[سبب البأس الشديد في الأمة هو الحكم بغير ما أنزل الله ]
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«سألتُ ربي ثلاثًا ، فأعطاني اثنتينِ ، ومنعني واحدةً ؛ سألتُ ربي أنْ لا يُهْلِكَ أمتي بالسَنَةِ ، فأعطانيها ، وسألتُهُ أن لَّا يُهْلِكَ أمتي بالغرَقِ ، فأعطانِيها ، وسألْتُهُ أن لَّا يَجْعَلَ بأسَهم بينَهم ، فمنَعَنِيها».
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 3593
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية -شمال المدينة- حتى إذا مر بمسجد بني معاوية فدخل، فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه دعاءً طويلًا ثم انصرف إلينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “سألت ربي فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة”، قال: “سألت ربي لأمتي ثلاث دعوات، فالله جل في علاه أعطاني اثنتين ومنعني الثالثة”، انتبه سأسمعك الاثنتين والواحدة، وأسألك سؤالًا، والمرجو منكم -وكلكم فطناء وطلبة علم وأذكياء- أسمع منكم الجواب.
والسؤال مهم، وكثير من الناس يتشككون فيه، اسمعوا ماذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه لأمته ، وما هي الخصلتان اللتان أعطاهما الله تعالى لأمته وما هي الخصلة التي منعها إياه، قال: “سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها”.
لا يوجد زلزال أو مجاعة أو أي سنة من سنن الله عامة تهلك الأمة بتمامها، لا، هذا قد أعطانيه، مطمئنون لهذا، هذه الأولى.
الثانية: “قال وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها”:
غرق يغرق الأمة مثل ما حصل مع نوح عليه السلام، هذا لا يكون، هذه الثانية التي أعطانيها.
قال صلى الله عليه وسلم:
“وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم شديدًا فمنعنيها”.
البأس، بأس أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيما بينهم، ايش؟ شديد، بأسهم بينهم شديد، هذا أعطاها الله لنبيه أم منعها؟ منعها.
طيب أقرب لكم الجواب، كيف أقرب الجواب وأنا ما سألت السؤال بعد؟
هل الحكام كفار؟ الحكام الذين يحكمون المسلمين هل هم كفار؟ طيب أقرب لكم الجواب واسمع منكم الجواب، ثبت من حديث عبد الله بن عمر في سنن ابن ماجه و شعب الإيمان للبيهقي قال: “يا معشر المهاجرين خمس إن تدركوهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن”.
وذكر خمسة أشياء، الذي يهمني من هذه الخمسة قوله صلى الله عليه وسلم:
“وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا جعل بأسهم بينهم شديدًا”.
هل النبي ﷺ يعلم أن الحكام في آخر الزمان -حكام أمته- سيحكمون بغير ما أنزل الله؟ يعلم أو لا يعلم؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “وسألت ربي ألا يجعل بأسهم بينهم شديدًا فمنعنيها”، طيب ما هو سبب البأس الشديد؟
قال: “وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا جعل بأسهم بينهم شديدًا”.
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الحكام سيحكمون بغير ما أنزل الله؟ نعم، كيف يعلم؟ لازم قوله: “فمنعنيها”، لأن سبب البأس الشديد هو الحكم بغير ما أنزل الله، فسأل ربه ألا يجعل بأسهم بينهم شديدًا فمنعنيها، فإذاً كان النبي ﷺ يعلم أن الحكام في آخر الزمان -حكام المسلمين- سيحكمون بغير ما أنزل الله، وسكت عن تكفيرهم ، قال:
«يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم».
المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 7978
الخطاب للمهاجرين ، يا معشر المهاجرين ، ولذا قلت لكم أن الانشغال بتكفير الحكام لا يقدم ولا يؤخر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، انشغلوا بالعلم الشرعي الصحيح، ننشغل بتعليم الناس دين الله سبحانه وتعالى، ولا ننشغل بالذي يصنعه بعض المتحمسين الذين لا يعرفون جل أحكام الشريعة، فالواجب علينا أن نتعلم أحكام ديننا، فربنا يُعلم نبينا صلى الله عليه وسلم، ربنا أخبره أن البأس الشديد موجود، وسبب البأس الشديد هو الحكم بغير ما أنزل الله، والنبي ﷺ سكت.
فالشاهد الأصل أن ننشغل بالأحاديث الصحيحة الصريحة في هذه الأمة.
المصدر:
الدورة الشرعية الثالثة للدعاة في اندونيسيا – منهج السلف في التعامل مع الفتن – المحاضرة الثانية.
تاريخ:
29 جمادى الآخرة 1446 هـ
30 ديسمبر 2024 م✍️✍️
◀️ الرابط في الموقع الرسمي :