السؤال:
هل يَلزَم من عقوق الأبناء للآباء أن يكون الجزاء من جنس العمل ، وإن تاب الأبناء بعد موت الوالدين؟
الجواب:
هذا أمر ليس لك ، هذا لله ، والجزاء من جنس العمل :
قاعدة مُطَّرِدة.
لله سنة في الشرع ، ولله سنة في الكون ، فإن تُبت ولجأت إلى الله عز وجل بِصدق ، وأحسنت إلى أبويك ، وما تركت الدعاء لهما ، وعملت على وصل من يحب والداك ؛ فلعل الله عز وجل يهون عليك.
أما بر الوالدين من أهم أسباب الطاعات ، ومن أهم أسباب التوفيق في هذه الحياة.
الله يقول:
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء : 24]
(يعني مهما حَـلَّـقتَ ، وصار لك أجنحة ، وطِرت في موقعك الاجتماعي ، وفي مهنتك ، وفي كثرة المال عندك ، وأصبحت صاحب مَنصب) ؛ أمام الوالدين اخفِـض هذين الجناحين ، وتعامل مع والديك بذُل ورحمة.
كان قتادة بن دعامة السدوسي التابعي الجليل تلميذ أنس بن مالك ، كان لَمّا يجلسْ مع أمه يفتفت لها الطعام ولا يأكلُ ، وكان إذا تكلم بين يديها ؛ يَـشعر السامع أنه يتكلم بِـذُل.
فلما سُئل:
لماذا لا تأكلُ ؟
قال :أخشى أن أضع لقمة في فمي ، تشتهيها أمي فأُطعمها ولا آكل.
ولما سُـئل عن كلامه معها ، قال:
“واخفض لهما جناح الذل”.
الولد إن تكلم مع أبويه ؛ السامع يقول هذا يتكلم بِذُل.
هل هكذا حال الأبناء الآن ؟!
والله يا إخوة مات لي أبوان أسأل الله لهما الرحمة.
ما ندمت على شيء إلا على عدم إكمال برهما ، ومن أكمل البر لأبويه ؛ يَعلم.
إن كان الوالدان عندك في بيتك -وهذا الذي امتن الله عليَّ به في آخر حياتي- أن الرجل لا يستطيع ذلك إلا أن يجاهد نفسه جهادًا عظيمًا.
جاء رجل يطلب الجهاد في سبيل الله ، فقال له ﷺ أحيُّ أبواك ؟ قال :
نعم.
فقال النبي ﷺ له :
ففيهما فجاهد.
هذا الحديث مَن يفهمه ؟!
والله لو قرأت كل كتب الدنيا ، وأنت تبحث عن فقه هذا الحديث ؛ لا تفهمه إلا إن كان أبواك عندك.
عندما يكون أبواك عندك في بيتك ؛ في كل لحظة تستحضر هذا الحديث ، أن تجاهد في أبويك.
والله يقول عز وجل في كتابه:
{وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ }…
ولم يكن ؟
{..وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا} [مريم : 14]
الذي يكون عاقًا بوالديه ؛ جبار عصي.
وفي موضع آخر:
{وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم : 32]
الذي ليس بارًا بأمه ؛ كتب الله عليه الشقاء.
في الوالدين قال :
جبارًا عصيًا.
وهي معصية الله.
أما الوالدة ؛ ولم يجعلني جبارًا شقيًا.
حتى العوام يقولون :
هذا موفق في عمله ، موفق في حياته ، ببركة بِرِّه لأمه ، هذا مستنده الآية.
هذا الكلام صحيح ، ومستنده الآية :
{وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم : 32]
⬅ مجلس فتاوى الجمعة
١٨ – ربيع الأول – ١٤٤٤هـ
١٤ – ٩ – ٢٠٢٢م
↩ رابط الفتوى:
⬅ خدمة الدرر الحسان من مجالس الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان✍️✍️
📥 للاشتراك:
• واتس آب: +962-77-675-7052
• تلغرام: t.me/meshhoor