ، ويفتخر بتلمذته على شيخنا الألباني رحمه الله ، وأدرك الشيخ واستفاد منه ، وعرفته وزرته أكثر من مرة ، بل زرته في أول حجة لي ، أو في أوائل الحجج لي ، سنة 1996 ميلادي ، وبت عنده ليلة ، وبقينا في جدال ونقاش من بعد العشاء إلى الفجر والكلام يذهب ويجيء ويتقطع إلى آخره.

وكنت مع إخوة من الأفاضل من أهل الأردن ، وكان معنا أخونا الشيخ علي الحلبي.

والشيخ ربيع أخطأ فيه اثنان من الناس ، أخطأ فيه من غالى فيه ، وأخطأ فيه من أبغضه بغضه وجعله عدواً للإسلام والسنة ، فهذا مخطئ وهذا مخطئ.

الشيخ ربيع متعجل ، ووصفه بهذا شيخنا الألباني ، ووجدت هذا الوصف دقيقاً ، وظهر هذا في مجلسه لما سئل عن النووي ، وجرى كلام للنووي ؟

فقال:
النووي يثبت العلو في حديث الجارية في صحيح مسلم ، حديث معاوية بن حكم السلمي ، لما سألها النبي صلى الله عليه وسلم:
أين الله؟
قالت في السماء.

وكنت في ذاك الوقت حديث عهد في تدريسه في شرح صحيح مسلم ، فقلت للشيخ :
لا يقول هذا النووي ، وهو في مسلم كما قلت في الصحيح ولكن هو لا يقول بعلو الله ، لا يقول بذلك.

فقال :
إذا كان لا يقول بعلو الله ؛ فهذا كافر!
قلت أعوذ بالله ، هذه عجلة ليست محمودة ، وهذه العجلة وقعت معه في مجموعة من إخواني المشايخ ، سواء أخونا الشيخ علي الحلبي ، أسأل الله لهم الرحمة ، وأخونا الشيخ المغراوي محمد عبد الرحمن المغراوي المغربي ، والشيخ عدنان عرعور ، والشيخ أبو الحسن السليماني.

وسَـلَّطَ الشيخ ربيع على السلفيين المعروفين خارج المملكة العربية السعودية ، وحاربهم محاربة شديدة ، وظلمهم ، وقال عنهم أشياء لا يقولها طالب العلم المبتدئ.

غير ممكن سلفي يقول :
اشتِم الصحابة مثلاً !
غير ممكن.

فالسلفي في موضوع تعظيم الصحابة أمر بديهي عنده ، أما أن تقول أنه يشتم الصحابة، انتبه انتبه ثم انتبه!
حتى تستفيد فائدة أنا لا أريد الشيخ ربيع رحمه الله ، أسأل الله أن يرحمه ويتجاوز عنه ، اللهم إنه قد أقبل إليك وهو محتاج إلى رحمتك ، اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته ، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته.

يُؤخَـذ بلازم الكلام ، تأخذ كلمة لفلان ، فيقول لك:
لازمها أنك تفعل كذا !

الردود التي ظهرت في العقدين الأخيرين لا سيما بين السلفيين هي ردود باللوازم ، إيش اللوازم؟
قلت يا جماعة اتقوا الله في أهل غزة ، عُـزَّل ماتوا جوعاً ؛ فيقولون أنت حماس ، أنت إخوان مسلمين !

أعوذ بالله ، أعجبني كلام أخ في الكويت ، يقول الشيخ ربيع كالأب ، أخطأ ابنه فضربه ، فالابن قال يا أبوي تبت ، خلاص تبت ، فقال : لا أقبل توبتك ، لا أقبل توبتك ، يا أبوي تبت اعفو عني ، تبت .

أنا سمعت في بيتي أخونا الشيخ أبو الحسن السليماني ، يقول انا مستعد أن أكتب رسالة للشيخ ربيع ، وأذكر أني تبت على أنها فعل ماضي وفعل مضارع وفعل أمر ومصدر ، والمصدر أنصبه تارة ، وأرفعه تارة ، وأجرُّه تارة ، وأنوع في التوبة ، لكن هل الشيخ ربيع يقبل ؟!

فهذا الأخ الكويتي يقول الشيخ ربيع مثل الأب ، أخطأ الولد ضربه ، يا أبوي تبت ، يبقى يضرب به حتى يموت.

هذا المثل للأسف موجود ، لكن أن يقال أن الشيخ ربيع ليس بسنِّي!
هذا خطأ ، وهل ظلم بعض الناس ؟ نعم ظلم .
أسأل الله أن يعفو عنه وأسأل الله أن يغفر له.

فالشيخ ربيع من أهل الحديث ، والذي يقوم في نفسي أن الشيخ ربيع غيور على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه أوتي من تصديق الذي يأتيه بالخبر لأول مرة ، فيتعجل في قبول الأخبار ، والواجب علينا كما ذكر الله في سورة (ص) ، قال تعالى:
{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)} [ص : 21-24]

والقصه الظاهر أنها على ما هي عليه ، دخل عليه رجلان وحده عنده 99 نعجة ، والآخر عنده نعجة ، فقال لقد ظلمك ، فانتبه داود أنه حكم دون أن يسمع من الآخر.
{.. وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)} ص.

وكان عمر بن عبد العزيز كما في مصنف عبد الرزاق يقول إذا جاءك خصم ، وقد قلعت عيناه ؛ فلا تقضي له حتى تسمع من خصمه فلعله قلعت له أربعة أعين وليس عينين ، وإنما أربعة.

فالأصل الإنسان لا يتعجل ، الأصل في الإنسان إنسان حتى لا يشطط في الحكم ، قال تعالى:
{إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ} [ص : 22]

فلا تشطط في الحكم اسمع الطرفين ، فكان الشيخ ربيع يتكلم على بعض الإخوة على نحو ما يسمع ، ومن حوله الله أعلم بأحوالهم.

فالكلام عن الشيخ ربيع كثير والسعيد من أمسك لسانه وهذه العمومات نقولها حتى نتربى ، وحتى ندرك آثار الكلام عن فلان وعلان.

يا ليت الكلمات عن بعض المشايخ ، الشيخ علي الحلبي ، الشيخ أبو الحسن وغيرهما ؛ يا ليت لا نسمعها ، فوالله لو لم تكن تتردد إلى هذا الوقت ؛ لما قلت الذي قلت.

فأنا قلت هذا الكلام بمثل هذه المناسبة ، والمرجو من الله عز وجل أن يكون هذا من اجتهاد منه ، فهو لا يريد إلا الخير إن شاء الله تعالى.

فلا تنشغلوا بالكلام وتفريع الكلام ، وبلغني أن كلمات كثيرة في وسائل التواصل مدحاً أو قدحاً ، الشيخ ربيع المدخلي عالم من علماء الأمة ، أخطأ فيه من وضعه فوق منزلته وأخطأ فيه من أنزله دون منزلته ، الشيخ ربيع يؤخذ منه ويرد.

فكل من زعم أن كل كلام للشيخ ربيع يؤخذ ومعصوم ؛ مخطئ ، وكل من زعم أنه الشيخ ربيع ليس محباً للسنة ولا يحب السنة ولا يدافع عنها ؛ مخطئ ، ولو أن الناس منذ البدايات عاملوا الشيخ ربيع على هذا الحال ؛ لهدأ الخطب ، ولظهر الحق.

الناس غلاة والناس لما يصبح بينهم تواصي في المدح أو الذم ؛ يقع الطغيان ، كما قال الله عز وجل:
{أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات : 53]

فإذا صار في تواصي ؛ صار هناك طغيان ، كثير من طلبة العلم عندهم طغيان في الشيخ ربيع المدخلي رحمه الله ، والطغيان بقسميه في الغلو وفي المدح ، بعض الناس يقول الشيخ ربيع معصوم!
أنا سمعت بعض الناس يقول الشيخ ربيع معصوم ، من أين العصمة؟!

النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
«كل ابن آدم خطاء».
يقولون : لا ، معصوم المنهج ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كل ابن آدم خطاء.
في كل شيء يخطئ الإنسان ، وبعض الناس يعتبر الشيخ ربيع زنديق ، وبعضهم يأبى أن يترحم عليه ، فهذا غلو وهذا مذموم وذاك مذموم ، ولعلنا نرجع إلى أصولنا التي تعلمناها من مشايخنا ، أننا نحاكم الأقوال بالدلائل لا بالقائل.

لا تحاكم أحداً لأن فلاناً قال ، وإنما حاكم الأقوال بالأدلة ، نحاكم الناس بالدلائل لا بالقائل.

فالقائل معرض للصواب والخطأ ، فرحم الله الشيخ ربيع ، وأسأل الله عز وجل أن يجيرنا في مصيبتنا ، وأن يخلفنا خيراً منها ، هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

البث المباشر لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.

المصدر:
البث المباشر لدرس شيخنا شرح صحيح مسلم – فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
القناة الرسمية على يوتيوب.
بتاريخ :
هجري 15 محرم 1447.
ميلادي 10 يوليو 2025.✍️✍️

رابط الفتوى في الموقع الرسمي:

كلمة عن وفاة الشيخ ربيع المدخلي للشيخ أبي عبيدة مشهور حسن آل سلمان]