السؤال:
أخٌ يسأل يقول أجلس بعد الفجر لطلوع الشمس، فما هو فقه هذه الجلسة، ولا سيما إن فاتتني سنة الفجر، ماذا أصنع؟
الجواب:
كان عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنه لما أضرَّ -أصابه العمى- في آخر حياته يجلس بعد الفجر إلى طلوع الشمس، فإذا فاتته صلاة سنة الفجر قضاها بعد طلوع الشمس.
الناسُ صنفان:
1 – صنفٌ يبقى جالساً بعد الفجر إلى طلوع الشمس، فإن فاتته سنة الفجر يقضيها بعد طلوع الشمس، لأن الصلاة قضاء.
2 – صنف ينقلب لعمله أو لنومه أو لغرض من أغراضه فيقضي سنة الفجر بعد الفرض.
فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الفجر إلا ركعتي سنة الفجر.
وألَّف المُحدث شيخ شيخ مشايخنا الشيخ شمس الحق العظيم آبادي كتاباً بديعاً سمّاه “إعلامُ أهل العصر في أحكام ركعتي الفجر”.
أخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن سَمُرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الفجرَ تربَّعَ في مجلسه حتى تطلعَ الشمسُ.
أخرجه مسلم (670)، وأبو داود (4850) واللفظ له، والترمذي (585)، والنسائي (1357)، وأحمد (20968).
وثبت هذا عن عدد كبير وجمّ غفير من أهل العلم ومن أهل الصلاح والتقوى على وجه فيه تواتر، أنهم كانوا يجلسون بعد الفجر ويبقون إلى طلوع الشمس، وثبت عند ابن أبي شيبة في المصنف أن عائشة رضي عنها كانت تنام بعد طلوع الشمس، تبقى مستيقظة بعد الفجر إلى طلوع الشمس.
واستنبط بعض أهل العلم ونصَّ على هذا أبو حنيفة كما في مسنده كراهية الكلام بعد الفجر، وهذا ثابت في حديث مرَّ بنا في صحيح الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود قوله.
أخرج مسلم عن أبي وائل، وأبو وائل تابعي وهو شقيق بن سلمة تابعي كوفي، لمّا انتقل ابن مسعود إلى الكوفة فكان له أصحاب ومدار أحاديث الكوفة على أصحاب عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. يقول أبو وائل: غَدَوْنَا علَى عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ يَوْمًا بَعْدَ ما صَلَّيْنَا الغَدَاةَ -العادة لا يُزار الشيخ أو العالم ولا الصديق بعد الفجر، فهو وقت عورة،لكن اضطر شقيق ابن سلمة أن يزور استاذه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود- فَسَلَّمْنَا بالبَابِ، فأذِنَ لَنَا، قالَ: فَمَكَثْنَا بالبَابِ هُنَيَّةً -فترة قصيرة- قالَ: فَخَرَجَتِ الجَارِيَةُ، فَقالَتْ: أَلَا تَدْخُلُونَ، فَدَخَلْنَا، فَإِذَا هو جَالِسٌ يُسَبِّحُ- (وهذه الجلسة تكون في المسجد وتكون في البيت وتكون في كل مكان، فهي روح المؤمن أن يجلس بعد الفجر إلى طلوع الشمس)- فَقالَ: ما مَنَعَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا وَقَدْ أُذِنَ لَكُمْ؟ فَقُلْنَا: لَا، إلَّا أنَّا ظَنَنَّا أنَّ بَعْضَ أَهْلِ البَيْتِ نَائِمٌ، قالَ: ظَنَنْتُمْ بآلِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ غَفْلَةً، قالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ يُسَبِّحُ حتَّى ظَنَّ أنَّ الشَّمْسَ قدْ طَلَعَتْ -(يعني إذا جاءك سائل فالسنة أن لا تجيبه إلا بعد طلوع الشمس، ونحن في مجلسنا هذا في مجلس ذكرٍ، ولولا أنه مجلس ذكر ما جلست هذا المجلس، أعوذ بالله أن أكون من الغافلين)- فَقالَ: يا جَارِيَةُ انْظُرِي هلْ طَلَعَتْ؟ قالَ: فَنَظَرَتْ فَإِذَا هي لَمْ تَطْلُعْ، فأقْبَلَ يُسَبِّحُ حتَّى إذَا ظَنَّ أنَّ الشَّمْسَ قدْ طَلَعَتْ، قالَ: يا جَارِيَةُ انْظُرِي هلْ طَلَعَتْ؟ فَنَظَرَتْ، فَإِذَا هي قدْ طَلَعَتْ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَقالَنَا يَومَنَا هذا، فَقالَ مَهْدِيٌّ: وَأَحْسِبُهُ قالَ، وَلَمْ يُهْلِكْنَا بذُنُوبِنَا.
صحيح مسلم (822)
هذه جلسة يا إخوة من نام عنها غافل، ولذا الإنسان إن فاتته سنة الفجر ينشغل في الجلوس، حتى من لم يصل السنة، يقضيها بعد طلوع الشمس.
ومن فقه هذه الجلسة بعد الفجر أن تبقى ولا تتحول عن مكانك وتبقى في مكانك حتى تطلع الشمس ثم تقوم فتصلي ركعتين.
وصَحَّ عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ -في رواية، حتى تكون حسناء مشرقةً- ثم صلى ركعتينِ -وفي رواية أربع ركعات- كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ ، تامَّةٍ ، تامَّةٍ.
صحيح الجامع (6346)، أخرجه الترمذي (586)، والبغوي في ((شرح السنة)) (710).
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٣ – صفر – ١٤٤٤هـ
٩ – ٩ – ٢٠٢٢م
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor