[عاش شيخنا الألباني لمشروع “تقريب السُنَّة بين يدي الأمة” ]
قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله:
أولًا، أعتذر عن تقصيري، بدايةً، عن الإحاطة والإلمام بالحديث والكلام عن شيخنا الإمام (الألباني رحمه الله) ، ولكن هذا واجب قصَّر فيه تلاميذه، وودي أن هذا المركز المبارك يقيم مؤتمرًا عالميًّا يُدعى إليه تلاميذ الشيخ وأحبابه من سائر أنحاء الدنيا، ويُغطى موضوع الشيخ رحمه الله مع المنهجية في منهجية الشيخ في التصحيح والتضعيف، والتوحيد، والفقه، والأصول، وما شابه.
المواقف المؤثرة كثيرة، ولكن لا بد من بداية مهمة، لا بد أن نعلم أن الدعوة السلفية بإيجاز هي الدين النقي الذي أنزله الله تعالى على قلب النبي ﷺ، والدعوة السلفية ليست حزبًا يُنتسَب إليه، وليست اسمًا ورسمًا، إنما هي حقيقة ينبغي أن تُعاش في الجلوة والخلوة، في الظاهر والباطن، شيخنا رحمه الله كما هو معلوم انشغل بعلم الحديث، وعاش المشروع الذي سماه: “تقريب السُنَّة بين يدي الأمة”، فصَبَغ تلاميذه وأحبابه بصبغة الانشغال بعلم الحديث، والتخريج، والتصحيح والتضعيف.
والدعوة السلفية ليست مقتصرة على هذا الفن، وعلى هذا النوع، فالدعوة السلفية كما أسلفت هي الإسلام الصافي النقي الذي أنزله الله على قلب النبي ﷺ، فَتسعُ العامي وغير المتخصص، بل تَسَـعُ طالب العلم غير النبيه، ولا النبيل، ولا الموسوعي، والذي ليس عنده وقت ليتفرغ لطلب العلم.
فمن رام واجتهد أن ينتسب للسلف الصالح، وأن يفهم دين الله الذي شاء الله أن يكتمل، وأن يكون في واقع الحياة، فمَن اكَتسب ففَهِم الدين على أنه أمر عملي على الوجه الذي طبقه أصحاب النبي ﷺ، والقرون المزكاة على لسان رسول الله ﷺ ، فهو سلفي، والأمر بينه وبين الله عز وجل.
شيخنا الألباني رحمه الله ، ولد في ألبانيا، قامت الثورة الشيوعية وكانت هناك مضايقة شديدة، ذكر في السلسلة الصحيحة أنه رحل إلى الشام، وأن الله رفق به، وكان من أحسن حسنات والده عليه، أن رحل إلى الشام، بلد مبارك، ثم نشأ يتعلم دين الله عز وجل، عاش في بيئة متعصبة للمذهب الحنفي، حتى إن والده رحمه الله كان فقيهًا حنفيًّا متعصبًا.
كان يرى في فترة من الفترات أن الذي يَحشو ضِرسًا، فإن الجنابة لا تسقط عنه، ويبقى جُنُبًا إلى يوم الدين حتى ينزع حشوة الضرس!
وتعب شيخنا رحمه الله، وهو يناقش أباه حتى أقنعه وهو صغير، بَعد لم يَنبُغ ولم يَشتهر في العلم، شعر الشيخ منذ البدايات بالحاجة إلى العلم الصافي البعيد عن التعصب والتمذهُب ، وجعل الأحكام الشرعية -كتاباً وسُنَّةً- تحيا بسماتها، ومن أهم سمات النصوص الشرعية:
الحاكمية، كما في قوله تعالى: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” [يوسف: 40].
الدين القيِّم هذا هو ، إن الحكم إلا لله، وألا تَعبَد إلا الله عز وجل، ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أقول :
نشأ الشيخ في بيئة فيها صوفية ، فيها تَمَذْهُب شديد، إذا التقى العامي بالعامي في تلك الفترة سأل الرجل أخاه: مَن شيخك وما هي طريقتك؟
ومَن أراد أن يعرف كيف ضحى الشيخ وكيف تعب، فلو أنه عاش أيامًا قليلات في تلك الحارة التي عاش فيها الشيخ في دمشق، لَعِلَم كم كان الشيخ رحمه الله تعالى يعاني في تلك البيئة في نَشر الحكم، أو في نشر الدين الصافي القائم على الأدلة.
العلماء جميعًا نحترمهم، ولكننا لا نُقدِّسهم ، ولا نرى العصمة لأحد، فالشيخ بدأ هكذا، وفصَّل كما تعلمون في أصل صفة صلاة النبي ﷺ في هذا الأمر.
فالشيخ مُعظِّم للدليل، حريص كل الحرص على إحياء سنة النبي ﷺ.
تذكَّـر مقولة قتيبة بن سعيد البلخي التي أخرجها بإسناد صحيح ، ابن الأعرابي في مُعجَمِه، قال:
“مات سفيان -أي الثوري- فمات بالورع، ومات الشافعي فماتت السُنن، ومات أحمد فظهرت البِـدَع”.
ومات شيخنا رحمه الله، وظهرت الفتن ولا سيما تلك الخلافات الشديدة، وتبَعثُر الصف في الذي ينتسب للسلف، وبمساعدة الإعلام المُجرم في تقسيم السلفية إلى سلفية جهادية، وسلفية…..، إلى آخره من المسميات المعلومة.
السلفية مَحضَن تربوي، عقدي فقهي، دين صافٍ مُنزَّل على قلب النبي ﷺ، ليست نِسبةً لشخص، وليست نِسبةً لأحد، كان شيخنا رحمه الله دائمًا يقول:
“لسنا بأحمديين، ولسنا بتَيميِّين، ولسنا بألبانيين، ولو جازت النسبة لأحد لكنا محمديين”.
المصدر:
مواقف من حياة الشيخ الالباني الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان في دورة الامام الالباني التأصيل 2014.
التاريخ:
16 يناير 2015 م
يوافق تاريخ 25 ربيع الأول 1436 هـ✍️✍️
◀️ الرابط في الموقع الرسمي :
