السؤال:
أخٌ يسأل والظاهر أنه تاجر، أحد التّجار اشترى بضاعةً عَينِيَّةً لِأَجَل، بمبلغٍ، لِنَقُل -مثلاً-: دينار، وباعها بمبلغِ ثمانينَ قرشًا، هل هذا رِبَا؟ و المُشتري مِنهُ هَل عَليهِ ذَنب؟
الجواب:
إِن بَاعها بِثمانين قرشًا نَقدًا، لِنفسِ مَن بَاعَهُ، فهذا بيعُ العِينَة، تَشتَرِي مِن رَجُلٍ سلعةً بدينار نسيئةً -أَي: لِأَجَل-، ثُمَّ بَعدَ قَليل تَقولُ لَه: هذه السِّلعةُ لِي، هل تَشتَرِيها منِّي؟ (أنا ما اشتريتُها إلّا لأَبيعَها له)، فأَبيعه السِّلعة بثمانين قرشًا، ثُمّ أَعودُ إِلى بيتي و معي ثمانون قرشًا نقدًا، و ذمتي مشغولةٌ بدينار؛ هذا سمّاهُ النَّبِيُ -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-: “بيعَ العِينَة”.
و قال النَّبِيُّ -صَلّى اللهُ عَلَيهِ و سَلَّم-: (( إذا تبايعتُم بالعينةِ وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرعِ وترَكتمُ الجِهادَ سلَّطَ اللَّهُ عليْكم ذلاًّ لاَ ينزعُهُ حتّى ترجعوا إلى دينِكُم)).
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح أبي داود ٣٤٦٢ • صحيح • أخرجه أبو داود (٣٤٦٢)، والبزار (٥٨٨٧)، والطبراني في «مسند الشاميين» (٢٤١٧) •
السؤال: حتّى تَرجِعُوا إِلى مَاذا؟
الجواب: إلى دينكم.
هُناك مَذهَبَان:
– المذهبُ الأول: (مذهبٌ تَكفِيرِي)، يقول: حتى تَرجِعُوا إِلى جِهادِكُم.
– المذهب الثّاني: (مذهبٌ سلفي)،
يقول: حتى تَرجِعُوا إِلى دِينِكُم.
السَلَفيُّون يقولون: هذا كَلامُ النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-، الّذينَ يَقتَنِعُون أَنَّ الذُّلَ لا يُنزَعُ عَنَّا حتّى نَرجِع إِلى دِينِنَا، هُم مَن انشَرَحَت عُقُولُهُم و قُلُوبُهُم إِلى قَولِ الرّسول -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-، فلم يقل: (حتّى ترجعوا إلى جهادكم) بل قال: “حتّى تَرجِعُوا إِلى دِينِكُم”.
نعود لاستكمال جواب السؤال:
الصورةُ الثّانيةُ للمسألة:
أَن أَبِيعَ السِّلعةَ بثمانين قرشًا لِغَيرِ البائع الأَصلي الذي باعني، هذا بيعٌ حَلال، و الذي اشترى يَشترِي حَلالًا؛ لِأَنَّ الأَصلَ في البيعِ و الشِّراءِ الحِل، و في حديثِ سَعد بنَ أَبي وَقَّاص في صحيح البُخاري، و هو حديثٌ خطيرٌ مُجَلجِلٌ مُزَلزِلٌ يَغفَلُ عَنهُ كَثيرٌ من النَّاس، ولا سِيَما السَّائِلين؛ قولهُ -صَلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-: “إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ* رواه البخاري (7289)، ومسلم (2358).
هل من المُمكن أن يكون صاحب السؤال آثِمًا؟
هذا رجل قال: أنا أُريد أن أَشتري شيئًا بِدينار، ثمّ أبِيعه نقدًا بثمانين قرشًا، نقولُ له: ما هدفك؟
قال: لكي يصبح معي مال، ليس معي مال -الآن-.
نقول له: قال: النَّبِيُ -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم-: “لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار” صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: (1909).
ما الفرق بين لا ضَرَر و لا ضِرَار؟ الجَواب:
أي: لا ضَرَرَ تُلحِقُهُ بِنَفسِك، و لا ضِرَارَ تُلحِقُهُ بِغَيرِك.
هذا الذي اشترى السلعة بدينار، و باعها بثمانين قرشًا، أَلْحَقَ الضَرَرَ بِنفسِه، و النَّبِيُ -صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم- يقول: “لاَ ضَرَرَ”، لكن المَظاهِر الدُنيَوِيَّة الكَذَّابة الخَّداعة هذه الأَيام (فلان تاجر)، تاجر و هو يُتاجر بأموال النَّاس، تاجر ولا يَملِكُ شَيئًا، يَتَشَبَّعُ بِما لَم يُعطَ! قُل: لا أَملِك.
فَأن تَشتَري بِكَثير و تَبِيع بِقَليل و تُلْحِق ضرَرًَا بِنَفسِك، فالنَّبِيُ صلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم يقول: “لاَ ضَرَرَ”، لا يَجوزُ لَكَ أَن تُلحِقَ الضَّرَرَ بِنَفسِك.
والله تعالى أَعلَم.✍️✍️
↩️ الرابط:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان.
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor